Friday 6th june,2003 11208العدد الجمعة 6 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بين عظة الماضي وتفعيل الحاضر بين عظة الماضي وتفعيل الحاضر
عبدالله سليمان الطليان/ الخرج

ما زلنا نشهد العديد من الأطروحات والآراء التي تمعن وبشدة في معالجة الواقع الحاضر بأحداث ووقائع الماضي فتنجرف نحو اجتراره بقوة اعتقاداً أنه المخلص الوحيد الذي يعالج هذا الواقع مع عدم مراعاة الاختلاف في الزمان والمكان.
نعم هناك عظات وعبر ودروس تكسب الصبر وتبعث على الأمل وتقتل روح اليأس المذموم لكنها إذا كانت في حيز التكرار ومجرد أقوال فانها ستظل ذات أثر ضئيل لا تصل إلى المبتغى وتبقى في دائرة التمني ولن تغير أو تتغلب مع المشاكل التي تحصل في عصرنا فتلك الخطب والأقوال والسرد القصصي عادة ما تصدم بالواقع الذي يحتاج إلى عمل جاد ودؤوب لا يكل ولا يمل، ونحن هنا لا نريد ترديد ذلك الخطاب ولكن تفعيله بالتطبيق فإذا كان السابقون تعاملوا مع واقعهم وفق متطلبات عصرهم من غير أن يخلوا بالقواعد الأساسية التي تحكمهم المستمدة من الدين والقيم فهذا ما يجب علينا فعله في حاضرنا آخذين في الاعتبار وبتبصر ودراية بأن ما كان في الماضي من أفعال قد لا تناسب الموقف والحدث الذي يحصل في عصرنا، ونحن هنا لو حصرنا رأينا في جانب المعاملة والسلوك والتي بحق هي الصورة الحقيقة التي تعبر عن كل واحد منا مع إدراك أنها تشملنا جماعة فمن يقع في خطأ يكون قد شوه تلك الصورة وبشكل يمس ديننا الذي يكون هو ضحية تصرف فردي.فأين المعاملة أو السلوك في وقتنا الذي يبقى يعيش على أقوال الماضي وأحداثه فقط غارقاً في الترديد والتذكير مع تجاهل أو عدم فهم أن الفعل أو الواقعة هي أشد تأثيراً فمهما أجدنا في حفظ الماضي وذكر أفعال وأقوال أصحابه وفضائلهم فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة لأن التعامل هو أساس ديننا ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين المعاملة) ولمعرفة مدى صحة هذا القول ملاحظة من يدخل في الإسلام من غير المسلمين فعندما يوجّه إليه سؤال عن ماذا اعجبك في الإسلام فإن الإجابة تكون عند الاغلبية هي التعامل المرتبط بالسلوك ولا أدري كيف يغيب هذا عن أصحاب العمل الدعوي الذي يسهبون في التركيز فقط على التذكير وترديد المواقف مع عدم توضيح المنهج الذي ينبغي أن يتبعه الفرد عند التعامل مع حاضره وبيان السلوك الذي يجب أن يتبع حيال المشكلة أو الحدث بحيث لا يجلب الضرر أو يخلق البلبلة ويقوم على التفسير العصري والحديث بعيداً عن الدخول في متاهة الماضي واختلاف المواقف.هناك بطبيعة الحال تباين نحو الكثير من القضايا التي هي مثار خلاف فتجد أنها تخضع لتفسيرات عدة ووفق اجتهاد يبنى على واقعة قد تكون غير ذات أثر لكنها أحياناً مع الأسف تسبب الوقوع في الجدال المشتت وغير المجدي الذي يوجد فجوة عميقة وتناقضاً بين طرفين يكون ضحيته الفرد غير المطلع فيصبح حائراً مع من يكون والأمر كله لا يتطلب ذلك فنرجو ألا يزداد عمقاً من أجل عدم الدخول في نقاش وحوار لا جدوى منه والتفرغ العملي في مجابهة واقعنا ومتطلباته، ونحن هنا لا نمعن في تضخيم الأمر وتكبير حجمه بل مجرد الإرشاد إلى الطريق الصحيح الذي نود أن ينتبه إليه.
هناك بوادر بدأت في الخروج عند البعض ممن انخرط في العمل الدعوي حيث أدركوا أهمية التعامل وأثره وان كانوا متأخرين فتغيَّر خطابهم عند التعرض لواقع أي مشكلة فراحوا يضربون الأمثلة على أنفسهم عند التعرض لأي حدث وقع لهم وكيف تعاملوا معه بعقلانية وحكمة كان سلوكهم وتعاملهم هو المؤثر ولم يكن طرحهم هو العامل الأبرز في عملية التغيير والمعالجة فعندما احتكوا مع الواقع رأوا أن النتائج تكون ذات أثر فعال وناجح في الوصول إلى الغاية والهدف.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved