Saturday 27th december,200311412العددالسبت 4 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
عشرات المواد المحسسة للجلد تحت سقف واحد
د. محمد غياث التركماني (*)

يوم الأربعاء الماضي كان يوم الافتتاح الكبير لأحد محلات «كل شيء بـ2 ريال» في أحد شوارع الرياض الرئيسية.
السيارات اصطفت دون ترتيب أو تنظيم، لكنها اصطفت، البعض اتجه شمالاً والآخر جنوباً وسيارات أخرى كانت لا شرقية ولا غربية، وأخرى اصطفت مع اليمين المتطرف والبعض نحو اليسار المتخلف، صدقوني انها كانت فوضى عارمة لكنها منظمة، كيف؟ لست أدري.
الأعلام الملونة والمزركشة غطت الشارع، وطبلان كبيران يصرخان بصوت هادر يجلسان أمام باب المحل ارتبط كل منهما بكيس ملون طويل. والكيسان يتراقصان بحركة تشبه رأس الأفعى، نابذة نحو الشارع ثم تتبعها جاذبة نحو المحل وكأنهما يريدان ان يسحبا كل من في الشارع إلى داخل ذلك المحل، وهناك لوحة كبيرة على باب المحل كتب عليها «هدية لكل زائر».
كل شيء هناك كان مرتباً ومنظماً ومنسقاً بطريقة خاصة جدا، كؤوس الشرب بجانب المكانس ومعطرات الجو بجانب الجوارب، ثم معاجين الأسنان، منظفات المجاري والحمامات، أقلام أحمر الشفاه، مزيلات الصدأ، قفازات الغسيل، الدفاتر والأقلام، صبغات الشعر، ألعاب الأطفال، الصابون وليف الحمام، ربطات الشعر، حلقان الاذن، السحابات، أزرار الثياب، الاكسسوارات المعدنية، الملابس الداخلية، وصحون تبدو انها بلاستيكية، الكولونيا الرخيصة، والأظافر الصناعية والعديد العديد من المواد قليلة السعر عالية الحساسية، وسأذكر لكم بعض المواد المحسسة الداخلة في تصنيع العديد من هذه السلع والمعروفة بشكل جيد بإحداث التهاب الجلد التحسسي أو اكزيما التماس التحسسية.
مادة الاكريليك موجودة في الاظافر الصناعية، «اللاتكس» في القفازات المطاطية، المواد العطرية في مزيلات التعرق والكولونيا، النيكل والكروم في الاكسسوارات، «مادة البارافينيل ديامين» في صبغات الشعر، إضافة لما تداخل مع هذه المواد من شوائب ولدائن ومركبات وما انزل الله بها من سلطان ومجهولة الهوية والعنوان.
لقد كانت صحة الإنسان ولا تزال معتمدة على علاقته ببيئته، والإنسان في تفاعل مستمر مع هذه البيئة فهو يأخذ منها مواد ويطرح فيها مواد أيضاً والأمر هذا ضروري جداً من أجل استمرار الحياة.
إن عملية تفاعل الإنسان مع البيئة على تماس وثيق مع عواملها المفيدة له والمضرة بصحته أيضاً، ولا ريب ان قائمة المواد الكيميائية المصنعة في ازدياد مضطرب ولا يزال الأثر البعيد لبعض هذه المواد غير معروف حتى الآن وقد تمر فترة من الزمن ويتأكد ضرره بحدوث مأساة إنسانية لا سمح الله .
إن المستوى الاقتصادي لمجتمع ما يلعب دوراً هاماً في تحديد درجة الصحة والمرض في هذا المجتمع، ففي البلدان المتحضرة مثلاً يضعون مقاييس ومواصفات تضمن شروط السلامة في التعامل مع عوامل البيئة التي حولهم للإقلال ما أمكن من المرض ومن ثم الارتقاء بمستوى صحي أفضل.
أنا ما زلت هناك احضر الافتتاح الكبير لكن تفكيري هذا قاطعه صوت ينادي: أيها الأخ.. أيها الأخ.. خذ هديتك.. لم استعملها! لا تلزمني!.
كانت قلم أحمر الشفاه، لقد كان سيء الصنع أيضاً.

* عيادات ديرما الرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved