|
|
أذكر عندما كنت طفلة، كان ابتياع زجاجة مرطبات من مقصف المدرسة يمثل لي تجربة مؤلمة وصعبة، فقد كنت أمام خيارين إما أن ألقي بنفسي في لجة الزحام وأنال ركلة من هنا ولبطة من هناك ومن ثم يهتصر جسدي بين أجساد الفتيات المتزاحمة، أو أنتظر حتى يخف الازدحام وعادة لا ينفض إلا بنهاية الفسحة وانتهاء العصير، وكثيراً ما كنت أفضل الخيارات التي تأخذني بعيداً عن الازدحام فدوماً أحس بأن الأمور التي يتجمهر حولها الناس هي أمور مبتذلة ومتاحة للجميع، أو لربما هو تعليل كنت أعلل به عجزي عن الانغمار في ذلك الازدحام الشرس، واليوم بعد سنوات عديدة كنت أدرس دبلوماً تربوياً في إحدى الكليات، وبين المحاضرات كنا نذهب لابتياع كوب من القهوة من مقصف الكلية، فنفاجأ بنفس المنظر والأسلوب القديم، وأخذت أحس بأن الزمن يمر من أمامنا ونحن متوقفون، الزمن عادة يتقدم بالبشر يحملهم إلى مواقع أكثر تقدماً على مستوى السلوكيات الانسانية والحضارية، ولكن يبدو أن الزمن الذي يفصلني عن أيام الابتدائي، والزمن الذي يفصل طالبات الكلية أيضاً، لا يندرج في الحسبان، بل هي دائرة تظل تلتف على نفسها لتعود إلى نفس مواقعها القديمة. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |