Wednesday 10th March,200411486العددالاربعاء 19 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
إذا كان القاضي راضي..
عبدالله بن بخيت

نشر يوم أمس الأول في هذه الجريدة الخبر التالي: (حذرت وزارة التجارة عموم الشركات والمؤسسات من نشر إعلاناتهم في الوسائل الإعلامية غير المرخصة ومواقع الإنترنت الإباحية، ويأتي ذلك بعد أن لاحظت الوزارة كثرة ظهور بعض الإعلانات التجارية السعودية على مواقع غير مرخصة من الوزارة واكد ان قرار المنع جاء نظراً لما قد تحتويه بعض المواقع من مواد إباحية أو تتعارض توجهاتها مع قيم وتوجهات المملكة وبناء على توجيهات معالي الوزير حثت الغرفة منتسبيها على عدم نشر إعلاناتهم في الوسائل الإعلامية غير المرخصة ومواقع الإنترنت الإباحية أو تلك التي تتعارض توجهاتها مع قيم وتوجهات مملكتنا الغالية. وناشد بالالتزام بهذه التعليمات وعدم تجاوزها حفاظاً على قيم وسمعة هذه البلاد). انتهى الخبر.
لاحظوا أن الخبر بدأ بتحمير العين ونفته حتى إنني خفت على التجار المخالفين من غضبة الوزارة التي طال انتظارها ، فاللغة العربية التي نعرفها تقول إن (التحذير) يعني التلويح بالقوة واحتمال اللجوء إليها إذا لم ينصع صاحب الشأن. عندما يبدأ القارىء في قراءة الخبر سيظن الوزارة مصممة على إيقاف الإعلانات السعودية في المواقع غير المرخص لها والمواقع الإباحية بأي ثمن وأن الخبر سينطوي على الضوابط والعقوبات التي ستنزل بالتجار الذين يخالفون مثل وأخلاقيات هذه الأمة بدعم الأماكن الرخيصة بأموال إعلاناتهم حتى إن الخبر يقول (وأكد أن قرار المنع جاء نظراً لما قد تحتويه بعض المواقع من مواد إباحية) فتفهم من التحذير وتأكيد المنع أن هناك قراراً صارماً سوف نقرأ تفاصيله في طيات هذا الخبر بل تفهم أن هناك منعاً نهائياً ولكن هذا التحذير والعين الحمراء والمنع تحولت في منتصف المقال إلى (حث) حيث يقول الخبر (وبناء على توجيهات معالي الوزير حثت الغرفة منتسبيها على عدم نشر إعلاناتهم في الوسائل غير المرخصة ومواقع الإنترنت الاباحية). مسافة القوة بين (حذر) وبين (حث) كبيرة فمن يبدأ بالتحذير لا ينتقل إلى الحث لأن الحث أضعف بكثير من التحذير ، فالتحذير يشي بأن صاحبه يملك قوة ويملك قدرة عند تنفيذ توجيهاته. أما الحث فهو مجرد دفع برفق من باب الميانة أو استغلال التقدير المتبادل. إلى هنا يمكن للواحد أن يفهم أن الوزارة بدأت بالتحذير ودحدرت قليلا إلى (الحث) حتى لا ترعب إخواننا التجار ولكن هذا (التحذير) ثم (الحث) تحولا في نهاية الخبر إلى استعطاف حيث ينتهي الخبر: (وناشدت بالالتزام بهذه التعليمات وعدم تجاوزها حفاظاً على قيم وسمعة البلاد). فالخبر بدأ بالعين الحمراء (حذر) ثم انتقل إلى (حث) وأخيراً انتهى إلى (ناشد).
يذكرني هذا الخبر بقدرات وخبرات وزارة الخارجية البريطانية في صياغة المعاهدات والقوانين الدولية حيث دأبت وزارة الخارجية البريطانية على صياغة المعاهدات الدولية التي تشرف عليها بحيث ترضي كل الأطراف المشتركة دون أن تقول شيئاً يذكر أو أنها تخلق لهم مشاكل لا حصر لها في المستقبل. فخبر وزارة التجارة هذا كأنما صيغ في وزارة الخارجية البريطانية. فهو يرضي كل الأطراف دون أن يحرك ساكنا. فهو أولاً يخدر قلق المواطنين من تفاقم دعم التجار السعوديين لقنوات العبث والمجون وفي الوقت نفسه لا يمس مصالح التجار ومكاسبهم ويتركهم على هواهم بغض النظر عن خطورة تصرفاتهم على قيم الأمة ثم وهذا الأهم يبرىء ذمة وزارة التجارة ويخليها من المسؤولية.
يقول المثل الشعبي: (إذا كان القاضي راضي فأرجس يا حسين)

فاكس 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved