Wednesday 17th december,200311402العددالاربعاء 23 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

محنة العراق محنة العراق
د. حمد بن عبدالله المنصور



دع عنك هنداً وصُدّ القلب عن وَلَهٍ
وغُضّ طرفك لَوْ طابت مَغانيها
واكْبح جماح الهوى عن كلّ غانية
وقل لمجنون ليلى: كيف تبكيها!!
واصرف هواك إلى بغداد إنّ بها
حرباً ضروساً بقاصيها ودانيها
يبكي الزبير على بغداد مِنْ كَمدٍ
وتذرف الدّمعْ «تكريت» تواسيها
«والناصرية» تبكي حظّها بِدمٍ
يُسقي الفرات، ويَرْوى منه واديها
«وكربلاء» تُنادي من يُؤازرها
وتلبس الحزن ثوباً لا يُواريها
وفي «الفلوجة» نارٌ حربُها اشتعلت
فأحرقت أهلها واستفحلت فيها
مَوْجُ المنايا يجوب الأرض في قدرٍ
وكل نفسٍ تلاقيه يُوافيها
كل العراق يعاني الويل من فئة
تستهدف الشّر والشيطان يُغويها
جاست خلال ديار الرافدين ولم
ترحم نساءً وأطفالاً تلاقيها
في زحفها كلهيب النار يحرق ما
أمام ناظره، والنار يُذكيها
هبّت جحافلها بالظّلم تنشره
في كل سهلٍ وعال من روابيها
ماستْ بطغيانها في كل زاوية
من العراق ولجّت في أراضيها
قَتلُ السعادة شرع في عقيدتها
وَوَأْد حرية الإنسان يُغريها
صاح الغرابُ على أهل العراق فقد
دارت رحى الحرب في شتى نواحيها
أحوالهم لم تزل فوضى ولم يجدوا
من الرّفاق نطاسياً يداويها
الأمن والعدل والحرية انتهكت
جميعها تجد شَهّماً يُنمِّيها
الدِّينُ والعرض والأموال قد رُزئت
والعقل طاش ومن للنفس يحميها؟!
والجوع والخوف تقتات العراق ولم
يبرز حكيم من الويلات يُنجيها
عاث التّحالف فيها كالتّتار وقد
زاد التحالف غياً كاد يُفنيها
يسعون في الأرض ألوان الفساد ولم
تردعْهمُ هيئة خابت مساعيها
سِربٌ يطير بأطنان القنابل كي
يعلو السّحاب وفوق الدُّور يلقيها
هَدمُ المنازل جورٌ من سجيّتهم
حتى المدارس قد دكّوا مبانيها
ودمّروا الكوخ لا تثنيهمُ أُممٌ
والمنشآت تهاوت من أعاليها
والحقل تحصده النيران أوقدها
وَغدٌ ولم يدع الفلاح يُطفيها
كم طفلة رُوِّعت في عقر منزلها
مرأى السلاح مع الأعداء يؤذيها
وطفلة شيّعت جثمان والدها
تبكي عليه وما جفّت مآقيها
وللثكالى أنينٌ كلما ذَكرت
وليدها وحليلاً كان يُغليها
لم يرحموا صبية تغدوا لمدرسةٍ
فاغتال مُجرمُهم أغلى أمانيها
يقضّ مضجعهم صوت المدافع في
شتّى بلادهمُ تباً لراميها
مداهمات وأحقاد يُسام بها
شعبٌ ضعيف بريء من دواعيها
بِحُجّة كبيوت العنكبوت إذا
هبّت عليها رياح الصيف توهيها
أين الحقوق التي من هيئة صدرت
لكل مُستَضْعَف بل أين حاميها؟!
أين المساواة والميثاق أكّدها
وأين أنشودة كانت تغنِّيها؟!
وأين حريّة في زعمهم وُلدت
من رحم منطقهم ميناً وتمويها؟!
قد قدَّمُوها لغول «النقض» أضحية
وأهدروا دمها والعدل يغليها
وشيَّعوا المُثل العليا علانية
والحق ينصرها والدِّين يحييها
يا أمة سطَّر التاريخ عزّتها
من صفحة النّصر للأجيال يرويها
هيَّا أعيدي لنا المجد المؤثَّل في
بدرٍ فتاريخنا يزهو بماضيها
لن يجدي الشَّجب والتأنيب في زمن
جارت على أمّتي فيه أعاديها
ولن ننال المُنى إلاّ بتضحيةٍ
وبالنّفيس من الأموال نشريها

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved