من ذا الذي قد نال راحة فكره
في عمره من عسره أو يسره
يلقى الغني لحفظه ما قد حوى
أضعاف ما يلقى الفقير لفقره
فيظل هذا ساخطاً في قله
ويظل هذا تاعبا في كثره
وعبوس وجه الدهر من أخلاقه
فاحذر مكائده وعاجل شره
فهو المنافق لا يزال مخادعاً
حتى يورط في حبائل مكره
عمّ البلاء لكل شمل فرقة
يرمي بها في يومه أو شهره
والجن مثل الانس يجري فيهمو
حكم القضاء بحلوه وبمره
فإذا المريد أتى ليخطف خطفة
جاء الشهاب بحرقه ويزجره
ونبي صدق لا يزال مكذَّباً
يُرمى بباطل قولهم وبسحره
ومحقق في دينه لم يخل من
ضدّ يواجهه بتهمة كفره
والعالم المفتي يظل منازعا
بالمشكلات لدى مجالس ذكره
والويل إن زلّ اللسان فلا يرى
أحداً يساعد في إقامة عذره
أو ما ترى الملك العزيز بجنده
رهن الهموم على جلالة قدره؟
فيسره خبر وفي أعقابه
خبر تضيق به جوانب قصره
ومؤازر السلطان أهل مخاوف
وإن استبد بعزه وبقهره
فلربما زلّت به قدم فلم
يرجع يساوي قلامة ظفره
فمثاله إلا كمثل سفينة
في البحر ترجف دائما من شره
إن أدخلت من مائه في جوفها
أدخلها وماءها في قعره
فلو استمال إلى القناعة واكتفى
بسداد عيشته ورثة طمره
وأخو العبادة دهر متنغص
يبغي التخلص من مخاوف قبره
وأخو التجارة حائر متفكر
مما يلاقي من خسارة سعره
وأبو العيال أبو الهموم وحسرة
الرجل العقيم كمينة في صدره
وكل قرين مضمر لقرينه
حسداً وحقداً في غناه وفقره
ولرُبَّ طالب راحة في نومه
جاءته أحلام فهام بأمره
والطفل من بطن امه يخرج إلى
غصص الفطام تروعه في صغره
والوحش يأتيه الردى في بَرّه
والحوت يأتي حتفه في بحره
ولربما تأتي السباع لميت
فاستخرجته من قرارة قبره
ولقد حسدت الطير في أوكارها
فوجدت منها ما يُصاد بوكره
كيف التلذذ في الحياة بعيشة
ما زال وهْو مروع في أسره
تالله لو عاش الفتى في أهله
ألفا من الأعوام مالك أمره
متلذذا معهم بكل لذيذة
متنعما بالعيش مدة عمره
لا يعتريه النقص في أحواله
كلا، ولا تجري الهموم بفكره
ما كان ذلك كله مما يفي
بنزول أول ليلة في قبره
كيف التخلص يا أخي مما ترى
صبراً على حلو القضاء ومره؟
ثم الصلاة على النبي وآله
معْ صحْبه والتابعين لأمره