Wednesday 10th March,200411486العددالاربعاء 19 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مركاز مركاز
فهيد والملف الشائك
حسين علي حسين

لي مع معالي الأستاذ فهد فهيد الشريف محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه علاقة قديمة، تزيد بقليل أو كثير على ربع قرن، وهي علاقة شد وجذب مثلما هي العلاقة دائماً بين الصحافي والمسؤول، خاصة إذا كان هذا المسؤول مثل معاليه من محبي الكلمة، وهو يكتب مثلنا كلما أراد أن ينفس عن نفسه إذا رأى ممارسة لا تسر، أو لا تجد من يؤشر عليها أو يقيمها.. ولم استغرب ذلك، بل لن استغرب عندما أجد أن كل من يعمل بجانب الدكتور غازي القصيبي يصبح كاتباً، وليس كاتباً فقط، بل كاتباً ومناكفاً، لا يرتاح أبداً عندما يرى أو يلمس في طريقه خطأ ما، مهما كانت درجة الخطر!
كنت أتوقع أن يتحول فهيد الشريف حالماً يصل سن التعاقد، إلى كاتب مشاغب لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب كما يقولون، فمثله بدأ الحياة العملية منذ تخرج من الجامعة، وهي حياة شاقة ومضنية، لكنها مثل السلسلة لم تنقطع لحظة واحدة، كانت منتظمة ومتواكبة، قليلاً ما ركن للراحة التي نعرفها، ونبدؤها بالعمل الخفيف ونقضي جزءاً كبيراً منها في النوم والتجوال، وما تبقى منها نعطيه للقراءة والكتابة.. لذلك فقد كنت أتوقع أن يكون منافساً للكتاب والصحافيين، الذين يلتقطون رزقهم من مقالة أو مقابلة أو قضية صحفية، لكن الله سلم، فقد انتقل صديقنا من سلم إلى سلم، وليس لنا وهو يباشر عمله الجديد، إلا أن نتمنى له التوفيق في موقعه الجديد، حيث من هذا المكان تتغذى أمكنة وتعطش أمكنة، وعليه أن يفتح الملفات ويوزع الماء المُحلَى على الجميع، خصوصاً من ينطلق من أراضيهم، مثل أهل جدة وأهل المنطقة الشرقية، ففي هاتين المنطقتين معاناة مزمنة مع المياه، فأهل المنطقة الشرقية يغتسلون بماء هماج ويشربون ماءً مثله، وأهل جدة بينهم وبين وايتات الماء عُشرة لا تنتهي، ونحسن صنعاً لو وضعنا آلية صارمة لتوزيع الماء المُحلَى، الذي يكلفنا الكثير من الجهد والمال، ليصل إلى مستحقيه، في كل مكان من بلادنا التي يجف فيها مخزون الماء عاماً بعد عام!
إننا من الدول القليلة التي تعتمد بشكل رئيس على المياه المُحلاة، وهذا الماء حسبما قيل وكتب، يكلف لتره الواحد أكثر مما يكلفنا لتر البنزين، ومع ذلك فإننا نجد بعضاً من أهلنا يتعامل معه، وكأنه يأتي من البحر إلى بيوتنا أو اننا على بحر ماؤه حلو زلال، وحتى لو كان كذلك، فإن الماء من النعم التي لكي تدوم تحتاج إلى من يصونها، ومن لا يصونها علينا أن نجبره على ذلك، ولنا مثلما للعديد من الدول عشرات الطرق التي يجب أن تتبع، لفرض ذلك!
إن هناك من يدفع مائة ريال شهرياً لكي يسقي حديقته ويغسل سياراته ويطبخ وينفح ويوزع الكثير من الماء على الشوارع، لا نريد من هؤلاء أن يدفعوا أكثر مما يدفعون، ولكننا نريد ن نعلمهم كيف يتعاملون مع الماء كما يتعاملون مع حافظة نقودهم ومجوهراتهم وأبدانهم، فهو نعمة لا بديل لها إلا الفناء أو العطش، أو تأجيل الاستحمام الصباحي، أو موت الحديقة المنزلية، أوالتخلص من المسبح كله، أشياء لن تجد أحداً يتخلص منها بسهولة، لذلك لا بديل عن خطة توعية ناجعة، غير توزيع البرشورات وبث البرامج وإعلانات الشوارع، لابد مع هذه الوسائل كلها أن يتم وضع آلية لضمان وصول الرسالة والعمل بها، وفوق ذلك كله وضع آلية صارمة لتدوير الماء، مثلما ندور الورق والحديد الخردة والنفايات، هذه طريقة معمول بها في أرقى الدول الأوربية، مع أن معاناتهم من الماء أقل منا بمراحل!
فهيد بن فهد الشريف أمامه ملفات مائية كثيرة وشائكة، سوف تجعله ينسى الكتابة في الصحف، وربما مقابلة من يكتبون فيها، وليس أمامنا إلا أن نطلب له العون، ليتمكن من جعل أبناء المنطقة الشرقية والغربية لا يعانون من قلة الماء، وليجعل أبناء المنطقة الوسطى وبعض أبناء المنطقة الغربية والجنوبية والشمالية لا يقفون طوابير تتبعها طوابير، لانتظار الماء المُحلَى القادم من الساحل الشرقي أو الغربي، وليس مهماً ان كانوا يشترونه بالوايت أو بعداد المصلحة، المهم أن يحسنوا وفادته مثلما يفعلون مع الضيف.
هنيئاً لأبي فارس مسيرته الطويلة، من مكتب معالي وزير الصناعة والكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء والهيئة العامة للاستثمار ووصولاً إلى وزارة المياه والكهرباء حتى وصل إلى أن يكون على قمة الهرم في المؤسسة العامة لتحلية المياه.

فاكس: 4533173


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved