Friday 31th october,2003 11355العدد الجمعة 5 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ردّاً على آل الشيخ ردّاً على آل الشيخ
هل استحواذ فئة شاذة لوسائل شرعية يقدح في شرعيتها؟

قرأت ما كتبه الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ بجريدة الجزيرة العدد 11336 بتاريخ 16 شعبان 1424هـ عن فتوى للشيخ محمد بن ابراهيم بشأن استفسار أصحاب الشاحنات عن تكوين صندوق خيري والذي جاءت اجابته كالتالي «ان اقتراح الذين اقترحوا جعل الصندوق مشروعا خيريا يحتاج الى تقييد لأنه وان كانت طرق الخير مفتوحة أمام الراغبين إلا أنه ينبغي معرفة ما وراء ذلك لئلا تكون وسيلة الى استباحة أشياء لا تجوز تحت اسم الشيء المسموح به» ومن ذلك ذهب الكاتب الى «ان العمل الخيري قد يكون ذريعة لأعمال الشر في النهاية تماما كما هو الوضع الذي نعاني منه الآن مع تمويل الارهاب بحجة العمل الخيري» وهذا استنباط غير واقعي من الكاتب لأن الدور الذي يقدمه العمل الخيري لا ينكره إلا مكابر أو حقود فقد كان وما زال ملاذا للمحتاجين والأرامل وأصحاب الحاجات يقدم لهم الغذاء والكساء والسكن ويبني الأوطان ويعمرها ولم نسمع ان العمل الخيري كان سببا في شقاء أمة من الأمم اللهم إلا في عصر القطبية الأحادية التي تسعى للي يد المؤسسات الخيرية فاتحة الطريق أمام قوى التنصير لتغزو بلاد المسلمين بخيلها وخيلائها بعد ان فشلت بالوسائل السلمية في تحقيق طموحاتها في تنصير العالم الاسلامي ثم إن فهم الكاتب يتعارض وفهم علماء الأمة لاسيما في هذه البلاد من أمثال العلامة ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وسماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ الذين يرون في العمل الخيري خيرا عظيما للأمة ولهذا كانوا يشجعونه ويتبرعون له ويدعون للقائمين عليه بالخير والبركة. إن تكلف الكاتب وحمله كلام الشيخ محمد بن ابراهيم على غير محمله ليس هناك ما يبرره سوى أنه يصب في خانة الذين يشككون في العمل الخيري ويطعنون في علماء الأمة وأرجو ألا يكون الكاتب قد وقع في مثل هذا الخطأ الفادح. ولا أدري الى ماذا يهدف الكاتب بقوله «..وأحيانا يتم تصميم السؤال. الذي ظاهره التقوى ومن ورائه الغام - بالأسلوب والطريقة وتضمين السؤال معلومة قد تؤدي بالعالم غير الفطن الى الفخ الذي يريد السائل من العالم أن يقع فيه فيتم توظيف هذه الفتوى في أمور كيدية أو سياسية بحتة لا علاقة لها بالدين» أليس في هذا الكلام تهكم على علمائنا الأمجاد وقدح في علمهم وفهمهم للواقع وأنهم يتصفون بالغفلة وعدم الادراك بمقاصد السائل. لاشك ان اطلاق مثل هذا الكلام فيه تجريح لعلمائنا ووصف لا يليق بهم وأخشى على الكاتب أن يقع في فخ أعداء الاسلام الذين يحاولون ضرب الاسلام بأيد اسلامية وإلا فلمصلحة من هذا الهجوم؟ وما الهدف منه؟ هل هو الاصلاح؟ وهل الاصلاح يكون بالانتقاص من العلماء واعطاء المبررات لأعدائنا لضربنا من الداخل؟ فالمسلم الواعي ـ الغيور على دينه وأمته - لا ينتقص من مكانة العلماء لأن الأمة تحيا بعلمائها والانتقاص منهم يعني زعزعة ثقة الأمة فيهم مما يفتح المجال لأهل الأهواء لكي يفتوا للناس فيضلوا ويضلوا وقد استغل المشركون هذا الأسلوب من قبل مع رسولنا صلى الله عليه وسلم فلم يطعنوا في الاسلام بل طعنوا في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم يعلمون يقينا أنهم ان استطاعوا ان يشوهوا صورة النبي صلى الله عليه وسلم في أذهان الناس فلن يقبلوا منه ما يقوله من الحق ولذلك قالوا ساحر وكاهن ومجنون ولكنهم فشلوا في ذلك وقد كانوا من قبل ينعتونه بالأمين والصادق والحكيم فما الذي تغير بعد الرسالة؟ ما الذي حوله الى كاهن ومجنون لاسيما أنه هو هو ولكنهم قصدوا بذلك تشويه صورته في نفوس الناس حتى يصدوا الناس عنه وعما معه من الحق وهذا نفس أسلوب المخذلين اليوم الذين يتفكهون في مجالسهم بالسخرية من العلماء والانتقاص منهم وهذه من المنزلقات الخطيرة التي تقود صاحبها الى المهالك كما قال ابن عساكر «لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة وإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب فعلماؤنا - ولله الحمد - يتمتعون بالعلم الشرعي ويدركون فقه الواقع ولهم إلمام بقضايانا الاجتماعية السياسية ولا يطعن فيهم إلا صاحب هوى أو شهوة أعيته فتاواهم ان يستوعبها وآفته من الفهم السقيم. أما قوله عن صناديق التبرعات والتي ضبط بعضها مع بعض ضعفاء النفوس أنها «انتهت الى تمويل الارهاب تحت اسم الشيء المسموح به» وهذا فهم غريب واستنباط غير موفق من الكاتب فمتى كان العمل الخيري أداة من أدوات الجريمة؟ وهل استحواذ فئة شاذة لوسائل شرعية يقدح في شرعيتها؟ فمثلا إذا وجد مع هذه الفئة كتاب الله هل نقول ان كتاب الله ينتهي الى تمويل الارهاب؟!! ثم ما هي نسبة الصناديق التي تم ضبطها بالنسبة للصناديق التي كانت بحوزة الجمعيات الخيرية واستفاد منها الآلاف من المسلمين في الداخل والخارج؟ لاشك أنها نسبة لا تذكر والشاذ لا حكم له ولهذا لا يحق للكاتب وغيره ان يبني عليها حكما ولذا أدعو الكاتب وغيره الى النظر الى الأمور بكلياتها لا بتجزئتها وأخذ ما يناسبه فقد ذم الله أقواما يأخذون من الشرع ما يوافق أهواءهم ويتركون ما يخالفها فقد توعدهم بأشد العذاب يقول تعالى: {(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85)

حجاج بن عبدالله العريني
ص.ب 69606 الرياض 11557

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved