Wednesday 10th March,200411486العددالاربعاء 19 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

البوارح البوارح
قيمة الوقت(2-2)
د. دلال بنت مخلد الحربي

تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن قيمة الوقت عند الغربيين ودللت على ذلك بعمل ديكسون الذي كان يعمل معتمداً سياسياً في الكويت، وكيف استثمر وقته لتتبع جوانب الحياة الاجتماعية في شبه الجزيرة من خلال كتابه (عرب الصحراء).
وتوقف مقال الأسبوع الماضي عند سؤال وهو: كم من الوقت قضى ديكسون وهو يرصد ويتابع ما حوله دقيقة بدقيقة؟.
يقول ديكسون في مقدمة كتابه: (بدأت في جمع مواد هذا الكتاب في عام 1929م عندما أتيت للمرة الأولى إلى الكويت. ثم تابعت العمل هذا حتى منتصف صيف عام 1936م حين سجلت آخر ملاحظاتي).
ومثل هذا العمل الدؤوب الذي استمر ما يقارب السبع سنوات هو عمل يدل على الرغبة في توخي الدقة وتقديم المعلومات بشكل جيد وجديد في الوقت نفسه، لم يكن ديكسون مدفوعاً فقط بالرغبة في إصدار كتاب يحمل اسمه بل إنه رغب في منافسة من سبقوه بالكتابة عن الجزيرة العربية أمثال فيلبي، توماس، وهاريسون وغيرهم بتقديم شيء مغاير وقد فعل.
استوقفت حياة البدوي وشخصيته ديكسون فوجد أنه من الخسارة بمكان ألا تدون حياة البدوي: (لا سيما ما يتعلق منها بالصفات البدوية الساحرة، وغير القابلة للتشويه التي يتمتع بها بدو شرق الجزيرة العربية).
ويضيف بأنه سوف يشعر بالمكافأة إذا نجح في إثارة الاهتمام بواحد من أكثر الشعوب لطفاً ومبعثا للافتخارإنه: (عرب الصحراء).
وعلم ديكسون عائلته قيمة الوقت وتعاضدت الأسرة جميعاً لإنجاز هذا العمل والاستفادة من وقتهم بإتمام أمور أخرى فالمعلومات الواردة في الكتاب عن النساء البدويات - والتي تبهرك بتفاصيلها ومناقشتها لكافة أمور النساء - عهد بها إلى زوجته وابنته زهرة لصعوبة اقتحام هذا العالم إلا من خلال المرأة، ولم يقف الأمر عند زوجة ديكسون وابنته عند حد جمع المعلومات الخاصة بالنساء بل سعتا إلى الحصول على عينات من الأزهار البرية وجمع الحشرات والسحالي والأفاعي والجراد وما إلى ذلك من حياة الصحراء، ويبدو أن زوجة ديكسون عكفت على دراسة الأزهار البرية في الكويت في الوقت الذي خصصت الإبنة وقتها لتقديم مجموعة متنوعة ومتكاملة عن الجراد الأمر الذي: (أثار هذان العملان اهتمام كل من السيد أ.ر.هووروود المسؤول عن حدائق كيو بلندن والبروفسور أوفاروف المسؤول عن متحف التاريخ الطبيعي في جنوب كينسينغتون).
عشق ديكسون حياة الصحراء وأحبها وأقام بين البدو طوال إقامته في الكويت، ففي كل شتاء كان يخرج إلى الصحراء ينصب خيمته مع أصدقائه البدو مع عائلاتهم وتعلم خلال تلك المدة أن يحب ويحترم البدو الذين اكتسب منهم نفاذ بصيرتهم كما يقول. وكان في كل رحلاته يتقصى.. يحاور.. يستكشف.. وعندما يعود إلى الكويت يعيد النظر في مادته ويستفيد ممن كانوا يفدون للمعتمدية لأي أمر كان فيبادر إلى سؤالهم، وقد تأتي بعض الأجوبة شافية، وإذا ماكانت غير ذلك ترك الأمر لرحلة أخرى، وأحياناً كان ديكسون يعلم بأمر شيخ أو رجل ذي معرفة قد قدم إلى الكويت فيبادر بالتوجه إليه ليفتح معه بعد ذلك حواراً حول المعلومة التي يريد استيضاحها، كما أتاح له مركزه من إجراء اتصالات وثيقة بالموظفين العرب وكبار رجال القبائل وكان من عادته: (ان يذهب برحلة في المساء إلى الصحراء حيث يحتسي القهوة مع أحد البدو في خيمته).
صدر كتاب عرب الصحراء في عام 1947م وهو منذ ذلك التاريخ حتى الوقت الراهن كتاب مهم، ومرجع لا غنى عنه لمن يود الكتابة عن البدو في شبه الجزيرة العربية، وبمعنى أصح من أراد أن يكتب عن شعب الجزيرة العربية.
وبعد عدة أعوام أصدرت زهرة ابنة ديكسون كتاباً لها معنون ب(الكويت كانت منزلي) حاولت فيه محاكاة والديها في نقل شيء من تاريخ المنطقة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فنقلت تجربتها المباشرة من خلال إقامتها في الكويت وعملها، فجاء كتابها يحمل بصمة أخرى. وحوى معلومات تعد ذات قيمة عند المتخصصين الأمر الذي عدوه مرجعا لا غنى عنه يؤرخ لمرحلة من مراحل تاريخ منطقة الخليج العربي بشكل عام، والكويت بشكل خاص.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved