Friday 31th october,2003 11355العدد الجمعة 5 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حفظة القرآن يتمتعون بقوة ذاكرة وذكاء لماذا؟ حفظة القرآن يتمتعون بقوة ذاكرة وذكاء لماذا؟

* كتب - مندوب الجزيرة:
أثبتت إحدى الدراسات المتخصصة أن حفظة كتاب الله يتمتعون بقوة ذاكرة وذكاء حاد قلّ أن يوجد في نظرائهم من الناشئة والشباب المتعلمين، فإلى ما ترجعون ذلك؟ وكيف يمكن أن يستفاد من هؤلاء الحفظة في خدمة دينهم ووطنهم في مجالات الحياة المختلفة؟
وأكد عدد من المتخصصين أن أهل القرآن يتفضل عليهم الله تعالى بذاكرة قوية، فيما اقترح البعض تشكيل جمعية للحفظة وإنشاء موقع لهم على شبكة الانترنت، مشيرين إلى أن حافظ القرآن قلبه مطمئن، ومنشرح صدره ومتدرب على الفهم والاستنباط.. هذاالتحقيق يتناول التفاصيل التالية:
يقول الدكتور فالح بن محمد الصغير الأستاذ بكلية أصول الدين بالرياض ان من يحفظ القرآن الكريم يتمتع بقوة ذاكرة وذكاء لا نظير له في قرنائهم من الشباب، وهذه الفضيلة نرجعها إلى من وفقهم لحفظ هذا الكتاب الكريم، لأن الله سبحانه لا يوفق لحفظ كتابه الكريم إلا من اختاره من المسلمين، {وّرّبٍَكّ الخًلٍقٍ مّا يّشّاءٍ وّيّخًتّارٍ} ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولأن أهل القرآن أهل الله وخاصته، فإن الله تعالى يعطي من اختص لنفسه ما لا يعطي غيره، والله سبحانه لا يتفضل على أهل القرآن بذاكرة قوية، وذكاء حاد فحسب، بل بحكمة نيرة، وبصيرة كاملة، وفراسة نافذة، وغير ذلك من العطاءات.
تقوية الذاكرة
ويوضح الدكتور الصغير حافظ القرآن الكريم لتمرنه على حفظ كتاب الله يتعود على حفظ كل ما وقع في قلبه، ولاشك أن ذلك يساعد على تقوية ذاكرته وإذكاء فهمه للأمور المستعصية، وأيضاً فإن الله سبحانه يعصم حفظة كتاب الله من كثير من المعاصي والذنوب، ومن عصم منها فقد أوتي الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.
ومن بركة هذا القرآن العظيم أننا كم سمعنا صغاراً في السن قد فاقوا كبارهم وهم يغتبطون بهم لأجل تعلمهم القرآن الكريم، وحقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن هذا القرآن يرفع به أقواماً ويضع به آخرين» وهذا ابن عباس يقول: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم» صحيح البخاري (5035) فكان عمر رضي الله عنه يسمح له في مجلسه، بل كان يشاوره في كثير من الأمور، وهذا سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما كان يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء، فيهم أبوبكر، وعمر، وأبوسلمة، وزيد، وعامر بن ربيعة رضي الله عنهم. (صحيح البخاري 7175) وسالم في ذلك الوقت كان مولى وصغير السن، ولكن القرآن رفعه.
ويؤكد أنه يمكن الاستفادة من هؤلاء الحفظة في خدمة دينهم ووطنهم في مجالات الحياة المختلفة إذا تعاملنا معهم كما تعامل أهل السلف معهم، فلا نجعلهم أئمة مساجد يؤمون في الصلوات الخمس فحسب، وليس عندهم أي صلاحية في تصريف الأمور، وحتى أمور المساجد، بل نوكل إليهم معالي الأمور، ونشترط فيمن يتولى أي منصب أن يكون حافظا للقرآن الكريم، أو جزءا كبيرا منه، ولنا في عمر الفاروق رضي الله عنه أسوة حسنة.
وطالب الدكتور الصغير أولياء الأمورر ممن كرمهم الله بتوفيق أولادهم لحفظ كتاب الله الكريم أن يشعروا بهذه النعمة الجليلة، ويعتنوا بهم، ويعلموهم أمور دنياهم كما علموهم أمور دينهم لكي يسودوا ويعم خيرهم الأمة جميعاً، فإن الله سبحانه كما ائتمنهم في حفظ كتابه نأتمنهم في أمور الدنيا.
كثرة مدارسة القرآن وتلاوته
ويرجع الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق الأستاذ بكلية الشريعة بالرياض قوة الذاكرة للحفظة إلى عدة عوامل منها: بركة القرآن، حيث قال تعالى: {كٌتّابِ أّنزّلًنّاهٍ إلّيًكّ مٍبّارّكِ لٌَيّدَّبَّرٍوا آيّاتٌهٌ وّلٌيّتّذّكَّرّ أٍوًلٍوا الأّلًبّابٌ}، وكثرة مدارسة القرآن الكريم وتلاوته، واستشعار معاني القرآن مما يولد زاداً ثقافياً ومعرفياً لدى الحافظ، والقرآن يولد لدى الحافظ قوة التركيز على الأشياء، والقرآن يولد لدى الحافظ قوة الربط بين الأشياء، فهو يربط بني الآيات عند الحفظ مثلا، فينعكس على غير ذلك من الأمور، وانهم أهل كتاب الله، مما يولد لديهم أمانة المسؤولية، فيهتمون بالقرآن وحفظه وضبطه، فتتكون لديهم ملكة الحفظ والضبط لتنتقل إلى غيرها من الأشياء، والمداومة على تلاوة القرآن وحفظه تورث الحافظ الهدوء والسكينة مما له أبلغ الأثر لديه عند اتخاذ قراراته وقيامه بمهامه.
ويقترح الدكتور اللويحق إنه لكي نستفيد من هؤلاء يجب تشكيل جمعية للحفظة، والاستفادة من خبراتهم العملية في الحفظ والضبط، والاستفادة من توجيهاتهم في تربية النشء وربطهم بالقرآن، وإنشاء موقع للحفظة على الإنترنت، ودعم الحفظة في القيام بزيارات ميدانية للمدارس، وإعداد اللقاءات التحاورية مع المتميزين منهم.
التفوق في كل المجالات
ويؤكد الدكتور نبيل آل إسماعيل عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بالرياض أن حافظ القرآن الكريم قلبه مطمئن، ومنشرح صدره لأنه دائما يذكر الله، ويقرأ القرآن، ويردده بكثرة حتى حفظه فهذا العمل فيه مشقة مما يكون عنده مكلة قوية للحفظ ويتعود ذهنه على الحفظ، بالإضافة الى ذلك أن الحافظ يركز على الآيات المتشابهات، ويتدرب على الفهم وعملية الاستنباط مع قوة التركيز والملاحظة الدقيقة الأمر الذي يجعل حافظ القرآن الكريم يتعود على النطق الصحيح، ومعرفة الإعراب والإملاء مما يدفعه إلى التفوق في كافة المجالات العلمية.
ويقول الدكتور نبيل آل إسماعيل ان القرآن الكريم كما هو سهل وميسر لمن وفقه الله، فهو كذلك يحتاج الى جهد كبير كما قال تعالى: {إنَّا سّنٍلًقٌي عّلّيًكّ قّوًلاْ ثّقٌيلاْ} .
فالذي يتعود على هذا المشاق وهذا الجهد المستمر لحفظ القرآن الكريم يكون قد تمرن على حمل المشقة والمثابرة والمصابرة والمكابدة في التعلم، فيصبح بعدذلك قوي الهمة في طلب العلم، وفي حياته العلمية والعملية.
وكذلك فإن حافظ القرآن الكريم يعوده القرآن وتلاوته المستمرة في لزوم الطاعة، واجتناب المعاصي، ونعلم جميعاً إن الطاعات مفاتيح كل خير، وأن المعاصي سبب في كل ضيق وهمّ وغمّ، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved