Saturday 5th july,2003 11237العدد السبت 5 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

معركة ال بي.بي.سي والعنصرية الصهيونية معركة ال بي.بي.سي والعنصرية الصهيونية
تجنيد الصهاينة لمهاجمة الشبكة البريطانية لإرهابها

* عمان - الجزيرة - خاص:
في نهاية الأسبوع الماضي انضمت اسرائيل الى زيمبابوي كواحدة من دولتين تقاطعان اتحاد وسائل الاعلام الأكبر في العالم، ال بي.بي.سي. هذه الخطوة جاءت في اطار الاحتجاج على سياسة التغطية المنهجية المعادية، كما يقول مدير ديوان الصحافة الحكومي، داني سيمان. صحيح ان اسرائيل لم تفرط في خطوتها لدرجة إبعاد الصحفيين عن أراضيها كما حدث في زيمبابوي، ولكن هذا الاحتمال قائم حسب قول المسؤولين. في هذه المرحلة اكتفت اسرائيل بخطوات للتقييد على أنشطة الشبكة. الناطقون الرسميون لن يجروا المقابلات مع الشبكة ولن يتم اصدار بطاقات الصحافة لصحفييها، ولن يتم تقديم المساعدة لطواقمها في المناطق.
اسرائيل غضبت من البث المكرر لفيلم وثائقي «سلاح اسرائيل السري» الذي يدور حول وسائل تطوير السلاح غير الكلاسيكي في اسرائيل. وعلى حد قول سيمان، الذي تصادم خلال السنوات الأخيرة عدة مرات مع وسائل الاعلام الغربية التي تبنت وجهة النظر المناصرة للفلسطينيين، يمكن القول ان هذا الفيلم يتضمن اتهامات كاذبة ولا أساس لها، وانه حسب قوله يظهر اسرائيل كدولة جديرة بالانخراط في دول محور الشر مثل ايران والعراق. سيمان أضاف أيضا بأن الطريقة التي تتبعها ال بي.بي.سي تنطوي على اللاسامية وانها لا تراعي حساسية الشعب الذي أوشك على الإبادة.
في شهر آذار عندما عرض الفيلم لأول مرة في بريطانيا أحجمت اسرائيل عن التعليق على ذلك. أما الآن وحيث اتضح ان الشبكة تنوي بثه مرة أخرى، ولكن من خلال شبكتها العالمية «بي.بي.سي وورلد»، فقد قررت اسرائيل شن الحرب. سيمان يوضح بأن نهج الشبكة يشكل خطرا على وجود اسرائيل بسبب التشويه المنهجي الذي يوفر ذرائع للتنظيمات الارهابية لمهاجمتها.
قرار منتدى الاعلام الحكومي بمقاطعة ال بي.بي.سي هو خطوة أخرى في الصراع القوي الدائر بين اسرائيل وهذه الشبكة البريطانية. في شهر نيسان الماضي قررت شركات الكوابل عدم السماح ببث برامج ال بي.بي.سي وورلد، والسبب كان من الناحية الخارجية خلاف مالي. ولكن تم التلويح في اطار ذلك ان هناك اعتبارات سياسية أيضا خلف القرار. ال بي.بي.سي واصلت بث برامجها في البلاد بواسطة الشركة الفضائية «يس»، وبعد ذلك بفترة قصيرة تم استئناف عمليات البث.
لامبالاة
على حد قول مصادر في القطاع الاعلامي البريطاني ليس من المؤكد ان قيام اسرائيل بمقاطعة الشبكة هو خطوة حكيمة وذكية. «لشبكة ال بي.بي.سي تأثير واسع في بريطانيا، وأكثر من نصف السكان يتابعون برامجها بصورة دائمة» يقول صحافي بريطاني طلب عدم ذكر اسمه. طاقم الشبكة تلقى قرار سيمان بلامبالاة. «نحن نأسف لأن اسرائيل تشعر بأنها بحاجة لاتخاذ مثل هذه الخطوات، ونحن نقف كليا من خلف مصداقية الفيلم» يقول رئيس قسم الأخبار في الشبكة، ريتشارد سمبروك (الرجل الثاني في الشبكة بعد المدير العام، جورج دياك).
اسرائيل ليست الوحيدة التي توجد لها انتقادات ضد الشبكة. المحامي البريطاني اليهودي، تيرفر اسرسون، الشريك في مكتب المحاماة الدولي، أقام في السنة الماضية موقع انترنت وأخذ ينشر فيه تقارير متابعة لتغطيات ال بي.بي.سي في منطقة الشرق الاوسط. «ال بي.بي.سي ملزمة حسب القانون بتوخي الدقة واتباع نهج يخلو من الميول» يقول اسرسون. إلا ان هذا الالتزام قد اخترق بصورة فظة في مرات كثيرة حسب رأيه. ومن بين الخروقات التي تطرق اليها التقريران الأوليان اللذان كتبهما في موقع الانترنت، مقالة حول شخصية ياسر عرفات كانت قد بثت في شهر تموز 2002 حيث وصف خلالها «كبطل» و«مصنوع من عناصر تتولد منها الأساطير» و«صاحب شجاعة شخصية وكريزماتية». كما تحدث التقريران عن استخدام لغة تمييزية وحذف للحقائق ووجهات النظر والأحداث الجوهرية والاستخدام المضلل للصور وبث تحليلات شخصية للصحفيين والتي عبرت عن العداء لاسرائيل وحكومتها حسب رأي التقريرين.قبل أسبوعين نشر اسرسون تقريرا جديدا قارن فيه بين الطريقة التي تمت فيها تغطية الحرب في العراق - التي تضمنت احتلال السكان وعمليات انتحارية ضد جنود التحالف وتصفية كبار المسؤولين العراقيين - وبين تغطية المجابهة الاسرائيلية - الفلسطينية وعمليات جيش الدفاع في المناطق. اسرسون وجد حسب قوله تناقضا صارخا بين التقارير في كلا الحالتين. «الجنود البريطانيون يوصفون بإعجاب ودفء من خلال التضامن معهم كبشر وتفهم مصاعبهم خلال أداء المهمة. أما الجنود الاسرائيليون فيوصفون كقتلة بلا وجوه وقساة القلوب ومن دون أي فهم للظروف التي يقومون خلالها بأفعالهم».
من هو الارهابي؟
في البداية تعاملت شبكة ال بي.بي.سي مع الخطوات التي قام بها اسرسون بلغة ساخرة، سمبروك أرسل في معرض رده على تقرير اسرسون الأول الذي نشر في آذار 2002 رسالة قصيرة بعد شهر ونصف حيث رفض فيها ادعاءاته وأشار الى ان الشبكة قد تلقت شكاوى من انها تتعامل بشكل مناصر جدا لاسرائيل، وقرر بأن طريقة التغطية للصراع الاسرائيلي - الفلسطيني متوازنة وانه لا يمكن ان يتحول كل تقرير صحفي الى درس في التاريخ. الشبكة اعتقدت ان القضية ستنتهي عند هذا الحد، إلا ان التقارير نشرت في أرجاء العالم بواسطة مواقع انترنت ومجموعات متضامنة مع اسرائيل.
الجالية اليهودية في بريطانيا بدأت تتحرك، وتراكمت على طاولة ادارة الشبكة المزيد من الشكاوى والانتقادات. سمبروك عين طاقما خاصا لدراسة التقارير والرد على نتائجها. وفي نهاية عملية الفحص تلقى اسرسون تقريرا مفصلا نص في المجمل على ان الشبكة تحرص على التوازن وانها تستجيب للمعايير المحددة في رسالة الاعتماد التي خولت بها. سمبروك غضب بوجه خاص من الادعاء بأن الشبكة تقوم باستخدام مصطلح «التنظيمات الارهابية» بطريقة تمييزية. فحماس مثلا توصف كمنظمة كفاحية مع تجاهل تعريفات الولايات المتحدة وبريطانيا لها. «لسنا نعرف بوجود قانون يلزم الصحفي بوصف أشخاص معينين على انهم ارهابيون، ونحن نعرف انه لا يوجد تعريف دولي متفق عليه لمصطلح المجموعات الارهابية. ومن هنا يصعب علينا ان نستخدم هذا المصطلح الخلافي لأننا نطمح للاانحياز والدقة القصوى في اللغة التي نستخدمها» كتب سمبروك.
وعلى حد قول سمبروك، طورت ال بي.بي.سي التي تحولت الى شبكة عالمية سياسة تدعو الى تجنب إلصاق أوصاف معينة بأشخاص معينين قدر المستطاع. ولذلك أصبحت تعتبر ان استخدام المصطلحات التي تتبناها دول معينة هو مسألة خاطئة. ولذلك أصبحت تفضل استخدام لغة محايدة في الأماكن التي يوجد فيها انقسام حول الشرعية السياسية التي تستند اليها أنشطة وفعاليات معينة.
اسرسون: «هذا تصريح مثير للغضب ومذهل في نفس الوقت. ذلك لأن الدول المعينة التي يتحدث عنها سمبروك هي بريطانيا التي يقوم مواطنوها بتمويل ال بي.بي.سي والتي يضمن دستورها وجود مثل هذه الشبكة. واذا صدقنا أقوال سمبروك فان عمليات مثل قتل الشبان في ملهى ليلي والقضاء على المسنين المتقاعدين في حفل عيد الفصح في نتانيا وقتل التلاميذ وهم في طريقهم الى المدرسة، هي خطوات ذات شرعية سياسية».ومع ذلك لا يوافق اسرسون على الرأي القائل ان ما تفعله ال بي.بي.سي هو نهج لاسامي.ويعتقد ان الميول المناهضة لإسرائيل نابعة من تصورات ليبرالية ما بعد عصرية ومشوهة. والموظفون، على حد علمه، في ال بي.بي.سي يأتون غالبا من دوائر اليسار في الطبقة الوسطى وهم يعارضون الحكومات المتطرفة وطنيا مثل اسرائيل والولايات المتحدة. وهم ينتقدون المؤسسة بصورة عفوية، وكل من يقمعون الأقليات، على حد قوله.
مصادر دبلوماسية في لندن تقول بأن ال بي.بي.سي كانت سترد بصورة أكثر حدة على موقف اسرائيل في أوقات أخرى. ولكن في الفترة التي تنشغل فيها ادارة ال بي.بي.سي في معركة البقاء في مواجهة حكومة بريطانيا التي تتهمها بالتغطية المعادية والكاذبة للحرب في العراق والخطوات التي سبقتها، بسبب معارضتها للحرب. الشبكة تمر الآن في مفترق طرق ويتوقع حدوث تغيرات في أنظمة عملها، ولكن ليس واضحا أيضا ان اسرائيل ستربح من ذلك.
«المذنب» برنامج حول شارون
في السنوات الأخيرة اشتكت اسرائيل عدة مرات لإدارة ال بي.بي.سي حول بث تقارير كاذبة وتقوم بإظهارها، حسب رأيها، بصورة سلبية.
* في عام 2001 بثت هيلاري اندرسون، المراسلة الرئيسة للشبكة في القدس سابقا، تقريرا شبهت فيه قتل الأطفال الفلسطينيين من قبل اسرائيل ب«قتل الأبرياء على يد الملك هيرودوس». اسرائيل في حينه ادعت بأن هذا التشبيه مع فترة اليسوع يذكر بجريمة الدم المسيحية الشهيرة.
«المذنب»: برنامج التحقيقات الصحفية بانوراما أشار على اريئيل شارون باعتباره شخصا جديرا بالمحاكمة في محكمة جرائم الحرب الانسانية بسبب دوره في مذبحة صبرا وشاتيلا متجاهلة الأدلة التي تدحض هذا الادعاء. هذا البرنامج بث بخطوة غير اعتيادية أربع مرات خلال اسبوع واحد من اجل ضمان الحد الأقصى من المشاهدة له.
* في أيار 2001 اشترك مراسل ال بي.بي.سي في غزة، وورلد سيرفس، وفياض أبو شمالة في مناسبة نظمتها حماس، وقال بأن الصحفيين ووسائل الاعلام يقفون في الجبهة كتفا الى كتف مع الشعب الفلسطيني. الشبكة من ناحيتها قالت ان تصريحه هذا كان شخصيا.
* «سلاح اسرائيل السري»: برنامج وثائقي حول ازدواجية المعايير التي تتبعها الأسرة الدولية تجاه اسرائيل والعراق بصدد تطوير السلاح النووي. اسرائيل تدعي ان المراسلة التي أعدت التقرير عملت من دون بطاقة صحفية، وان اسرائيل قد أُظهرت في البرنامج كدولة شرطة تستخدم الحيل الخادعة، كما ادعي ان اسرائيل قد استخدمت غازا غامضا ضد الفلسطينيين من دون ان تطرح المراسلة أدلة على ذلك.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved