Monday 25th august,2003 11288العدد الأثنين 27 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

17/10/1390هـ - الموافق 15/12/1970م - العدد (323) 17/10/1390هـ - الموافق 15/12/1970م - العدد (323)
كل شيء عن مادة «الأميانت»

الأميانت مادة معدنية ليفية التركيب، لا تحترق ولا تفسد، وأصلها رملي زجاجي مع خليط من ماءات الكلس والمغنيزيوم وأول ما استخرجوا الأميانت سنة 1789م في كيبيك بكندا، ثم تأسس أول مصنع لانتاج الأميانت في آخر القرن الثامن عشر في فرنسا بمقاطعة النورماندي، وأصبحت مصانع الأميانت تسمى بالمغازل، لأن جهات الاستعمال الصناعي تستلزم تحويل المادة الطبيعية إلى خيوط قبل تجميعها وتركيبها حسب شتى الأشكال المطلوبة.
في سنة 1910م كان العالم أجمع يستخدم 30 ألف طن من الأميانت.
أما اليوم فهو يستهلك أربعة ملايين طن كل سنة، فإن جهات استعمال هذه المادة تكاد لا تحصى في العصر الحاضر، وتكاد مادة الأميانت تدخل في تركيب كل آلة لها صلة بالنار والحرارة، فمن آلات التدفئة إلى السيارات والبواخر والطائرات والجرارات الزراعية إلى أجهزة الراديو والتلفزيون وعصارات الفواكه، لا يستغنى عن الأميانت، ولولا هذه المادة لتعطلت صناعة الآلات الحديثة المنتشرة في عصرنا.
وقلما يعرف الناس أن هذه المادة تستعمل أيضاً في جهات لا علاقة لها بالنار والحرارة. مثال ذلك أن صناعة العزل الصوتي ومنع الضجة تعتمد على ألواح واسعة من الأميانت يلصقونها بجدران المنازل والمخابز ومقصورات تسجيل الصوت وحجرات الهاتف العمومي في الشوارع الخ..
ويستعملونها أيضاً بمثابة المصافي في مصانع تكرير المياه وعصارات الفواكه.
فوائدها لا تحصى.. ولكنها سبب السل والسرطان
من أغرب خصائص هذه المادة أنها كما قال قائل أصدق صديق للانسان وألد أعدائه أيضاً! فمنذ بدأ اكتشافها واستخدامها في أواخر القرن الثامن عشر، مات خمسون عاملاً في أول مصنع للأميانت بمقاطعة النورماندي بعد انقضاء خمسة أعوام على تأسيس تلك المصانع.
وقد شرَّح طبيب في ذلك العصر جثة عامل كان قد مات بالسل في مصنع غزل الأميانت، وكان قد قضى بضعة أعوام من عمره في تنجيد هذه المادة التي «تنجد» مثلما ينجد القطن فوجد الطبيب أن الموت لم يحصل عن السل بل عن تخرق الرئتين وتقرحهما اثر انسراب أجزاء من خيوط الأميانت إلى نسيج الرئتين وعاد فشرَّح جثث عشرات العمال الآخرين فانتهى إلى الملاحظة ذاتها ولذلك أصبحوا يسمون ذلك الداء «سل الأميانت» فهو سل ولكنه ليس بسل عصويات «كوخ» وإنما هو تلف الرئتين من جراء تسلل أجزاء الأميانت إليهما.
وفي سنة 1924 شرَّح طبيب بريطاني يدعى الدكتور «كوك» جثة امرأة ماتت في سن الثالثة والثلاثين بعد قضاء 13 سنة في مصنع من مصانع الأميانت فوجد في رئتيها بقايا من خيوط المادة.
لا بدمن العلم لادراك أضرار هذه المادة أنها لا تذوب ولا تبلى، ولذلك تعسر جداً معالجة الرئتين المصابتين وكل ما حصّله الطب من تقدم في هذا الشأن إنما كان في باب الوقاية لا في باب المعالجة، وقد انخفضت نسبة الميتات انخفاضاً ملحوظاً في مصانع الاميانت بعد أن جهزوا العمال بنوع من شبكة منخلية الشكل توضع على الانف والفم لمنع شظايا الأميانت من التسلل إلى الرئتين غير ان أخطر ما يذكر عن أضرار هذه المادة، هوما اكتشفه الدكتور «ريشارد دول» سنة 1955 حينما أثبت أن كل رجل إذا اشتغل في مصانع الاميانت أكثر من عشرين سنة فإنما يتعرض لسرطان الرئة، وأن نسبة التعرض للاصابة بالسرطان تفوق 11 مرة النسبة العادية في سائر المصانع.
ومن أعجب ما اكتشفوه أيضاً في أفريقيا الجنوبية أن الدكتور «تومسون» وجد أجزاء من مادة الأميانت في رئات بعض الناس ممن لم يشتغلوا قط في أي مصنع وتفسيره لهذا المظهر الغريب أن الأميانت أصبحت منتشرة في كل مكان وأن «ذرات الأميانت» أو غبارها كثيراً ما يبقى في الجو المحيط مدة طويلة فيتنشقه سكان المدن من غير علم منهم!!
فإن كل سيارة من السيارات الخاصة تحتوي مكابحها عدة طبقات من ورق الأميانت.. والحال أنه ينبغي تبديل المكابح واصلاحها أربع مرات على الاجمال قبل «موت» السيارة، وبديهي أن غبار الأميانت إنما ينبعث في محيط ركاب السيارة ويتنشقونه من غير علم فيتعرضون لسرطان الرئة، إذ لا بد من التذكير بأن أجزاء الأميانت المتسللة إلى الرئة لا تذوب مطلقاً.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved