Wednesday 14th January,200411430العددالاربعاء 22 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مركاز مركاز
حتى لا تقع الكارثة
حسين علي حسين

قبل شهور لاحظت أن الحيز المخصص لتغيير الزيوت في إحدى محطات الوقود المجاورة لمنزلي قد تغير، وان عمالاً غير الذين أعرفهم، قد شغلوا المكان، وأتوا بالعديد من الأجهزة الحديثة التي تجعل من يوقف سيارته لديهم، لا يدفع ثمن تغيير الزيت فقط، ولكنه سيدفع ثمن شفط الزيوت القديمة في السيارة، بحجة أنها قد تعرض السيارة للتلف السريع، وغير الزيوت هناك العديد من الأشياء التي قد يقتنع الزبون بتغييرها، فالعاملون الذين استأجروا هذا المحل عرب، وهم أقدر من الآسيويين الذين لا يتقنون العربية على الإقناع، لا يهمهم إذا رغبت في تغيير زيت السيارة بالكامل، أم أنك تريد علبة واحدة، لسد النقص في الزيت القديم.. ورغم ارتفاع المبلغ الذي أصبحت أدفعه، إلا أن العناية وسهولة التفاهم، جعلتني أدفع بنفس راضية، فمن الذي لا يرغب في أن ترقص سيارته على الخط، بدلا من المشاكل التي تنتابها في الصباح والمساء!
بعد شهور من تعاملي مع هذه المحطة، دخلت إلى المحل المجاور، وهو ورشة صغيرة لصيانة السيارات، وقد جاء الحوار، على العناية التي أدخلها المالك على محل تغيير الزيوت، فقال لي الرجل ضاحكاً: أي عناية يا رجل! لقد استأجر هؤلاء العمال هذا الحيز الذي لا يزيد على 40 متراً مربعاً بمائة ألف ريال، تدخل إلى جيب مستأجر المحطة الرئيسي، ولا دخل له في أي شيء، ربح المستأجر أم لم يربح، علماً بأن من كانوا قبلهم، كانوا يدفعون نصف هذا المبلغ، فكيف يربح هؤلاء الجدد؟ سألت لتأتي القنبلة مباشرة: العملية سهلة، هناك الآن زيوت تجارية، نفس علبة الزيت الأصلي، تأتي مختومة وجاهزة للاستخدام، ولكن بزيوت تجارية، تقل قيمتها بما يزيد على الـ60% عن قيمة علبة الزيوت الأصلية، وهكذا تأتي المائة ألف وفوقها مثلها ربحاً صافياً، لهؤلاء الذين تجمعوا وساووا صفوفهم لسرقة الناس بالابتسامة والعناية الفائقة، ولم أدعه يكمل، فقد تحولت فوراً إلى ورشة أخرى، بل أصبحت أقف بجانب العامل وهو يفتح علب الزيت ويفرغها، وهو احتياط نقوم به نحن نيابة عن.. البلدية والدفاع المدني!
لقد نسيت هذا الموضوع تماماً، وإلا فإن المفروض أن أقوم بإبلاغ وساوسي من هذا المحل فوراً، حتى اطلعت على العدد الصادر بتاريخ 17/11/1424هـ من جريدة الوطن، والذي نشر فيه خبر عن «إقفال 17 محطة بنزين في مدينة الرياض، بعد ثبوت تورطها في غش البنزين بالكيروسين»، نعم فقد أصبحت هذه العينة من العمالة العربية - للأسف - تسعى حثيثاً لتدمير سيارات الناس، ليدخل على كيسها مبلغ مضاعف من المال، وأصبح مالك المحطة الذي يؤجرها من الباطن لهذه العمالة يربح أرباحاً مضاعفة، لا يحلم بتحقيقها لو شغلها بنفسه، وبعمالة يشرف عليها حتى لا تغش الناس وتدمر سياراتهم، فقد رفعت هذه العمالة أسعار تأجير المحطات من 300 ألف ريال إلى 600 ألف ريال في العام الواحد، فكم يربح هؤلاء على حساب تدمير سياراتنا، طالما صاحب المحطة المتستر بات يربح من التأجير الباطني 100%، لكن ماهو الموقف الذي اتخذته أمانة مدينة الرياض أو الدفاع المدني من هؤلاء الغشاشين الذين تفوق جريمة غشهم، جريمة من يغير الزيت الأصلي بالزيت التجاري، فجريمة هؤلاء قد ينجم عنها حسب قول الصحيفة «تدمير محركات السيارة بعد فترة من الاستعمال والخطر الثاني يتمثل في إمكانية حدوث انفجار في السيارة بسبب تفاعل الكيروسين مع البنزين» ومع ذلك فإن الإجراء الذي اتخذته المديرية العامة للدفاع المدني لم يتعد «الإقفال المؤقت لتلك المحطات وتغريمها ماليا»!
لقد قدم أصحاب شاحنات تورد البنزين لهذه المحطات شكاوى وجهزوا سياراتهم بأجهزة تكتشف أي تلاعب يقوم به سائقو شاحناتهم، كأن يوردوا الكيروسين إضافة إلى البنزين لهذه المحطات، لإبراء ذمتهم ولكشف معدومي الضمير من عمالهم.
السؤال الآن: لماذا لا تغلق مثل هذه المحطات بالضبة والمفتاح، ويرحل العمال المتستر عليهم، وتصادر أموالهم الحرام، ويسجن من تستر عليهم، حتى لا تقع كارثة، ليس بسبب دمار سيارة، ولكن بسبب تفاعل البنزين والكيروسين في إحدى السيارات، والذي قد يتسبب في مأساة تقضي على العديد من الأنفس، بسبب طمع وافد أو مواطن، أراد الثراء السريع، تحت مظلة أجهزة حكومية تعاقب اللص على اللصوصية.. مؤقتاً، وليس بقطع.. يديه!!

فاكس: 4533173


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved