Thursday 18th december,200311403العددالخميس 24 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فيض الضمير فيض الضمير
من المستفيد الحقيقي من القبض على صدام؟
محمد أبو بكر حميد

فرح أناس بالقبض على (صدام حسين) وحزن آخرون
والبعض شكك في حقيقة القبض عليه..
الذين فرحوا محقون لأنه طاغية حكم شعبه بالحديد والنار وقتل عشرات الآلاف منه، وبدد ثروات وطنه في حروب لا طائل تحتها ولم يجن منها إلا الخزي والعار والدمار ثم الاحتلال الأجنبي لبلاده.
محقون الذين فرحوا..
لكن عليهم ان يتذكروا ان شعب العراق لم يحرر من قبضة الدكتاتور بيد أبناء شعبه، وأن القبض على صدام لم يتم بأيدٍ وطنية بل بأيدٍ أجنبية ستستغل هذا الحدث لاحكام قبضتها على العراق وتهديد شعوب المنطقة.
ليت الإطاحة بحكم طاغية العراق تمت بانقلاب عسكري لا بغزو أجنبي.
وليت مطاردته والقبض عليه والتخلص منه تمت بأيدي مواطنية كما حدث لدكتاتور العراق الأسبق عبدالكريم قاسم الذي مزّقه شعبه.
أما الذين حزنوا عليه..
فهم اما من المخدوعين به والمعجبين بحكمه من بعيد ولم يحترقوا بنار ظلمه وجبروته أو من المؤمنين بمقولة «ارحموا عزيز قوم ذل» وهذه لا تنطبق على صدام حسين لأنه عاش وحده في عز وأذل شعبه.
وبعيداً عن عاطفة الرثاء التي تتحرك مؤقتاً في غياب العقل فإنه إذا كان ثمة حزن وأسى فليكن بسبب ان القبض على طاغية العراق لم يتم بأيدي مواطنيه.
وهذه سابقة خطيرة محزنة ومؤلمة تظهرنا أمام العالم وكأننا شعوب لا تعرف التخلص من ظالميها ولا تعرف انتزاع حريتها بنفسها، وإننا تلامذة بحاجة للمعلم الأمريكي ليحقق لنا ما نحتاجه بالقوة ويفرض علينا حريته وديمقراطيته بدكتاتورية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العالم.
أما الذين شككوا في حقيقة القبض عليه وقدموا الأدلة على أنه الشبيه فهذا «الخيال» متوقع ان يحدث عند اختفاء الشخصيات الدموية الغامضة.
وسواء كان الذي تم القبض عليه صدام حسين أم الشبيه، فليست هذه قضية العراق اليوم فالقبض عليه لن يعيد مئات الآلاف من ضحاياه إلى قيد الحياة، ولن يعيد مليارات الدولارات التي انفقها هدراً إلى خزينة وطنه.
صدام انتهى يوم 9 ابريل 2003م بسقوط نظام حكمه الهش، وقضية العراق والعرب جميعاً بل وكل المسلمين إنهاء الاحتلال وحكمه بأيد وطنية نزيهة تمثله أصدق تمثيل.
وتظل الحقيقة...
ليس مصادفة ان يتم الاعلان عن القبض على الطاغية في هذا الوقت بالذات.
الهدف ان يكون هذا الخبر هدية أعياد الميلاد وفرحة رأس السنة الجديدة لعل ذلك ينعش الرأي العام الأمريكي فيعيد النظر في مسألة إعادة انتخاب بوش الابن للرئاسة مرة ثانية.
ولكن السؤال: هل القبض على طاغية العراق سيوقف أو يخفف من المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكي؟
إذا ازدادت المقاومة ضراوة أو استمرت على حالها -على الأقل- فإن الشعب الأمريكي سيصاب بالإحباط وستزول سريعاً فرحة القبض على الطاغية.
وعندئذ ستكتشف الإدارة الأمريكية انه لم يكن لمصلحتها القبض على صدام لأنهم كانوا يحملّونه أمام شعبهم مسؤولية المقاومة وقتل أولادهم في العراق. أما بعد الآن سيتأكد الشعب الأمريكي ان المقاومة شعبية ورفض للاحتلال ولن يكون أمام الإدارة الأمريكية حجة كبيرة للتبرير.
ومهما يكن فإن المستفيد الحقيقي في النهاية من القبض على طاغية العراق هو الشعب العراقي فانتهاء صدام حسين بزوال شبحه الذي يطارد أخيلة العراقيين، ويصور للعالم انه لايزال يقود المقاومة ضد الاحتلال سيعيد المقاومة للشعب العراقي كله بكل فئاته. ويؤكد للعالم ان مقاومة الاحتلال إرادة شعبية ورغبة وطنية مثلما ان القضاء على نظام صدام كان أملاً وقد تحقق.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved