Wednesday 10th March,200411486العددالاربعاء 19 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من أين أتينا؟ من أين أتينا؟
( صادوه).. عندما يصبح الطالب مطلوبا !
د. عبدالله بن ناصر الحمود(*)

في زمن الأزمات المجتمعية، تتجه أنظار الشعوب إلى علمائها، ومفكريها، ومثقفيها- بشكل عام- طمعا في مساهمة فاعلة من أجل التعامل الأمثل مع الأزمة، ومواجهة آثارها السلبية، والحد منها، أو تعطيلها.
في الأزمات الدولية المعاصرة، برزت على الساحة العالمية قضية الصورة الذهنية لمجتمعات معينة لدى مجتمعات أخرى، باعتبار تلك الصورة محركا أساسا، ليس لإيجاد أزمة معينة، ولكن- ربما - لتعميق الموقف المتأزم؛ ليصبح غائرا في نسيج المجتمع الذي تتم مهاجمته، بحيث تصعب- بالتالي- عمليات المقاومة المجتمعية، وبحيث تكون الفرصة مواتية- بشكل أكثر- لبروز الموضوع المشكل الذي تتمحور حوله الأزمة، ولاتساع دائرة الهوة بين المريدين للاختراق المجتمعي وأبناء المجتمع الذي تجري المحاولات لاختراقه، ويبقى الأمر- غالبا- رهينا بكثير من العوامل والمتغيرات التي من أهمها الدور الحيوي جدا للمفكرين والمثقفين، في فهم الآراء الأخرى ومحاورتها ومقارعة الحجة بالحجة، ويتقدم قائمة المهمات المجتمعية تلك، دور الفئات المذكورة في الدخول في حوارات مباشرة وغير مباشرة مع الآخر البعيد عنا الذي- ربما- جاء يهدف إلى استطلاع آرائنا- بشكل أو بآخر- حول ما يثيره هو من قضايا وموضوعات الأصل فيها والمستند الأهم، الصورة الذهنية التي يحملها، إضافة إلى عدد من المعلومات وأنصاف الحقائق التي تم جمعها- بعناية فائقة- لدعم الموقف المشكل وتعميق الرؤية المناوئة، وهنا.. يصل الموقف الفكري والثقافي إلى ذروته، وينظر الناس بافتخار إلى ثلة العلماء والمفكرين والمثقفين، لأنهم - والحال كذلك- في مقدمة الصفوف التي ستدافع عن القضية، وستوضح وجهة النظر المغيبة، وستعيد التوازن من أجل مزيد من التفاهم الدولي.
غير أن المشكل الأكبر والأهم ليس في هذا، بل- ربما - عندما تنقلب الحال على نحو ( عون أبي زيد)، ويصبح من هم في الخطوط الفكرية الأمامية، يرددون ما يصلهم من عبارات مناوئة، وبدلا من التفنيد، يردون إيجابا على بواعث أطروحات الاختراق، وعوضا عن أن يكونوا معنا - ربما - أصبحوا علينا، والعجب في هذه الحال؛ ضعف فرضية عدم الوعي بالموقف أو فهمه، لأن تلك الفئات محسوبة على أهل الفهم والدراية، مما يرفع عندي- لمن هذه حاله- فرضية الاختراق الفردي وأن ( الجماعة) قد ( صادوه) من حيث يدري أو لا يدري، فصار عونا لهم، وبات يحتاج من يعينه من أجلنا بعد أن كنا نطلب العون منه، ونتطلع إلى صولاته وجولاته الفكرية المستنيرة التي تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي في العلاقة بين المجتمعات الإنسانية، وعندها يصبح الطالب مطلوبا، ويخبو بريق قضيتنا، من هنا، ربما أُتِينا من أن إرادة الاختراق المجتمعي قد تعمل على اختراق بعض الأفراد مثلما تعمل على انتهاك قيم وأعراف وتقاليد مجتمعية قد نحذر كثيرا، لكننا- ربما- نؤتى من حيث نأمن.

(*) عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved