تعتبر المزايا المادية والمعنوية التي تمنح للموظف أو العامل بموجب عقد العمل من أهم التزامات صاحب العمل تجاه العامل، وهي الدافع الرئيسي لهذا الأخير للدخول في علاقة تعاقدية مع صاحب العمل نظير ادائه عمل معين.
ومن خلال وقوفي بحكم طبيعة عملي على عدد من نماذج عقود العمل المطبقة في بعض الجهات أو اتفاقية توظيف كما يسميها البعض، لفتت انتباهي عدة ملاحظات تضمنتها تلك العقود التي يجدر بنا الوقوف عندها للتوضيح وإبداء الرأي بشأنها وذلك على النحو التالي:
1- فترة التجربة:
المادة (71) من نظام العمل والعمال الصادر بالمرسوم الملكي رقم21 وتاريخ 6/9/1389 نصت على جواز خضوع الموظف لفترة تجربة لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر من تاريخ مباشرته للعمل للتأكد من مدى صلاحيته للعمل، وتعتبر تلك الفترة جزءا لا يتجزأ من مدة العقد بعد اجتيازها، شريطة أن ينص عليها في عقد التوظيف، وبالتالي يعد الموظف خلال تلك الفترة موظفا فعليا له ما للموظف من حقوق وعليه ما على الموظف من واجبات أو التزامات بما في ذلك اشتراكات التأمينات الاجتماعية.
ولكن درج بعض أصحاب العمل على ضرورة إخضاع الموظف لفترة تجربة لمدة معينة قد تتجاوز ما هو منصوص عليها نظاما براتب مقطوع، بحيث إذا اجتازها يصبح مؤهلا لإبرام عقد عمل ويستحق بالتالي جميع المزايا المنصوص عليها في العقد من رواتب وبدلات ومكافأة وذلك قياسا كما يراها أصحاب العمل على حالة الموظف العام المعين بموجب عقد على نظام الساعات الذي يمنح الموظف بموجبه راتبا مقطوعا فقط دون اية مزايا أو حقوق أخرى من إجازات أو عائدات تقاعدية.
في اعتقادي أن ذلك الإجراء يتنافى والمادة (71) من النظام المذكور لان فترة التجربة كما أشرت سابقا تعد جزءاً لا يتجزأ من مدة العقد بعد اجتيازها وبالتالي تحتسب مكافأة نهاية الخدمة منذ مباشرة الموظف للعمل وليس من نهاية فترة التجربة وللموظف خلالها جميع ماورد في العقد أو اللائحة من حقوق ومزايا لان المتفق عليه نظاما أن عقد العمل يعتبر ساريا ومنتجا لجميع الآثار المترتبة عليه من تاريخ المباشرة الفعلية للوظيفة.
والمنظم عندما أجاز اشتراط هذه المدة لكي يتأكد صاحب العمل من صلاحية الموظف وكفاءته وقدراته فإن لم يثبت الموظف أو العامل صلاحيته خلالها جاز لصاحب العمل فصله دون إنذار أو تعويض أو مكافأة وفقا للمادة (83/6) من نظام العمل.
وفي حالة كون فترة التجربة تتجاوز ما هو منصوص عليها نظاما فتعتبر مدتها كما ورد في النظام (لا تتجاوز ثلاثة اشهر) ولا عبرة فيما زاد على ذلك ولا يترتب عليه أي اثر.
أما مسألة القياس على نظام الساعات، فلا يمكن الاعتداد بها لان العامل يخضع لنظام العمل والعمال واللوائح والقرارات الصادرة بموجبه ولا يقاس على أي موظف أو نوعية أخرى من العقود كعقود الساعات في نظام الخدمة المدنية، فلكل نظامه وقواعده التي تحكمه.
2- مكافأة نهاية الخدمة
الهدف منها تشجيع العامل على البقاء أطول فترة ممكنة في وظيفته لان المكافأة تزداد بزيادة عدد سنوات خدمته، كما أنها تساعده على توفير العيش الكريم له ولاسرته ريثما يجد فرصة عمل أخرى.
والمتعارف عليه في عقود العمل أن بدل النقل لا يدخل في احتساب مكافأة نهاية الخدمة بعكس بدل السكن ولاشك أن التكييف الذي يحول دون احتساب بدل النقل في المكافأة قد يضر بمصلحة الموظف ويجافي المنطق والعدل وذلك على النحو التالي:
1- المادة (87) من نظام العمل والعمال نصت على( إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة... وجب على صاحب العمل أن يدفع مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس اجر نصف الشهر...) فعبارة الأجر جاءت على إطلاقها دون تقييد لان المقرر في أصول التفسير أن المطلق يجري على إطلاقه إلى أن يوجد نص بالقوة النظامية ذاتها يقيده وليس في نصوص النظام ما يصرف النص المذكور عن إطلاقه، وما يؤكد ذلك أن المادة 7-6 من النظام المذكور في تعريفها للأجر ( هو كل ما يعطى للعامل مقابل عمله مهما كان نوعه... وبصورة عامة يشمل الأجر جميع الزيادات والعلاوات أيا كان نوعها بما في ذلك تعويض غلاء المعيشة وتعويض أعباء العائلة) فكل ما يعطى للعامل بموجب عقد العمل يصلح أن يكون أجرا بشرط أن يثبت ذلك في ذمة صاحب العمل باعتباره حقا للعامل، والشرط الثاني أن يكون نظير قيامه بعمله.
2- المرسوم الملكي رقم م/2 وتاريخ 7-2-1403عندما نص على ( تضاف إلى المادة 87 من نظام العمل والعمال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/21 وتاريخ 6-9-1389 الفقرة التالية ( واستثناء من حكم المادة السادسة من هذا النظام يجوز الاتفاق على ألا تحتسب في الأجر الذي تسوي على أساسه مكافاة نهاية الخدمة كل أو بعض مبالغ العمولات والنسب المئوية عن ثمن المبيعات وما أشبه ذلك من عناصر الأجر الذي يدفع للعامل وتكون قابلة بطبيعتها للزيادة والنقصان).
وهو ما يفهم منه أن المكافأة تحتسب بناء على الأجر الوارد في المادة (7-6) من النظام المذكور ويدخل فيها بدل النقل وكل بدل وعمولات تعطى للعامل بموجب عقد العمل سواء كانت نقدية او عينية إلا ما استثني بموجب العقد او اللائحة وكان مما ورد في المرسوم الملكي المشار إليه سابقا والمعدل للمادة (87) من النظام وبدل النقل ليس بطبيعته قابل للزيادة والنقصان كما انه لم يستثن في المرسوم الملكي.
ونخلص من ذلك إلى أن أي شرط يرد في عقد العمل مما يخالف النظام ويضر بالعامل، لا يعتد به ويعاد للعامل عند التقاضي، وما ذلك إلا تطبيقا للقواعد الحمائية لنظام العمل.
3-الرعاية الطبية
بموجب عقد العمل، يلتزم صاحب العمل بتوفير الرعاية الطبية للموظف ومن يعولهم شرعا، والسؤال المطروح : ما مدى استحقاق زوج المرأة العاملة للرعاية الطبية المقدمة لزوجته الموظفة؟
بعض أصحاب العمل يلتزم بتقديمها للموظف ومن يعولهم شرعا والبعض الآخر للموظف وأفراد أسرته بحدود اثنين أو ثلاثة من الأبناء ماعدا الزوج.
وفي كل الأحوال فإن الزوج يخرج من دائرة المشمولين بالرعاية الطبية على أساس أن المرأة لا تلتزم شرعا بالنفقة لان الزوج هو المسؤول عن رعاية الأسرة والنفقة عليهم ومنهم الزوجة التي تتفرغ للمهام الأسرية داخل البيت.
وإذا كان هذا هو الأصل فإن الواقع العملي يبين أن هناك العديد من النساء العاملات اللاتي يقمن بدور العائل لأسرهن ومن بينهم الزوج الذي لسبب أو لآخر لا يمكنه القيام بذلك، هذا بالإضافة إلى أن المرأة المتزوجة في حالة خروجها للعمل فإن ذلك يؤدي إلى استقطاع الجزء المخصص للأسرة لهذه الوظيفة وبالتالي فمن المنطق والعدل شمول المزايا المترتبة على الوظيفة لاسرتها بمن فيها الزوج والتي من أهمها: التأمين الطبي وذلك أسوة بما يمنح للموظف إذا كان رجلا. وما ذلك إلا تطبيقا للقاعدة الشرعية الغرم بالغنم فالحقوق المترتبة على الوظيفة هي جزاء احتباس المرأة العاملة لمنفعة صاحب العمل وبالتالي تستحق واسرتها ما يترتب على ذلك من مزايا وحقوق.
بالإضافة إلى ذلك فإن حرمان الزوج من العلاج يتعارض مع مفهوم
( أفراد الأسرة) التي تشمل كلا من الزوج والزوجة والأبناء من ذكر وأنثى وبالتالي فإنه ليس هناك ما يمنع استحقاق زوج الموظفة للرعاية الطبية الممنوحة لزوجته لاسيما إذا كانت الجهة التابعة لها الموظفة تستقطع جزءا من راتبها من أجل التأمين الطبي لانه إذا كان الهدف من منح الرعاية الطبية للموظف وأفراد أسرته هو توفير الراحة المادية والنفسية له من اجل زيادة إنتاجيته في العمل. لان الواقع العملي يثبت أن الموظف عندما تطرا عليه ظروف معينة كمرض زوجه أو أحد أبنائه ممكن أن ينعكس ذلك على إنتاجيته التي تتأثر تلقائيا نتيجة تلك الظروف. ولكن حالما يعلم أن الرعاية الطبية تشمله وأفراد أسرته دون استثناء بمن فيهم الزوج فإن ذلك ينعكس إيجابا على إنتاجيته إذاً فالهدف من الرعاية الطبية متحقق في الحالتين الموظف والموظفة على حد سواء.
ويمكن قياس استحقاق الزوج للرعاية الطبية على المادة الثانية فقرة (8) من نظام التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/33 وتاريخ 3-9-1423 والتي نصت على أفراد العائلة في الاستفادة من جميع الحقوق المقررة للمشترك في نظام التأمينات الاجتماعية وهم:
أù- أرملة أو أرمل المتوفى، والأرمل هو الذي توفيت زوجته المشتركة في النظام إذا كان عاجزا عن الكسب وذلك إلى حين زوال عجزه.
أما ما يتعلق بتحديد عدد أفراد الأسرة المشمولين بالرعاية الطبية بحدود اثنين او ثلاثة، فأرى انه لايمكن الأخذ بها على اعتبار أن تلك الفكرة مستوحاة من دول الغرب والتي تأخذ بنظام تحديد النسل بحدود اثنين أو ثلاثة من الأبناء كحد أقصى في كل أسرة الأمر الذي لايمكن القياس عليهم بسبب اختلاف طبيعة وظروف الحياة ولان المجتمع السعودي تحكمه الشريعة الإسلامية التي تحث على الإكثار من النسل تطبيقا لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم
( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
عضو هيئة التدريب - إدارة برامج الأنظمة معهد الإدارة العامة
com Zak474@hotmail. |