Monday 24th november,2003 11379العدد الأثنين 29 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

زكاة الفطر زكاة الفطر
د. احمد بن عبد الله الباتلي

الحمد لله الذي بلغنا رمضان، وضاعف الحسنات لذوي الإيمان والإحسان وأصلي وأسلم على رسوله محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان. أما
بعد:
فاعلموا معشر الصائمين ان الله قد شرع لكم في ختام شهركم زكاة الفطر، وهي واجبة على الكبير والصغير والذكر والأنثى، والحر والعبد من المسلمين، قال عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما :« فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم «زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر» أو صاعاً من شعير، على العبد، والحر، والذكر، والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين». متفق عليه.
ولا تجب على الحمل الذي في البطن إلا أن يتطوَّع به فلا بأس، فقد كان أمير المؤمنين عثمان- رضي الله عنه- يخرجها عن الحمل ويجب اخراجها عن نفسه، وكذلك عمن تلزمه مؤونته من رقيق أو قريب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن انفسهم، فإن استطاعوا فالاولى ان يخرجوها عن انفسهم، لأنهم المخاطبون بها أصلاً، ولا تجب إلا على من وجدها زائدة عما يحتاجه من نفقة يوم العيد وليلته فإن لم يجد إلا أقل من صاع أخرجه لقوله تعالى «{فّاتَّقٍوا اللّهّ مّا اسًتّطّعًتٍمً}. وقول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم» متفق عليه.
ومن حكمتها الإحسان إلى الفقراء وكفهم عن السؤال في أيام العيد ليشاركوا الاغنياء في فرحهم وسرورهم ويكون عيداً للجميع.
وفيها الاتصاف بخلق الكرم وحب المواساة وفيها تطهير الصائم مما يحصل في صيامه، من نقص ولغو وإثم وفيها إظهار شكر نعمة الله بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه وفعل ما تيسر من الاعمال الصالحة فيه.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال :« فرض رسول الله صلى زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» رواه أبو داود وابن ماجة والدار قطني والحاكم وصححه.
وأما جنس الواجب في زكاة الفطر فهو طعام الآدميين من تمرٍ أو بر أو أرز، أو زبيب أو أقطٍ أو غيرها من طعام بني آدم.
ففي الصحيحين من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ، وكان الشعير يومذاك من طعامهم. كما قال أبو سعيدٍ الخدري- رضي الله عنه- كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر رواه البخاري. فلا يجزئ إخراج طعام البهائم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها طعمة للمساكين لا للبهائم.
ولا يجزئ اخراج قيمة الطعام، لأن ذلك خلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :« من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» رواه مسلم، ومعنى رد. مردود ولأن اخراج القيمة مخالف لعمل الصحابة- رضي الله عنهم- حيث كانوا يخرجونها صاعاً من طعام.
أما مقدار الفطرة فهو صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ووزنه كيلوان وأربعون غراماً.
ووقت وجوب الفطرة غروب الشمس ليلة العيد فمن كان من أهل الوجوب حينذاك وجبت عليه وإلا فلا.
وأما زمن دفعها فله وقتان: وقت فضيلة ووقت جواز.
وأما وقت الفضيلة: فهو صباح العيد قبل الصلاة لما في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: كنا نخرج في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام، وفيه أيضاً من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر ان تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، رواه مسلم وغيره، ولذلك كان من الافضل تأخير صلاة العيد يوم الفطر ليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر.
وأما وقت الجواز: فهو قبل العيد بيوم أو يومين، ففي صحيح البخاري عن نافع قال: كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير حتى إنه كان يعطي عن بني وكان يعطيها الذين يقبلونها وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين.
ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد فإن أخرها عن صلاة العيد بلا عذر لم تقبل منه، لأنه خلاف ما أمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد سبق من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- ان من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
وأما مكان دفعها فتدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه وقت الإخراج سواءً كان محل إقامته أو غيره من بلاد المسلمين ولاسيما ان كان مكاناً فاضلاً كمكة والمدينة أو فقراؤه أشد حاجة، فإن كان في بلدٍ ليس فيه من يدفع إليه أو كان لا يعرف المستحقين فيه وَكَّلَ من يدفعها عنه في مكانٍ فيه مستحق.
والمستحقون لزكاة الفطر هم الفقراء ومن عليهم ديون لا يستطيعون وفاءها فيعطون منها بقدر حاجتهم، ويجوز توزيع الفطرة على أكثر من فقيرٍ ويجوز دفع عددٍ من الفطر إلى مسكينٍ واحدٍ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّر الواجب ولم يقدِّر من يدفع اليه، وعلى هذا لو جمع جماعة فطرهم في وعاء واحد بعد كَيْلها وصاروا يدفعون منه بلا كيل ثان أجزأهم ذلك.
ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة من شخصٍ أن يدفعها عن نفسه أو أحد من عائلته إذا كالها أو أخبره دافعها أنها كاملة ووثق بقوله.
نسأل الله الكريم أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا.

* أستاذ مشارك بكلية أصول الدين
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved