Saturday 27th december,200311412العددالسبت 4 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لماذا معدلات تسجيل الأطفال السعوديين في التعليم الابتدائي منخفضة؟ لماذا معدلات تسجيل الأطفال السعوديين في التعليم الابتدائي منخفضة؟
عبدالعزيز السماري

خرج تقرير اليونيسف لعام (2004) ليرمي بالكرة مرة أخرى في ميدان الخطط التنموية العربية خلال العقد الماضي، فالتقرير الذي كان شعاره لكل طفل حقوق الصحة والتعليم والمساواة والحماية تحدث عن الصحة والتغذية والإيدز، وعن المرأة وحماية الطفل وعن التطور الانساني ومؤشرات الرفاهية والاقتصاد كما فصل في مقارنة النسب المتفاوتة للأمية في العالم، وأورود في بياناته أن 121 مليون طفل في العالم خارج المدارس، لكن الأكثر مرارة في تفاصيل هذا الرقم العالي أن بينهم 45 مليون امرأة وطفل عربي من أصل 70 مليون عربي يعانون الأمية، وحيث كان معدل تسجيل الأطفال في المدارس الابتدائية بالنسبة لإجمالي عدد الأطفال الذين في عمر التعليم الابتدائي في العالم الصناعي 96% للذكور و 97% للإناث، كانت نسبهما في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمعدل 83% للذكور، و74% للإناث.
والإشكالية (الوطنية) في تقرير اليونيسف تكمن في المعدلات المنخفضة في نسب التحاق الأطفال في التعليم الابتدائي في السعودية، فالتقرير يورد نسب التحاق الأطفال في مدارس التعليم الابتدائي بمعدل 60% للذكور، و56% للإناث بين عامي (1997-2000)، وهو مايعني أن هناك 40% من الأطفال الذكور، و44% من الإناث الأطفال السعوديين لا يلتحقون بالمدارس الابتدائية، ويفقدون فرصة التعليم في مرحلة الطفولة، بينما كانت نسب التحاق الأطفال بالتعليم الابتدائي في اليمن مثلا 84% للذكور، و49% للإناث، وفي قطر 94% للذكور والإناث، وفي عمان 80% للذكور و62% للإناث، وفي تونس 100% للذكور و99% للإناث، وفي المغرب 82% للذكور و74% للإناث، وفي الأردن 93% للذكور و94% للإناث، وفي الجزائر 100% للذكور و97% للإناث ومصر 95% للذكور و90% للإناث، والكويت 68% للذكور و65% للإناث، وفي العراق 100% للذكور و86% للإناث بين عامي (1997-2000)..!
وخلال الفترة نفسها حققت كل من طاجيكستان وهولندا على سبيل المثال 100% للذكور و99% للإناث، وفي تايلاند 97% للذكور و94% للإناث، وإسبانيا (99، 97)، وفي الولايات المتحدة (96و94)، وبريطانيا (99، 99)، وكندا (99، و99)، وفيتنام (98، 92)، وليبيريا (96، 71)، والصين (93، 93) في المائة للذكور والإناث على التوالي....
لقد أعدت النظر مراراً إلى تدني نسب المعدلات الوطنية في نسب التحاق الأطفال في التعليم الابتدائي في السعودية أثناء اطلاعي على التقرير، وكنت في حالة (شك) منهجي من حقيقة أرقام تقرير اليونيسف، لكن التقرير والأرقام صادرة من مؤسسة دولية رسمية ، ولا مجال للتشكيك في مصادرها، لاسيما أن مصادر معلوماتها وزارات التعليم والتربية في الدول، لذا لابد أن نصدق حقيقة تلك الأرقام، ونستغرب تدني معدلاتها الوطنية إلى أن يأتي (اليقين) من وزارة التربية والتعليم.
والتقرير لايقدم تبريرات للمعدلات المنخفضة في نسب التحاق الأطفال السعوديين، وآمل أن يكون هناك تفسير مقنع لدى معالي وزير التربية والتعليم السعودي، فقد يعلم ما لا نعلم عن حقيقة هذه الأرقام أو دقتها ودلالاتها، فهي تعني بكل أسف للقارئ عند المقارنة بالمعدلات في بقية دول العالم الثالث نسباً متدنية في تعليم الأطفال السعوديين، حيث تتجاوز معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي في كثير من الدول العربية ودول العالم الثالث المعدل السعودي، بالرغم من معوقات الحالة الاقتصادية، والجدير بالذكر ان أغلب بقية الدول العربية تطبق قانون إلزامية التعليم، بينما دول الخليج لا تطبق قوانين إلزام وفرض التعليم على الأجيال الجديدة، والرقم إن صح (مخيف)، وينبئ بكارثة، ويشكل عائقاً ضخماً في طريق الاستثمارات التنموية في التعليم على جميع المستويات.
والمسؤولون تحدثوا كثيراً عن أهمية إصلاح التعليم وعن الخطط لتعديل بعض مناهجه لكي يتواكب مع التطور والتحديث في القرن الجديد، كما تناول الخبراء تدني نوعية الطالب العربي إذ تشير معظم الدراسات الميدانية التي أجريت في مختلف البلاد العربية إلى تدني نوعية التعليم، وضعف الطالب والمدرس على السواء، والمقصود هنا بنوعية التعليم ضعف القدرات التي يبنيها في عقل وشخصية التلميذ، فالتعليم العربي حسب ما ورد في تقرير التنمية العربية الأخير اعتاد أن يعلم التلميذ القراءة والكتابة وبعض العمليات الحسابية وتدريسه ثقافة عامة متأثرة بالماضي أكثر من الحاضر، بل هي ثقافة تخاف الحاضر ومشكلاته وتعمل على التهرب منه.
ويبدو أن التحدي «الحقيقي» هو في إيصال التعليم إلى جميع فئات المجتمع، وإلزام أفراده بإلحاق أبنائهم في المدارس، وإذا كان الفقر، وارتفاع نسبة البطالة، وتزايد الضغط على البيئة، وضعف القاعدة الإنتاجية، وتدهور الموارد الطبيعية وبصفة خاصة المياه أخطاراً حقيقية يواجهها المجتمع في الوقت الحاضر، فإن احتمال صحة معدلات تقرير اليونيسف عن معدل التحاق الأطفال التعليم الابتدائي في السعودية هو (أم المخاطر) والكارثة التي ستكون الأشد تأثيراً على مستقبل المجتمع السعودي، وهو ما يدل على احتمال مؤكد لازدياد نسب محو الأمية في المستقبل وانخفاض مستويات الوعي والمهارة والتحضر، وازدياد معدلات الجهل والعودة إلى حياة البداوة والتوحش والعنف..، وهذا في حد ذاته أكبر تهديد للمستقبل الوطني.
وورد في بيان اليونيسف أنه عندما يتعين على أولياء الأمور دفع المصاريف الدراسية فإنهم في العادة يفضلون الذكور، أو عدم إلحاق الأطفال كلياً بالمدرسة، ويحذر التقرير من ان «التعليم الجيد مازال مقصوراً على أقلية في العالم العربي، ومازال المعلمون يفتقرون لمهارات التعليم الحديث، كما أن نسبة الأمية تشكل تهديداً كبيراً لتنمية المنطقة في المستقبل». ويستنتج أن التمييز الذي تعانيه الفتيات في بعض الدول هو سبب رئيسي للأمية في العالم العربي.
ويشير التقرير إلى أن تعليم الفتيات «استثمار مثالي له قيمة مضافة على قطاعات التنمية الاجتماعية الأخرى، ويخفف الضغوط على نظام الرعاية الصحية، ويحد من الفقر، ويعزز الاقتصاديات الوطنية. والتكلفة في متناول اليد إذا وفرت الدول المانحة 60 مليار دولار أمريكي كمعونة خارجية للدول الفقيرة من الآن حتى 2015 ومن الممكن تخطي العوائق التعليمية، حيث هناك حاجة إلى استراتيجيات متكاملة لإلحاق الأطفال بالمدرسة وإبقائهم فيها، والأدلة المقدمة في التقرير تبرز أن تحدي التعليم للجميع هو تحد للتنمية بجميع قطاعاتها من تعليم وتمويل وصحة وعمل وتخطيط.
وقد وجهت اليونيسف «نداء عاجلا للزعماء على جميع مستويات المجتمع وتطالب، من بين أمور أخرى، بإدراج تعليم الفتيات كمكون أساسي في جهود التننمية، وبإلغاء كل الرسوم المدرسية، وإدراج السياسات التعليمية في الخطط الوطنية للحد من الفقر، وإنشاء المدارس كمراكز لتنمية المجتمع».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved