Wednesday 14th January,200411430العددالاربعاء 22 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بلا تردد بلا تردد
الامتحان
مدخل
هدى بنت فهد المعجل



أترى أخطأت أني
فيك قد أحسنت ظني؟!
فاعتقدت الحب يبقى
بدوام العهد مني
لم أناقش منك عهداً
في الزمان المطمئن
وإذا ما ارتاب شك
اعترى بالشك عيني
فتيقنت أخيراً
عندما أدبرت عني
انما الحب سراب
فوق آفاق التمني

انطلاقة
عبيد الشحادة شاعر سوري مقيم في الرياض، ويعمل في مؤسسة صحفية عريقة، حفل بريدي الأسبوع الماضي بديوان شعر له تحت عنوان (الامتحان) وقلما يمر أسبوع دون أن يتشرف بريدي بمجموعة قصصية أو شعرية أو رواية أو كتاب آخر، وقد كان ديوانه مصادفة جميلة حيث يعيش أبناؤنا هذه الأيام فترة امتحان نصف العام الدراسي ويصلني ديوان بعنوان (الامتحان)!!، بيد أن قصيدة الامتحان التي كتبها الشاعر عبيد الشحادة أهديت إلى عاهل المغرب الملك الحسن الثاني رحمه الله وكتب الشاعر عن القصيدة قائلاً: «إنها قصة جامحة المكان والزمان.. شقت غبار السنين لتعانق عبق التاريخ.. بأبهى الصور وأطهرها.. من بلاد المغرب العربي فاح أريج الرجولة بنسائم العفة الشماء.. فتمكن في روعي إخلاص الموقف.. وأمانة ما يجب.. فوثقت تلك القصة شعراً..» والقصيدة تنبىء عن شاعر متمكن من أدواته، جزل المعاني، ذي نفس طويل في كتابة الشعر حيث بلغت أبياتها ما يقارب ال 126 بيتاً لا حشو فيها ولا تكلف بل سلاسة أسلوب لقصة مفعمة بالمواقف والوقفات الصامدة حري بها أن تسمى بالامتحان الذي أفرز حصيلة رجل طاول عنان السماء.
ولأن الحياة امتحان فقد وجدت أن كل قصيدة في الديوان تمثل مرحلة امتحان عصيبة كامتحان العانس وهي تقول:


أنا لون أزهار الحقول وعطرها
وظلال أشجار الجنان الوارفات
أنا دمعة الأحلام في جفن الرؤى
انا ضحكة الأطفال في كل اللغات
أنا كل شيء.. غير أني صرت لا
شيئاً.. بكوني في عداد العانسات
ثم هو يصور وجع الأمومة لديها:
ثكل.. تعذبني طيوف وليديَ ال
مدفون في أحضان كل الأمهات
رمش سرير للصغير وآخر
شلال أغطية وغيمة هدهدات
ورموشي الأخرى ستائر مخدع
مازلن دون حمى الأنوثة مسدلات

الامتحان/ الديوان رغم قصائده التسع ووريقاته ال 62 ولوحة غلافه البارعة، تمكن من شحذ قلمي للكتابة عنه لما لمسته من صدق المعاناة، وجودة التعبير، وسحر البيان، ومسك الختام بقصيدته (سراب) التي ضمنتها المدخل حيث ذكرتني برائعة أم كلثوم:


يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحا من خيال فهوى
اسقني وأشرب على أطلاله
وارو عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبرا
وحديثا من أحاديث الجوى

وما ذاك الحب سوى الحب الهلامي، المهزلة الذي يأتي ويرحل كخطفة برق وصرخة رعد يحدث دوياً وأزيزاً يصم الآذان ويربك الجنان ولا يستقر له مكان حتى إذا رحل وانتهى ترك أثراً خفيفاً لا يلبث أن يضمحل ويتلاشى فلا تدمع له عين ولا يقض من أجله مضجعاً.. يرحل غير مأسوف عليه فيصبح سرابا على حد تعبير الشاعر:


إنما الحب سراب
فوق أفاق التمني

ولا أظنه يعني كل حب.. بل قصد كل (مهزلة حب) نرتكبها.. أو نسمح بارتكابها في حق أنفسنا مع أناس ليسوا للحب أهلاً، لا تدمع أعينهم لدموعنا، ولا تسهر لسهرنا، ولا يتألمون لوجعنا، لا يأبهون بنا.. ولا بمداراتنا لهم فلا يداروننا.. يمارسون في حقنا جرح المشاعر، زعزعة الاستقرار وهم مطمئون، هؤلاء لا يحق لنا أن نأسى على فراقهم، ولا نجزع إن انتزع حبهم من قلوبنا أو انتزعنا من قلوبهم.. لأن بقاءنا لا يشعرنا بالأمان وإن قلنا كما قال عبيد الشحادة:


فاعتقدت الحب يبقى
بدوام العهد مني
لم اناقش منك عهداً
في الزمان المطمئن

ولن تعيب زماننا فما العيب إلا منا وليس منه (فما لزماننا عيب سوانا).
تجربة الحب الفاشل أروع تجربة يستوعبها الحذق الفطن، وينهار أمام فشلها الغبي الجاهل.
فاكس: 8435344 03


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved