Saturday 5th july,2003 11237العدد السبت 5 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سلطان .. واليمن السعيد سلطان .. واليمن السعيد
بقلم: خالد المالك

بين المملكة واليمن علاقات أخوية حميمة تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وتستمد مكانتها وتناميها واستمرار توهجها من خلال وشائج القربى وعلاقة الدين واللغة والجوار المشترك، مع قواسم أخرى مشتركة من المصالح التي لا تسمح باختراق ما يسيء لهذا النوع من العلاقات الدولية المتميزة بين بلدين شقيقين.
***
بين بلاد الحرمين الشريفين وبلاد اليمن السعيد من التعاون والعلاقة الأخوية على امتداد التاريخ ما يعد مثلاً جديراً بأن يحتذى، وبخاصة حين يستخلص الآخرون النتائج التي أثمر عنها هذا النموذج الذي رسم المنحى السليم للعلاقات السعودية اليمنية، استشرافا لمستقبل تزهر فيه هذه العلاقات بأكثر مما هي عليه الآن، لتتكامل من خلالها المصالح، وليمطر كل هذا على بلدينا الشقيقين بوابل من الخير والأمن والنماء.
***
وليس هناك من سبيل آخر لتعزيز ثقة الدول ببعضها بأفضل من بناء قاعدة متينة يتكئ عليها في الحاضر والمستقبل كل ما تم إنجازه من البرامج والخطط التي تم الاتفاق عليها للوصول إلى ما يجسد النظرة المستقبلية الصحيحة لعلاقات الدول فيما بينها، وهذا ما فطنت إليه القيادة في كل من المملكة واليمن مبكراً من خلال قراءة موضوعية لمستقبل دولتينا في ظل متغيرات دولية عصفت بالكثير من الدول وغيبت شمسها وأذاقت شعوبها الويلات والمحن.
***
ولعله من المناسب أن يقف المتابع عند تلك اللحظات التاريخية التي أنهت مرحلة طويلة من الجدل الحدودي بين الدولتين الشقيقتين باتفاق أخوي تم بين القيادتين ودون تدخل من دول أخرى أو من مؤسسات دولية، وقد تم تعزيزه فيما بعد بتأييده والمصادقة عليه من المؤسسات الشورية ورئاسة مجلس الوزراء في كل من المملكة واليمن، وذلك حتى يلم هؤلاء بطبيعة العلاقات ونوع التوجه وأسلوب التفكير في إقامة وإشاعة حسن الجوار وتفعيل أسس التعاون، وبناء هذا الجدار المتين الذي استندت وتستند إليه المصالح المشتركة بين المملكة واليمن.
***
مناسبة هذا الكلام الزيارة التاريخية التي سيقوم بها اليوم سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز على رأس وفد كبير يضم سبعة عشر وزيراً وأكثر من هذا العدد من الخبراء والمستشارين، وذلك ضمن تظاهرة أخوية عميقة المعنى والدلالة على حرص المملكة على دعم الجار العزيز بكل الإمكانات التي توفر لشعب اليمن الشقيق المزيد من الرخاء والبناء، وهذا الدعم يعني فيما يعنيه أن المملكة بكل إمكاناتها وبكل ما وهبها الله من خير هي لأشقائها ولأهلها على امتداد الوطن العربي من المحيط الى الخليج، مثلما هي لأبناء المملكة العربية السعودية، هي لهم بالفعل لا بالكلام، وما هو معلن عن حجم هذا الدعم هو القليل مما قدمته المملكة لكل برامج التنمية في جميع الدول العربية دون أن يكون هناك استثناء لأي منها ما لم تكن هناك دولة أو دول ليست في حاجة إليه.
***
والعلاقات السعودية اليمنية من خلال التفكير المبكر في بلورتها على النحو الذي نراه اليوم، بداية بإنشاء مجلس للتنسيق يجتمع دورياً على أعلى المستويات، هو ما مكن البلدين أخيراً من الوصول الى صيغة مناسبة ومنصفة وعادلة لترسيم الحدود بعد سنوات من الترقب بانتظار هذه المعاهدة الأخوية التي أسدلت في مدينة جدة الستار لمرحلة قادمة ولمستقبل جديد من العلاقات بين البلدين الشقيقين.
***
غير أن ما يحسب للمملكة واليمن في ضوء المستجدات والتطورات إقليمياً ودولياً أنهما لم يسترخيا عند توقيع معاهدة جدة، كما أنهما لم يقصرا التعاون الثنائي على الجانب الاقتصادي والشراكة التجارية، وانما حرصا ضمن تواصلهما على إدراج كل المستجدات ذات التأثير على مصالحهما أو على قضايا أمنهما ضمن أولويات جدول أعمال كل اجتماع يعقد بين مسؤولي البلدين، ويأتي الأمن والإرهاب وكل ما يمس استقرار الدولتين والأمة العربية ضمن دائرة هذا الاهتمام المشترك.
***
ولهذا فمن الطبيعي ان يأخذ الإرهاب جزءاً من المباحثات السعودية اليمنية التي تبدأ اليوم ضمن الجهد الذي ينبغي بذله وتسخيره لدرء شر الإرهاب والحيلولة دون تفشيه في هذا المجتمع العربي الآمن، وهو ما يعني اعطاء التعاون الأمني مساحة أكبر ومجالاً أرحب من خلال التعاون المشترك وتبادل المعلومات وايجاد قنوات جديدة لمواجهته والتصدي له وبما يتناسب وحجم التحديات التى تواجهها دول المنطقة.
***
وفي تقديرنا، من خلال قراءة متأنية لمسيرة العلاقة السعودية اليمنية، إن زيارة سمو الأمير سلطان وإن عدت إمتداداً مبرمجاً للقاءات سابقة وقادمة متفق عليها، إلا أنها بنظرنا تعد الأهم بين سابقاتها لتزامنها مع ما يموج به العالم اليوم من مشاكل وصراعات تتمثل في نمو الإرهاب وقدرة خلاياه وعناصره على ضرب الأمن في المجتمعات وبين الدول مالم يأخذ التعاون بين الدول الحجم المطلوب لمواجهة هذا النوع من الإرهاب المنظم.
***
وربما كان من التكرار، الحديث عن النمو في حجم التبادل التجاري بما في ذلك الصادرات والواردات بين البلدين، أو التأكيد على أن هناك اتفاقات سعودية يمنية جديدة لعدد من فرص التعاون ومشاريع التنمية بتمويل سعودي، فهذه مسلمات التزمت وتلزم بها المملكة لليمن وغير اليمن ضمن توجه يقوده خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، والشراكة في المجالات الاقتصادية والتنموية بين المملكة واليمن تحديداً برنامج طويل ومتواصل كما هو معروف بمعنى أنه لم ولن يتوقف لأنَّ استمراره يصب في تحقيق الأهداف التي تسعى الدولتان لإنجازها، غير أن ما ينبغي التركيز عليه وهذا ما نتوقعه في مباحثات مجلس التنسيق في دورته الجديدة وفي اللقاءات الجانبية بين الرئيس اليمني على عبدالله صالح وسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في ضوء المتغيرات والمستجدات هو العمل على تعزيز التعاون الأمني بين بلدينا المستهدفين أمنياً بهدف تنظيف الدولتين من كل عنصر لا يريد الخير لنا.
***
إن العلاقات السعودية اليمنية بتوجهاتها وأسلوب إدارتها وبالمرتكزات التي تقوم عليها وبهذه الملامح الجميلة التي نراها، تعد واحدة من أهم العلاقات بين الدول من حيث سماتها وشمولية التعاون فيما بينها وسرعة النتائج لأعمال لجانها ومباحثاتها، وهي اليوم إذ تعزز بلقاءات على مستوى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز، انما تضيف بعداً جديداً لمسيرة الخير بين الشقيقين الكبيرين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved