الصراعات تزيد مساحة الخراب

في الوقت الذي تتعرض فصائل المقاومة الفلسطينية بكافة عناصرها ورموزها وقادتها إلى حرب إبادة معلنة هدد بها وينفذها فعلياً قادة وضباط الاحتلال الإسرائيلي يومياً حيث تتواصل عمليات الاغتيال للفلسطينيين حيث يطال الموت القادة الفلسطينيين وعناصر المقاومة من مقاتلين وسياسيين.
في هذا الوقت الذي أصبح فيه كل فلسطيني مهدداً بالاغتيال، أو القتل بسبب قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عمليات الاغتيال وسط التجمعات السكانية دون تفريق بين المقاتلين والمدنيين، ينشغل جناحا السلطة الوطنية الفلسطينية في صراع مفضوح على السلطة مما دفع رمزي السلطة الرئيس المنتخب ياسر عرفات، ورئيس الحكومة المعين إلى ابتكار أساليب للمناكفة ونقل الصراع على السلطة إلى أشخاص آخرين ليقوموا بالمهمة، فرئيس الحكومة الفلسطينية السيد محمود عباس «أبو مازن» يصدر أوامره بقصر تمثيل فلسطين في الاجتماعات الوزارية واللقاءات العربية على وزير الشؤون الخارجية نبيل شعث، مما يعني إلغاء دور فاروق قدومي رئيس الدائرة السياسية بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو قرار رأى فيه المتابعون والفلسطينيون بالذات، بأنه موجه لعرفات شخصياً ويستهدف تقليص دوره في توجيه السياسة الخارجية.
الرئيس عرفات لم ينتظر طويلاً ليرد اللطمة لرفيق دربه محمود عباس، فيأمر بترفيع جبريل رجوب إلى رتبة عميد ويعينه مستشاراً للأمن الداخلي مكلفاً بإعادة تنظيم الأجهزة الأمنية بما فيها الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية التي يحمل حقيبتها رئيس الحكومة ويديرها فعلياً العقيد محمد دحلان الخصم اللدود لرجوب، وهو ما يعني اشعال صراع بين المسؤولين الأمنيين اللذين لهما نفوذهما وأتباعهما داخل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وهكذا ينشط الإسرائيليون في تصفية العناصر القيادية الفلسطينية في الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة والقادة السياسيين، في حين تنشغل القيادة الفلسطينية وعلى أعلى المستويات في خوض صراع على السلطة مختصرين المهمة الوطنية والملحة في مواجهة حرب الإبادة التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالعمل على الحفاظ على نفوذهما وسيطرتهما على الأجهزة والاقتتال للحفاظ على مواقعهما من خلال توسيع دائرة الصراع وإشراك القيادات الثانوية في هذه المعركة التي حتماً ستمتد إلى أجهزة السلطة لتزيد مساحة الخراب الذي امتد إلى أجهزة السلطة في فلسطين لتقضي على ما تبقى من عمليات التدمير الإسرائيلي.