Saturday 27th december,200311412العددالسبت 4 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
استهلاك أم إهلاك 1/2
رقية الهويريني

لأجل الترفيه لا يوجد بديل سوى التسوق هذا ما أفادت به إحدى السيدات !! على الرغم مما تواجهه من ازدحام الشوارع وحرارة الجو، بينما يظهر أنه لا وجود للتفكير بضياع الوقت. ونقلت صحيفة (ذي ديلي ريكورد) قول باحثين المانيين بجامعة مونستر الألمانية: (إن المتسوقات يفقدن قدرتهن على التفكير السليم بمجرد دخولهن السوق! وذلك بعد أن قام هؤلاء الباحثون بقياس النشاط الكهربائي في ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن التعامل مع الحس السليم والتفكير المنطقي لدى النساء المتسوقات ووجدوا ان ذلك الجزء من العقل الذي يتحكم في العواطف والمشاعر يعمل بأكثر من طاقته القصوى، بل يبلغ حد الانفلات أثناء التسوق، وقال الدكتور مايكل ديبي: «هذا يفسر لنا كيف تتحول النساء خلال دقائق من متفرجات على السلع إلى مشتريات لها!» والملاحظ أنه كلما ارتفع سعر السلعة كما كانت المتسوقة أكثر اندفاعاً وأدعى إلى عدم السيطرة على تفكيرها السليم والرغبة العارمة في الشراء دون تقدير للحسابات، فعندما تشتري المتسوقة سلعة باهظة التكاليف، فإن الجزء المسيطر على التفكير المنطقي من العقل ينخفض نشاطه إلى درجة الصفر تقريباً وعادة ما تكون هؤلاء المتسوقات مندفعات بعواطفهن وليس بحسهن السليم، ذلك ان مراكز الحس العاطفي تحضهن على الشراء باعتباره يشكل راحة نفسية لهن والتسوق العفوي يؤدي للإدمان ويبدأ بحجة الترويح عن النفس ويحصل بالفعل حين يبدأ هرمون الاندروفين يفرز في الجسم ويجلب الراحة وتكرار الترويح فيه يتحول إلى متعة ثم عادة وبالتالي إلى إدمان وبذلك يكون التسوق خرج من كونه احتياجاً إلى حالة مرضية تصل إلى ضرورة العلاج بسبب الإدمان!! وكشف الباحثون «ان الرجال كذلك يمرون بحالة مماثلة من عدم السيطرة على تفكيرهم المنطقي عند قيامهم بشراء أجهزة كهربائية أو حاسوب، أو سيارات حديثة فإن لم يفكر المتسوق طويلاً عند الشراء فإن العقل يكافئه بملء جوانحه بمشاعر البهجة والسرور!» وهكذا يجد المتسوقون من هذا النوع راحتهم النفسية ولا يستطيعون التخلص من مشاعر الكدر والتوتر إلا عبر ارتياد الأسواق وشراء كل ما تقع عليه أعينهم مما يحتاجونه ومالا يحتاجونه بمعنى أن التسوق تحول من حاجة إلى تضييع للوقت فحسب، وفيه يأتي كثير من المتسوقين للسوق دون غرض محدد أثناء المهرجانات الترويجية التي يستفيد منها التاجر أكثر من المستهلك وفيها يتم استغلاله بوهم التخفيضات التي تكون غالباً أسلوباً لتصريف البضائع الراكدة، وإخلاء المستودعات لاستقبال بضائع حديثة، وذلك قبل حلول العام الميلادي الجديد في تقليد سافر للثقافة الغربية، وما يتبعها من استيراد لمعتقدات دينية لا تمت للإسلام بصلة مثل شجرة أعياد الميلاد التي تنصب أمام بعض المتاجر، وغالباً ما تكون التخفيضات محصورة في البضائع النسائية فقط، فترى النساء يتهافتن على المتاجر المخفضة، فضلا عن اغرائهن بالجوائز والمطاعم والملاهي لدفعهن نحو الاستهلاك بدون وعي!!
وعلينا الآن ان نتساءل: هل التسوق حاجة أو رغبة أو أنه للمتعة والفرجة (shopping window)؟!!
ألم يأن بعد ان ندرك الفرق بين الحاجة والرغبة وأعني الحاجة الحقيقية لدخول السوق ومن ثم التسوق وبين الرغبة بقضاء الوقت فحسب!! حتى أصبحت تطلق على مجتمعنا الاستهلاكي معادلة المرأة والمنزل والسوق، باعتبار أن المرأة هي من تقود الحركة الاقتصادية في المتاجر ولتحقيق تلك المعادلة يصبح من الملزم لها أن تدفع ثم تدفع وأثناء ذلك تشكو من زيادة المصروفات وارتفاع الأسعار، وازدحام الشوارع وحوادث السيارات وتراها دائماً في حالة قلق مستمر خاصة أثناء مواسم التخفيضات (الحالية) والملاحظ انه مع وجود نسبة التخفيض المقررة إلا أن الأسعار مازالت مضاعفة! ويعود ذلك لسهولة إقناع المرأة ورغبتها بالتقليد واستقلالها المادي عن الرجل ووجود سيولة نقدية بيد المرأة وسهولة استعمال بطاقات الائتمان. كما أن انصراف تفكير المرأة عن الادخار أو تنمية مالها بما يعود عليها بالفائدة أحد الأسباب التي تدفعها لتبديد أموالها في التسوق !! إضافة إلى ملاحقة دور الأزياء حتى أصبح لكل فصل من فصول السنة موضة خاصة به استغفالاً للمرأة وتعزيزاً لقيم الاستهلاك لديها!! فضلا عن تيسر المواصلات وتوفرها عند المرأة وانشغال الرجل بأموره والتنصل عن مسؤولياته نحو أسرته ووجود الخادمات داخل البيوت الذي أفضى لتفرغ المرأة وبحثها عما يملأ ذلك الفراغ الذي يسكنها فقد لا تكتفي بالأسواق المحلية وما يحكمها من أوقات تغلق فيها، بل تلجأ إلى مضاعفة الاستهلاك حتى عن طريق التسوق عبر الانترنت، أما في الإجازات فالأموال تهدر في على شراء سلع متوفرة في الأسواق المحلية بل تفوقها جودة وبسعر أقل وقد لا تكون مناسبة ويصعب استبدالها بيد أن ذلك يدخل في باب المفاخرة وما تتطلبه حيثيات السفر، ولأننا اعتدنا أن نلقي التبعات على الأجهزة الحكومية، ونبعد عن أنفسنا مسؤولية وممارسة الوعي الاستهلاكي فإن الجزء الثاني من المقال سيطالب (الجهات المختصة) بوضع التدابير الكفيلة بالحد من الاستهلاك ومعالجة هوس التسوق فهل أنتم منتظرون؟!

ص.ب 260564 الرياض 11342

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved