Saturday 9th august,2003 11272العدد السبت 11 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
البر بالوالدين
عبدالرحمن بن سعد السماري

لن أتحدث لكم عن شيء اسمه «بر الوالدين» لأنكم كلكم تعرفون حكم ذلك شرعاً.. وأنه قُرن في كتاب الله الكريم بعبادة الله تعالى.. قال الله تعالى.. {وّقّضّى" رّبٍَكّ أّلاَّ تّعًبٍدٍوا إلاَّ إيَّاهٍ وّبٌالًوّالٌدّيًنٌ إحًسّانْا}.
* ولذلك.. فالناس هنا بفضل الله.. عرف عنها.. بر الوالدين والاحسان لهما والتسابق بين الأولاد لخدمتهما والبر بهما.
* يندر هنا.. أن تجد العاق.. ذلك أن المجتمع كله مجتمع مسلم ملتزم بدينه.. كما تفرض عليه اخلاقياته وقيمه أن يكون باراً بوالديه.
* والناس هنا.. تكبر الشخص البار بوالديه.. وتحترمه وتقدره.. ويمثل مكانة كبيرة في نفوس الناس.. وتدرك أنه إنسان محترم.. ويملك علماً شرعياً وقلباً مؤمناً.
* أما العاق لوالديه.. فالكل يحتقره.. والكل يكرهه.. والكل يدرك أن شخصاً لا يحترم والديه.. لا يستحق الاحترام ولا يوثق فيه.
* هناك آيات كريمات في بر الوالدين.. وهناك أحاديث شريفة.. وهناك كتب مليئة بالحديث عن بر الوالدين.. وأن نتائج وانعكاسات هذا البر.. تظهر حتى في الدنيا.. مثلما يظهر انعكاس عقوقهما.
* في مجتمعنا.. نعرف فلاناً بأنه بار بأبيه.. فهو قريب منه.. ملازم له.. لا تشغله عنه مشاغل ولا ارتباطات عملية.. يتنقل معه.. يذهب به إلى المسجد.. يتابع شئونه وشجونه.. يتلطف في التعامل معه.. يُصغي له.. يصبر عليه إذا غضب.. يتفهم نفسيته.. يتحسس احتياجاته.. يجلس إلى جانبه حتى ينام.
* على أن هناك من يستثقل حتى مجرد إيصال والده.. أو.. والدته إلى دار الرعاية الاجتماعية.. وهناك من يُرمى أحد والديه في المستشفى لسنوات وهو لا يعرف للمستشفى طريقاً.. نسأل الله العافية.
* وهناك من تقطن والدته.. أو.. والده حوله في البيت.. ولا يزورهما.. إلا مرة كل شهر.. أو كل شهرين.. وإذا أراد الذهاب لأحدهما قال «الله.. نبي نزرق للعجوز أو العود؟!».
* تذكرت كل ذلك.. وقد وقع في نفسي مثالية أحد أصدقائي مع والدته وحبه لها وقربه منها.. وبرُّه بها.. وملازمتها لحظة بلحظة.
* صديقي العزيز ـ وليس هناك داعٍ لذكر اسمه حتى لا يساء فهم الهدف من هذا المقال ـ اشتهر بين كل الناس ببره بوالدته ورعايته لها.. حتى أنه أضحى مضرب المثل في كل ذلك.
* هو ملازم لوالدته.. لا ينفك عنها.. يعايشها لحظة بلحظة.. يتابع بنفسه شئونها وشجونها.
* ترك كل التزاماته من أجل والدته..
* الغى كل ارتباطاته من أجلها..
<. هجر العزائم والولائم والمناسبات.. واستقر بجوار والدته.. عندما احتاجت له.
<. وضع لها جدولاً.. لأكلها.. وشربها.. وعلاجها.. ونومها.. وتفرغ لها كأنه ممرضة أو ممرض بجانبها.
<. يتلطف لها.. ويعاملها برقة حتى لاقت وجه ربها.. راضية عنه.. تدعو له كل لحظة.
* كانت والدته تناشده أن يتركها أحياناً ويذهب «يوسع صدره» وكان يخرج ارضاءً لها.. ويجلس عند الباب خشية أن تحتاج له فجأة.. ثم يعود مبتسماً ويقول.. ذهبت إلى فلان وفلان.. وخالي أبو فلان.. وأم فلان.. كلهم يسلمون عليك.. وهو جالس خلف الباب خشية أن يداهمها المرض.
* لقد هاتفني قبل أيام بنبرة حزينة وقال «الوالدة تطلبك الحل يبوسعد»وتأثرت كثيراً.. واسترجعت وقوفه معها وبرَّه بها وقربه منها وحبها له.. ودعاءها له.. وقلت في نفسي.. «والله انك لتغبط».
* هذا الرجل.. يُبشر بالخير.. والله إنه يُبشر بالخير في الدنيا والآخرة إن شاء الله وأمثاله كثير.
* ذهبت والدته.. ولكن الرجل.. لم يترك فرصة للبر بها دون أن يستثمرها.
* بقي أن أقول.. إن صديقي.. البار بوالدته.. يمتلىء شهامة.. وكرماً.. ونبلاً.. ووفاءً.. ولا يُستغرَب منه كل ذلك وأكثر منه.
* أسأل الله تعالى.. أن يغفر لوالدته.. وأن يرحمها.. ويسكنها فسيح جناته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved