Saturday 5th july,2003 11237العدد السبت 5 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قطرة وتيار قطرة وتيار
مشاعل العيسى

مهداة إلى معالي الوزير د. غازي القصيبي نهنِّئه فيها بقدوم المولودة الجديدة «الكهرباء» والتي انضمت إلى شقيقها «الماء»..
معالي الوزير..
الماء والكهرباء.. يرفضان الالتقاء
ستصبح كارثة فيما لو تم بينهما
تماس.. ولقاء..
عندي.. للوزارة مقترح
غريب.. وقاسٍ نوعاً ما
ما رأيك أن تقطع عنا الماء في النهار
وتقطع الكهرباء في المساء
هذا الامر سيجعلنا في البداية نستاء
لكن.. أتدري ماذا سنفعل في النهار؟
سنملأ الحوض الكبير بالماء..
ونضع فيه وعاء
سيكون لنا بئرا والوعاء دلوا
وأيدينا رشاء
وسنظلُّ نغرفُ منه.. لكن ليس بسخاء
أمَّا إذا قطعت عنا الكهرباء
سنعيش أحلى مساء
اقطعها عنا هذه الليلة
دعنا .. ندرب ذاكرتنا على تذكر اماكن الاشياء
دعنا.. ننام على الأسطح .. في العراء
حيث النقاء
ونرشُّ السَّطح في وقت الحرّ.. بالماء
دع اعيننا تتأمل في ملكوت الله
وتشاهد الجمال والنور والضياء
وفي الليلة الظلماء سنحظى بالبدر
وسنفتقد .. أهم الأعداء
الكهرباء.. والحاسوب.. والموجات الرعناء
دعنا.. لا نسمع بالليل الا.. صرير المساء
دعنا.. نمدد أذرعنا .. وأرجلنا في الخلاء
ونتلذذ .. بالاسترخاء
ونأخذ نفساً عميقاً من نسمات الهواء
فلقد مللنا.. وسئمنا من حياة الرخاء
نريد أن ننسى صوت الآلات الصمَّاء
نريد ان نسمع صياح الديك بصفاء
ونسأله سبحانه فضله العظيم
فلربما يدخلنا في مشيئته حينما يشاء
سنصلي الفجر بنشاط.. ونردد مع النداء
ونستقبل يومنا بنضارة وبهاء
وتدغدغنا .. أصابع الشمس الصفراء
اعيننا كل ليلة ستحلق في الفضاء
وسندعو الله لحظتها.. بأعظم الأسماء
فاطر.. بديع.. خالق هذه السماء
وسنشعر بوقع هذه الأسماء
ومن يدري فلربما هذه الليلة
تكون لقلوبنا.. يقظة وشفاء
فالفقد.. يجعلنا نشعر بقيمة الاشياء
الفقد.. يجعلك ترى النِّعم
وتحمده بكل عبارات الثناء
أتدري .. ماذا سيحدث قبل الإيواء؟!
سنتجمع .. ونتسامر.. ويكون بيننا حب وولاء
وفوق الاسطح.. سنتناول العشاء
ونلتف حول السفرة.. كلُّنا
سيذوب ما بيننا من جفاء
سنعود لعشاء من نوع آخر
طبق الفول والزيتون والجبنة البيضاء
وابريق الشاي والحليب
ونركم الخبز كي لا يبرد تمتد اليه ايدينا سواء
وسنقول.. ونحن نضحك
يا ليتنا نعود للوراء وما اجمل حياة القدماء
هاه.. ما رأيك معالي الوزير؟!
أعلم أنك ستردُّ عليَّ شعراً
هكذا هم الشعراء!!
ستقول لي بأن الالفة لا تفرق بين الظلام والنور
وان الحب ان لم يجمع الناس.. فهم في الواقع أشلاء
وان القرب قربُ القلبِ.. وما أكثر من يعيشون القرب
لكنَّهم غرباء
وستقول لي.. إن الناس ان كانوا يعيشون الموت
فالاموات لا يستمعون لنداء الأحياء
واننا.. ان لم نوجد في داخلنا التفاؤل .. فنحن تعساء
معالي الشاعر:
قد يكون في مقترحي غباء..
لكن اذا كان هذا الشيء سيجعلنا سعداء
فأنا احب هذا النوع من الغباء
واتبرأ من كل دهاء.. وذكاء..
ومن اديسون.. ومن كل العلماء
المهم.. ان اتخلص من كل بلاء
صدقني يا معالي الوزير
اننا في لحظات الهدوء والاشراق والصفاء
قد نكتشف أنفسنا
فاكتشافنا لذواتنا يفوق اكتشافات العظماء
الحقيقة تقول: اننا نتلذذ بالسعادة
اذا جاءت بعد عناء
وأن الراحة لا يجلبها سوى الشقاء
احب هذا النوع من التفكير المجرَّد.. من كل غطاء
أو ليس أقصى أمانينا أن نصبح سعداء؟!
في أي مكان.. أي مكانٍ
حتى لو كنَّا في الدهناء..
أو في الاقطاب نتجمد.. بندفات الثلج البيضاء
صدقني .. كل البرودة ستدفئها
حرارة مشاعرنا.. ودفء قلوبنا
والتي يتدفق فيها كل شيء
اقلها شأنا.. الدماء
معالي الوزير
بقي لي رجاء
أرجو ألاَّ تصدِّق أمنيتي
أمنية اختبأت خلف الخفاء..
أمنية لا تتعدى كونها.. هراء
أصدق ما فيها.. حروف الهجاء
لقد كانت أمنيتي فعلا
أن ألفِتَ نظر القراء
الى نعم الله علينا
وأنه في حالة حدوث مثل هذه الأشياء
فهذا الامر سيجعلنا نفكر في اهمية
الماء والكهرباء
وما أعطانا الله من خير وعطاء
وسيجعلنا هذا الأمر نعود للوراء
ونتذكر حياة القدماء
الخيمةَ والصحراء والوادي والبئرَ والدلاء
وصعوبة الحصول على كل الاشياء
والتَّعب والمشقة والعناء
فنحمده بعظيم الحمد والثناء
أليس كذلك يا وزير
قطرات الماء.. وتيار الكهرباء؟!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved