Friday 5th december,200311390العددالجمعة 11 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وأيضاً: إبعاد الشباب عن كبار علمائهم من الذنوب التي يجب التوبة منها وأيضاً: إبعاد الشباب عن كبار علمائهم من الذنوب التي يجب التوبة منها
أحمد بن جزاع الرضيمان

فإن من المعلوم انه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة.
وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه «الجواب الكافي» مجموعة كبيرة من آثار الذنوب والمعاصي، مدعمة بالأدلة من الكتاب والسنة، يحسن بالمسلم الرجوع اليها.
وفي هذه الظروف التي تمر بها بلادنا - المملكة العربية السعودية - حرسها الله، يُكثر «بعض» الدعاة الحديث حول الذنوب، وعقوباتها.
ولا ريب أن تحذير الناس من الذنوب والمعاصي من أهم المهمات، ولكن «بعض» أولئك الدعاة يقتصرون حول «الأثرة، والمظالم» ويطيلون النفس حول هذين الأمرين، وينسون أو يتناسون الذنوب التي ارتكبها «بعضهم» ونتج عنها عقوبات أليمة، ها نحن في آثارها، ومن تلك الذنوب ما يلي:
أولاً: التهوين من شأن العلماء الكبار، ووصفهم بأنهم لا يفقهون الواقع، وأنهم علماء حيض ونفاس، وعلماء سلطة، وبالتالي فصل الشباب عنهم، والانزواء بأولئك الشباب مع رموزهم فقط.
ولما وقعت الواقعة، وحدثت الفتنة، قالوا: يجب على العلماء أن ينزلوا من أبراجهم العاجية، ويختلطوا بالشباب، فهونوا من شأن العلماء في البداية، ثم كذبوا عليهم في النهاية.
أليس هذا الذنب سبب رئيس للعقوبة من الله جل وعلا؟
ألم يأن للذين جعلوا أنفسهم أوصياء على الشباب، ومتحدثين باسمهم، أن يتوبوا الى ربهم ويعترفوا بخطئهم، ويصححوا وضعهم، ويرفعوا الحظر عن أولئك الشباب الصغار، ليشموا الهواء النقي، ويختلطوا بكبار علمائهم، ودعاتهم السائرين على طريقة كبار العلماء.
ثانياً: كثرة الثرثرة حول الأثرة والاستبداد، يخالف منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الداء، بين الدواء، فقال عليه الصلاة والسلام - كما في صحيح البخاري - «ستلقون بعدي أثرة فاصبروا..» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة معلومة.
فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر العلاج فقال «اصبروا» ولو كان ثمة علاج أحسن من هذا لذكره النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أعلم الخلق، وأنصح الخلق، وأفصح الخلق، لم يقل عليه الصلاة والسلام:«هيجوا.. أثيروا.. طالبوا.. تحزبوا» بل قال:«اصبروا».
وأيضا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الى النصيحة لكن على وفق المنهج النبوي فقال عليه الصلاة والسلام «من أراد أن ينصح لذي سلطان فليأخذ بيده، ولا يبده علانية، فإن قبل منه فذاك، وإلا فقد أدى ما عليه» صححه الألباني.
وإن تعجب، فعجبٌ إعراض «بعض» الدعاة، وكذا من وصفوا أنفسهم بدعاة الاصلاح، عن ذكر الأحاديث التي تأمر بالصبر، والسكينة، وعدم الاثارة، والسمع والطاعة لولي الأمر، وإن ضرب الظهر، وأخذ المال، فمثل هذه الأحاديث لا يذكرونها قط فما هو السبب؟.
أليس الإعراض عن تلكم الأحاديث يعتبر من الذنوب التي تسبب العقوبات العاجلة والآجلة.
ثالثاً: من الدعاة مَنْ إذا أُجلت محاضرته أو أُلغيت، أشغل جماهير العالم بذلك، وكأن ناقضاً من نواقض الإسلام قد حصل.
فهل هذا العمل يتوافق مع النهج النبوي؟ أم هو من الذنوب التي يجب التوبة منها.
لقد سمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول لأحد الدعاة - وقد شكا اليه ذلك الداعية أنه منع من الدعوة - قال الشيخ رحمه الله: الحمد لله، الأمر سهل، هذا هو عذرك عند الله تعالى، وأنت إذا مُنعت فهذا لا يعني أن الجميع مُنع، والدعوة الى الله ليست معلقة بالأشخاص، لو علقنا الحق بالأشخاص، لمات الحق بموتهم، والله لو قالوا لي يا ابن عثيمين لا تلق الدروس، لامتنعتُ، وقلت: سمعاً وطاعة، ألا تعلم أن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:«بما جعل الله لك عليّ يا أمير المؤمنين من الطاعة، ان شئت أن لا أحدث، لا أحدث».
فرحم الله شيخنا ابن عثيمين، فقد كان حريصاً على ترسم خطى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم، وهدى الله المخالفين للحق والصواب، ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved