Wednesday 14th January,200411430العددالاربعاء 22 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
النساء لحظة الخطر
فاطمة العتيبي

في حادثين متتاليين في مبانٍ نسائية خلال فترة قصيرة ظهر فيهما اشتباه حريق أو خطر.. وأصدر جرس الإنذار صوتاً في المبنيين اللذين يضمان أعداداً كبيرة من النساء.
تباينت ردود الأفعال عند قاطنات المبنى لحظة حدوث الخطر أو سماع جرس إنذار الحريق.
وظهر عدم القدرة على التعامل مع «الجزء من الثانية» في هكذا أحداث وأهميتها لسلامة الموجودات وسرعة الخروج وبعد ذلك يتم تبيُّن الموضوع وهل هو يستحق أم لا..!
** تقول أكاديميات في كلية التربية للبنات بالرياض.. إن ردود أفعالهن تباينت بين الهدوء وانتظار تبيُّن الأمر واكتشاف حدود الخطر.. وبعضهن الآخر خرجن مع طالباتهن راكضات مسرعات نحو الخارج وهن مقتنعات بأن الخروج أولاً ثم يأتي كل شيء.
وتقاس الأمور عند البعض بالنتائج فلو كان الحريق حقيقياً وتضررت الهادئات مع طالباتهن اللاتي ترددن في الخروج حتى سماع الأمر وفهمه لاعتبرن مخطئات وغير قادرات على اتخاذ القرار السريع.. بينما اعتبرت الراكضات إلى الخارج واعيات قادرات على تحمل المسؤولية والتصرف الحسن في الوقت المناسب.
وحيث إن الأمر ولله الحمد كان مجرد عطب جهاز تكييف تصاعدت رائحته الكهربائية وتداولت الموجودات خبر حريق كهربائي.. وحيث لا حريق ولا إصابات ظهر اللوم مقلوباً.. حيث اعتبرت الراكضات متسرعات ومنفعلات وغير شجاعات وأنهن كدن يتسببن بوفيات في الزحام دون أن يكون هناك خطر.. واعتبرت المترددات في الخروج حكيمات!!
وهذا نفسه ما دار من حوار حول مبنى الإدارات النسائية الذي انطلق فيه جرس إنذار الحريق.. فهدأت بعض النساء وظللن ينتظرن التعليمات بينما بعضهن خرجن مسرعات إلى الخارج.
وحيث إن النتائج ولله الحمد كانت أن جرس الإنذار كان قد انطلق لعطل فيه.
فإن اللوم كان للمسرعات الخارجات وهذا في رأيي ليس قياساً إيجابياً للأمور ولا يعطي مؤشراً على التعامل مع المواقف وتحسين أداء الناس فيها وتطويرهم للتعامل مع لحظة الخطر.
** بعد حادثة مكة استنفرت أجهزة الدفاع المدني والهلال الأحمر ووزارة التربية الجهود لتثقيف المدارس على كيفية الإخلاء السريع والمنظَّم في ذات الوقت.
وندد الجميع بثقافة التباطؤ والاتصال بالمسؤول الأعلى لأخذ الإذن بالخروج في حالة الخطر كما هو سائد سابقاً.
وشدد الدفاع المدني على ضرورة الإسراع بالإخلاء في حالة الخطر والحرص على الانتظام بالخروج خشية التدافع.
كم مرة تدربت طالبات الكليات أو مباني الإدارات النسائية على الإخلاء السريع.. لا أعتقد أن هذا تم.
ثم أين الفكرة التي نادينا بها لتوسيع توظيف النساء وتكوين فرق أمن وسلامة تسهم في سرعة الإخلاء وتنظيمه في حدوث أي اشتباه بالخطر.. لأن الحياة لا تحتمل أن يظل أحدنا منتظراً في مكانه لكي يفهم أولاً أو يتأكد من صحة الأمر وثبوت الخطر فعلياً ثم يبدأ بالتحرك.. الجزء من الثانية له دوره في إنقاذ الناس.. ولا يضر أن يخرج الناس ثم يعودون بعد التأكد من زوال الخطر.. بل الذي يضر أكثر أن يظلوا ينتظرون حتى يروا بأم أعينهم الخطر الداهم وحينذاك لا تحرك ينفع إلا بأمر الله سبحانه.. وبمعجزات لم نؤمر بانتظارها!
** في هذا الأسبوع «صفَّر» جرس إنذار في أحد المراكز النسائية الخاصة وكنت أحد الموجودين فيه.. لم أتوقف ولم أتردد ولم أنتظر أحداً يبلغني ماذا يحدث أطلقت ساقي للريح، بل تخليت عن حذائي لأركض كما يجب، فقد كانت صور زوجي وأطفالي تمر في رأسي كشريط سينمائي يحرضني على الركض خارجاً.. وكنت على يقين بأن كل شيء مكتوب.. لكنني كنت أيضاً مجبولة على ثقافة اعقلها وتوكل.
حين خرجت قال لي حراس الأمن لا شيء هناك.. جرس إنذار كاذب.. كانت الفتيات «المغمى» عليهن ووجوه الأخريات التي يعلوها الاصفرار تحتاج إلى تعويض كبير إزاء ما لحقهن من خوف أو هلع.
لكننا وحيث إن النتيجة سليمة ولله الحمد.. نسينا الأمر.. وظللت أنا وزميلاتي نضحك على الحذاء المخلوع «!!»
** التدريب على الإخلاء السريع والمنظَّم.. والتصرف السريع واستثمار كل جزء من الثانية وتكوين فرق نسائية للأمن والسلامة في المدارس والمباني النسائية أمر منوط بوزارة التربية وبالدفاع المدني.
ويجب ألا ينسينا الزمن حادثة مكة، رحم الله فتياتها وأبعد عنا وعن أبنائنا وعن هذا الوطن كل خطر..!!

فاكس: 4530922


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved