|
|
تحدثنا في الجزء الأول من هذه المقالة بشيء من التعريف عن مهام ودور مصلحة الاحصاءات العامة التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط، وعن دورها الذي يعد مؤثراً على المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ومصلحة الاحصاءات العامة باعتبارها الجهة الوحيدة في البلاد المناط بها إظهار النتائج النهائية لمشاريع الاحصاء عامة، لم تأت بعد بمعلومات تحسم من خلالها أقاويل وادعاءات ما تنشره وتأتي به منشآت اقتصادية كالبنوك ومراكز دراسات استشارية وغيرها، سواء حول التعداد السكاني للمواطنين والأجانب أو نسب البطالة في البلاد، أو أي تقارير ذات طابع اجتماعي أو اقتصادي، فقد لا تلام أحيانا هذه المصلحة حول ما تنشره من تقارير غير وافية أو ليست سليمة الاعداد، وإن كان ذلك يتم خلال مراحل متباعدة، والذي لا يخدم معه في ذلك ما يأمل ويتطلع إليه المجتمع، الذي يعيش مرحلة ذات متغيرات متسارعة اجتماعية واقتصادية، فربما يكون سبب ذلك ما يرد إليها من جهات حكومية وغير حكومية من خلال تقارير معلوماتية ربما تكون مغلوطة أو غير دقيقة، وبالتالي ينتج إحصاء وطني غير دقيق وغير فاعل، أو ربما أن ما ترفعه كافة أو جل تلك الجهات المعنية من تقارير، هي في الغالب دقيقة ويندر وجود الخطأ أو النقصان فيها، ويأتي هنا الاعتقاد بضعف الدور الذي تقوم به المصلحة، من تحليل واستخدام للفن الاحصائي المطلوب، ويصدر لنا وأمامنا الاعداد النهائي لمشاريع الاحصاء، إما ناقص للمعلومة أو يشوبه ضعف في الاخراج، فربما هنا أن المصلحة لا تحتضن متخصصين في كافة العلوم المهنية، التي يمكنها من تحليل واخراج أية مهمة يراد اظهار احصاء لها كما ينبغي بطرق احصائية علمية، فقد لوحظ من خلال هذا الاعتقاد جانب إظهار نسب البطالة في البلاد، فمصلحة الاحصاءات العامة لم تظهر لنا نسباً عن البطالة منذ أن بدأنا نعاني من كثرة طالبي العمل الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على أعمال لهم، إلا تلك النسبة التي أظهرتها المصلحة والتي تؤكد فيها أنه حتى عام 1999م كانت نسبة البطالة في البلاد هي 1 ،8 في المائة بين الجنسين (ذكور وإناث)، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أعوام على ذلك، بينت لنا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان نسبة البطالة في البلاد 66 ،9 في المائة، وأن هذا بناء على مسوحات المصلحة، وأن مجموع قوة العمل جاء مبنياً على تعريف (15 سنة فأكثر) وهو السن القانوني لتشغيل العامل، وبمن فيهم الدارسون في مرحلة الدراسة الثانوية العامة ومن في حكمهم ذكوراً وإناثاً، والتساؤل المطروح هنا حول هذا الظهورالجديد الغريب في تحديد نسبة البطالة وشموله على المسجلين على مقاعد الدراسة والذي يعد أمراً محيراً وغير مقبول، ولا يخدم الأمر معه مصلحة البلاد الاجتماعية والاقتصادية، هو متى كان أصلا الطالب الذي يدرس في المدرسة أو الجامعة يصنف على أنه ضمن طالبي العمل أو العاطلين عن العمل، فالعاطل عن العمل والذي عرفته منظمة العمل الدولية، هو ذاك الشخص الذي يبحث عن عمل لمدة ثلاثة أسابيع ولا يجد عملاً، وبالتالي يعد ضمن عداد العاطلين عن العمل، وبغض النظر عن مؤهله العلمي أو خبرته العملية، ولم يشر أو يذكر البتة أنه يعد من ضمن طالبي العمل الطلاب في المدارس أو الجامعات، أما العامل فهو الذي على رأس العمل، وتعريف حجم قوة العمل هو مجموع العاملين والعاطلين عن العمل، كما ان عدم الافصاح عن تفاصيل عملية احتساب تقديرات نسبة البطالة، وعدم اظهار معدلها بعد ذلك، والذي يتم بأخذ النسبة المئوية لقسمةعدد العاطلين عن العمل على حجم قوة العمل الفعلية، أمر ينتابه شيء من الشكوك تجاه عينة البحث المقدرة عليها تلك النسبة، حتى وإن كان يتم ذلك باستخدام ما يسمى بنظرية العينة العشوائية، بالرغم من انه لا مجال الآن لاستعمال الطرق العشوائية في هذا الزمن بسبب توافر احصائيات متعددة شبه واقعية وذات طابع تقني، إلا في حدود التجارب والتحضير الاولي فحسب، وفي الوقت نفسه لم يسبق لمصلحة الاحصاءات العامة أو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أو حتى مجلس القوى العاملة، أن بينوا لنا في تقاريرهم التي تصدر عن حال البطالة في البلاد إلا من خلال تصريحات صحفية مع الأسف الشديد، والتي تصدر بين وقت وآخر، وليس من خلال كتيبات علمية موثقة كما هو معمول به في دول متقدمة تعد في مصاف بلادنا الواعدة، كما ان اصداراتهم تلك لاتحدد أنواع البطالة المعنية والمتوافرة في البلاد، ونسب كل منها على حدة، والمصنفة علميا وعالميا، والتي تصل في بعض الاحيان الى خمسة أنواع من البطالة وهي (البطالة المستديمة، البطالة المؤقتة، البطالة المقنعة، البطالة النوعية أو الهيكلية، البطالة الاختيارية) فذاك توجه من المفترض أن يعمل به. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |