Tuesday 16th september,2003 11310العدد الثلاثاء 19 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
أسر.. تصنع المجرمين..!
عبدالرحمن بن سعد السماري

يقال.. إن بعض الآباء.. وحتى اللحظة.. لا يعرف أن العام الدراسي قد بدأ.. وإن أولاده قد توجهوا إلى المدرسة.
** ويقال.. إن أحدهم.. جاء (سارياً) من الاستراحة مع شروق الشمس قبل يومين وقال «هاالبزران» وش مقَوِّمْهُم من صباح الله؟!!
** نعم.. البعض من الصغار.. أمه.. هي كل شيء.. هي التي ترعى كل شؤونه وشجونه بالتعاون مع السيد السائق.. والسيدة الخادمة.. التي لو تتعرض لِلَفْحَةْ هواء «باتَوْا الْقِوى».
** أمه.. هي التي تشتري كافة لوازمه.. وهي التي تهتم بمأكله ومشربه وتطبيبه إذا مرض..
** وهي التي تذهب به إلى المستشفى أو المستوصف.. وهي التي تتولى أمور تطعيمه.. وهي التي تشتري ملابسه.. وهي التي تعرف كافة أحواله..
** وهي التي تسجله في المدرسة.. وهي التي تراجع المدرِّسة والمدرِّسين.. وهي التي تتفقد شؤونه المدرسية.. وهي التي تتابع كل مستلزماته واحتياجاته حتى يصبح رجلاً.. أو تصبح البنت في عصمة زوج.
** أما الأب.. أو «راعي البيت»؟!! فلا يعرف شيئاً عن أولاده.. ولا يريد أن يعرف.. لا يريد أن يسمع أو يرى.. لا يريد أن يدري أي شيء عن أحوالهم..
** لا يدري في أي صف يدرس أولاده.. بل إن بعض الآباء لا يدري في أيِّ مدرسة يدرس أولاده.. وقد يتغيَّب ابنه عن المدرسة شهراً أو أكثر أو أقل وهو لا يدري.. وحتى لو علم.. لتقبل الأمر ببساطة.. المهم شلة الاستراحة.. وشلة البلوت.. وشلة المكشات.. لا يغاب منهم أحد.. حتى لو غاب أحدهم ربع ساعة.. لافتقدوه.. وهاتفوه بالجوال «سلامات.. وينك فيه.. عجِّل تعال».
** لقد بدأ أبناؤنا.. عاماً دراسياً جديداً.. وركضاً آخر في مدارسهم وسط احتياجهم لدور مهمٍّ ورئيسي من المنزل «الأب والأم».
** إن أكثر المشاكل التي تحصل للأولاد.. أو ربما للبنات في حياتهم.. يأتي غالباً من غياب دور الأسرة.. أو دور أحد الأبويْن.. ولأن دور الأب مهمٌّ للغاية.. فإن دور الأم مهما بلغ.. ومهما تكامل.. يظل ناقصاً أمام دور غائب من الأب.
** لقد أثبتت الدراسات والإحصائيات والأرقام.. أن غياب دور الأسرة وتراخي الأبويْن عن أداء رسالتهما يقف وراء العديد من المشاكل التي تحصل للأبناء.. ومنها على سبيل المثال:
** أولاً.. التورط مع «شلاَّت» غارقة في براثن المخدرات بكل أصنافها ومشاكلها وأوجاعها.. وهذا التورط.. قد لا يبدو صعباً أو بعيداً.. إذ يمكن أن يتم خلال يوم أو يومين.. من خلال صداقات مشبوهة يقع الشاب ضحيتها.. بل ربما وقع الصغير في هذا الشباك الخطير.. ليجد نفسه مصنَّفاً كمدمن خطير.. يشكل خطورة كبرى على أسرته الصغيرة.. وعلى مجتمعه وعلى الأمة.. ويتحول من طاقة فاعلة مهمَّة يحتاجها المجتمع.. إلى طاقة عكسية تفتُّ في عضد المجتمع.. فهي.. إما طاقة مشلولة.. أو طاقة مدمرة.. جاءت في الاتجاه المعاكس الضار.
** ثانياً.. التورط في «شلاَّت» منحرفين سلوكياً.. ينهجون منهم السرقات أو ارتكاب جرائم لا أخلاقية بشتى أشكالها وأصنافها.. تتبدل نفسيته.. وتتحول روحه من روح هادئة ساكنة.. إلى روح عدوانية.. ويتحول من إنسان وديع هادئ.. إلى إنسان شرس مجرم خطير يهدد أسرته ويهدد مجتمعه.. يرتكب الجرائم الخطيرة.. وكأن الأمر عادي..
** يتحول من طاقة ينتظرها المجتمع لبنائه.. إلى طاقة تُفسد المجتمع وتُدمر كيانه.. وتُدخله في دوامات خطيرة من الفساد والإفساد.. والمسألة كلها «شُلَّة خربانه» وقع فيها الشاب.. وغابت عنه الأسرة.. ولم تحتوه في الوقت المناسب.
** ثالثاً.. هناك شلل خطيرة أخرى.. مثل شلل تدفع الشباب للغلو وتُزيِّن له الاجرام وسفك الدماء وإهدار دماء الآخرين على أنه دين وجهاد وقربة إلى الله.. ولأن ذلك الشاب غض بسيط التفكير انقيادي.. فإنه يقع في الأسر بسهولة.. ويتحول إلى مجرم يمكن أن يحمل المتفجرات ويُدمر مجتمعه ويهلك أهله.. ويقتل الآلاف بذريعة الجهاد.. ولا يمكن لنا أن نقول.. إن ذلك بعيد.. فقد حصل بالفعل مع الأسف.. وضاع بعض الشباب نتيجة غياب دور الأسرة.. ونتيجة تقاعس بعض الآباء عن ملاحظة ومتابعة أبنائهم.. ولك أن تتخيل شاباً «ما بعد خط شاربه» يغاب عن أهله يومين وثلاثة وخمسة وشهراً وسنة دون أن يسأل عنه أحد.. ودون أن يُقال.. أين أنت؟ ومع من كنت؟ وماذا تعمل؟! ودون أن يُبلَّغ الجهات المعنية.. ودون أن يُتخذ أي إجراء يكفل سلامة وأمن المجتمع.
** إن رجال الأمن مهما عملوا مجتمعين.. ومهما جاهدوا.. ومهما أخلصوا.. ومهما احترقوا.. فلن يعملوا شيئاً ما دام دور الأسرة غائباً.. وما دام بعض الأسر تُخرِّج مع الأسف.. مجرمين.. نتيجة إهمال أبنائهم وتضييعهم.
** إن على الآباء.. ألا يستهينوا بهذا الغياب.. ولا يظنوا أن ذمتهم برأت بمجرد إشباع بطونهم وإسكانهم وشراء ملابس لهم.. بل إن ذلك ليس مهمَّاً.. بل المهم.. هو تربيتهم تربية سليمة صحيحة.. بعيدة عن الإفساد والفساد والانحراف والغلو وشباب السوء والانحراف.. وأهل الغواية والضياع والمجرمين واللصوص.
** نعم.. غياب دور الأسرة.. وغياب الأب بالذات.. هو الذي يصنع المجرم.. ويصنع الإجرام.. وهو الذي يقدِّم ابنه ببساطة لعصابات الإجرام.. وهو الذي أسهم بشكل مباشر.. في صنع ابنه.. مجرماً..
*** أخيراً.. ونقولها بكل صراحة.. في أكثر بيوتنا «ذُكور.. فحُول.. صْوَلَهْ» فقط.. والسلام.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved