Friday 12th september,2003 11306العدد الجمعة 15 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وقفات بمناسبة العام الدراسي الجديد:(1-2) وقفات بمناسبة العام الدراسي الجديد:(1-2)
لا ينتهي دور الآباء بتأمين المستلزمات للأبناء
مهمة التربية والتعليم لا تقتصر على المدرسة .. وزيارة الأب للمدرسة تربية للأبناء

* متابعة أحمد الجردان:
منظر جميل ومشهد زاهٍ أن ترى فتى غضاً طرياً في أحسن حلةٍ، وأبهى طلعةٍ ينوء بحمل حقيبته، متأبطاً كتبه متوجهاً إلى محضن التربية ومنهل العلم ومنبع الثقافة ومأرز الدين والخير..
إنه مشهد نراه غداً حيث الآلاف تتجه زرافات ووحداناً إلى المدارس والمعاهد والجامعات، إنه منظر يسرُ الناظر لمجدِ أمته، الطموح لعز دينه ومجتمعه عند ما يرى العلم يسري في دماء شباب الأمة والجهل يتضعضع أمام نور العلم، والأمية تتراجع أمام اشراقة الفكر، إنه منظر في طريق لا يؤدي في النهاية إلا للعز والرفعة وتأمين العيش وهل أمة سادت بغير التعلم، وأعلى من ذلك وأجل: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة» رواه مسلم. وفي هذه الأيام نعيش فورة عارمة واستنفاراً للطاقات والجهود، استنفاراً في البيوت والأسواق لتأمين مستلزمات الدراسة وتسجيل الأبناء وتهيئتهم.. ولنا مع عودة الطلاب عودة ومع بداية العام الدراسي وقفة يحدثنا فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم السبر إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالعريجا بمدينة الرياض حيث خص فضيلته «الجزيرة» بذلك فقال:
أولى هذه الوقفات: دور الآباء والأولياء، وتساءل فضيلته ما هو دورك أيها الأب؟ الراعي الواعي الفاقه بمتطلبات الشباب وحقوق البنوة على الأبوة؟!
وقال السبر ونحن نرى بعض الآباء يعتقد أن دوره لايتعدى شراءالكراريس والأقلام وتسجيل الأبناء ويقول أنا انتهى دوري عند هذا الحد فأحسن اللباس ألبسته، وأحسن المدارس أدخلته، سيارة بالسائق إلى المدرسة تقله والدراهم تملأ جيبه و... و.. أظن أن دوري انتهى عند هذا الأمر؟!!، وأكد السبر مجيباً بقوله:
نعم بارك الله فيك جميل منك هذا، فهذا واجب النفقة وقد أديته بكل اقتدار وأنت مأجور على ذلك إذا احتسبت ذلك عند الله فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله» رواه مسلم. وله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك».
إنه من الخطأ أن يهتم بعض الآباء والأمهات بهذا الجانب جانب النفقة وتوفير الملبس والمأكل والمشرب وينسى الجانب الأهم وهو خدمة القلب والروح والاهتمام بالمظهر لا المخبر.
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
تعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح فاستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
والله جل وعلا يقول: {وّتّزّوَّدٍوا فّإنَّ خّيًرّ الزَّادٌ التَّقًوّى"}، ويقول جل ذكره {وّلٌبّاسٍ التّقًوّى" ذّلٌكّ خّيًرِ}.
إن مهمة التربية والتعليم والتوجيه ليست مقتصرة على المدرسة فحسب بل لكم فيها النصيب الأكبر، فأنت أيها الأب تتحمل المسؤولية الكبرى عن تعليمه وتربيته ومتابعته أوَليس الوالد مخاطباً بقول الله تعالى: {يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا قٍوا أّنفٍسّكٍمً..}، وهذه الآية أصل في تعليم الأهل والذرية، قال علي رضي الله عنه عن هذه الآية {قٍوا أّنفٍسّكٍمً} : أي: «علموهم وأدبوهم»، رواه الحاكم وصححه وقال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم، وما نهاهم عنه، ذكره ابن كثير في تفسيره وأشار فضيلته إلى أنه في غمرة مشاغل الرجل وكثرة وظائفه وارتباطاته وأعماله فهو قد يغفل عن تفريغ نفسه لتعليم أهله وولده كما أنه قد يقول قائل إن المدرسة تقوم بهذا! فيقال إن هذا لا يعني أن تُسقط التبعة عن نفسك أيها الأب وتلقي المسؤولية على كاهل المدرسة، لأن الوالد هو المربي والمؤثر والمدرس الأول ف«كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو بمجسانه».
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى بحجى
ولكن يعوده التدين أقربوه
وقال فضيلته إن المدرسة توجه وتربي لكن المدرسة لا ينام الابن فيها، ولا يجلس فيها طول الأيام! المدرس لا يؤاكله ولا ينام معه! فهل مسؤولية الصلاة عليها؟ آداب الأكل أو آداب النوم.. الخ، هذه الآداب هي التي يقوم بها الأب فعلياً لأن دور المدرس توجيهي في هذه الأمور فالأب هو المخاطب بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر»، وهو المخاطب بقوله تعالى: {$ّأًمٍرً أّهًلّكّ بٌالصَّلاةٌ $ّاصًطّبٌرً عّلّيًهّا..} الأب مطالب بتربية ابنه التربية الإسلامية وهكذا كانت تربية الجيل الأول لأولادهم. قال سعد: كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن» وفي صحيح البخاري عن عمر بن أبي سلمة قال كنت غلاماً في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصفحة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك».
إن الأب مع المدرسة صنوان وعمودان لخيمة نجاح الأبناء، والمدرسة تشتكي أباً لا يزور المدرسة ولا يحضر مجالس الآباء، بل إذا حصلت مشكلة أو أزمة لابنه مع المدرس أو مع زملائه لا يكلف نفسه أن يسأل عن ملابسات الأمر، المدرسة تشتكي أباً لا يطلع على التقارير الشهرية!!
ولا يتابع واجبات أولاده ولا يساهم في تقويمهم وتسديدهم، ونحن نقول للأب حضورك ولو مرة في الشهر مهم في تربية أبنائك لعدة أمور:
1- في ذلك تشجيع وتحفيز له على التحصيل وباعث له على التفوق، - بإذن الله -، كما أنه يشعره بالثقة والاطمئنان لقرب أبيه منه.
2- قد يكون يعاني من مشكلة أخلاقية أو نفسية أنت لا تعلمها وهذه المشكلة هي سبب في ضعف تحصيله وتقدمه فتساهم في العلاج.
3- قد يكون هنالك مشكلة صحية كضعف نطق أو نظر؟! فيساهم الأب في حلها وعلاجها.
4- الزيارة لها دور ايجابي على الابن فبعض الطلاب في المنزل يكون هادئاً مؤدباً أمام والده هيبةً وخوفاً ولكن يكون في المدرسة على النقيض فهو مزعج أمام مدرسيه وزملائه؟! ولو زار الوالد المدرسة لحل هذا التناقض والازدواجية ومنها يعرف الوالد طبيعة ولده.
ونحن نطالب الأب أن يفهم رسالة المدرس ويؤازرها لا أن يحطمها ويدمرها والحمد لله مدارسنا ملآى بالأساتذة الصالحين المربين الذين هم على قدرٍ عال من الأمانة والمسؤولية بل ويساعدون في نمو الشاب عقلياً وفكرياً ونفسياً لكننا نجد الأب ينسف هذا كله شعر أم لم يشعر.
المدرس الذي يعلم الطالب أن الغناء والدخان حرام ووالده يناقض ذلك فيرتفع صوت الغناء في منزله وسيارته، بل يجعل الابن وسيلةً لشراء الدخان؟! المدرسة تعلم الأبناء والبنات أن الخلوة حرام مع الأجنبي ووالدهم يناقض ذلك فيجعل الفتاة وهي في المرحلة المتوسطة أو الثانوية تذهب مع السائق بلا محرم والوالد يجالس الخادمة في المنزل؟! فكيف تريد للمدرسة أن تؤدي دورها وبعض الآباء يهدمون..
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
والوالد يترك مسؤولية أبنائه وبيته ويقول أهم شيء عندي أن ينجح ويكفل نفسه هو حر وتعلمه دنياه..
يا هذا أذكرك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله سائل كل رجل عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته» وقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته».
ونحن نستقبل عاماً دراسياً جديداً يجب علينا تدارك المنكرات الآتية:
أولاً: عدم الاستيقاظ لصلاة الفجر والتفريط في ذلك من قبل بعض الطلاب والطالبات، وقد ورد من الوعيد للذي يترك صلاة الفجر في وقتها ما تقشعر منه الأبدان، وتخافه القلوب المؤمنة.. وإنه لمن الأسى الاهتمام بالقيام للمدرسة والعمل وإهمال صلاة الفجر..
ثانياً: يجب على أولياء الأمور أن يتابعوا أولادهم في أثناء الدراسة وأن يحرصوا على اصطفاء الصحبة الطيبة لأولادهم وبناتهم فالمرء على دين خليله.
ثالثاً: من المنكرات التي يجب على المسلمين الاقلاع عنها ركوب الطالبة أو المعلمة مع السائق لوحدها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» فيجب على المسلم أن يتقي الله ما استطاع ويحرص على تولي أمور أهله بنفسه وإن غلب فيكون مع المرأة المحرم العاقل البالغ، ومن استعان بالله أعانه الله.
رابعاً: من المنكرات وهذا يجب أن يشدد فيها الآباء بل ويتأكد منه بنفسه عدم خروج الطالبة متعطرة إلى المدرسة، وهذا أمر قد شاع وانتشر ولا حول ولا قوة إلا بالله، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر: أن المرأة إذا استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية نسأل الله العافية.
خامساً: من المنكرات المتكررة تسكع البعض من الشباب، يتسكعون عند مدارس البنات، وهذه الظاهرة تدل على تخلف في المجتمع، وعلى غياب الرقابة، وعلى ضعف الدين والخلق، وعلى الفراغ الذي يعيشه هؤلاء الشباب إما لعدم الدراسة أو عدم الوظيفة. فيجب علينا جميعاً التعاون في ازالتها بنصح هؤلاء الجهلة وبحفظ بناتنا من التبرج وتحذيرهن باستمرار من هؤلاء، والسلامة في اصطحابهن جيئة وذهاباً للمدرسة أو تكليف أحد الأبناء البالغين بذلك بالاضافة إلى التعاون مع رجال الهيئة وفقهم الله لإزالة هذا المنكر، فهذا واجب الجميع يقول تعالى:{ )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved