في بادرة إنسانية تعمق روح التسامح
الصلح ينقذ (مجدل) من السيف.. والأخيار يتبارون في تقريب وجهات النظر

* الرياض - عبدالرحمن السريع:
في بادرة إنسانية جديدة تؤكد مدى التسامح الذي يسود أبناء المملكة، تم مؤخراً أمام رئاسة محاكم عسير بأبها الصلح بين قبيلتين عريقتين كاد أن يصل النزاع بينهما إلى سفك الدماء.
وتعود تفاصيل هذه البادرة المباركة بعد أن قام الجاني مجدل فهيد مشعان المراشدة المساردة بالاعتداء على المجني عليه المدعو عايض بن عوض الرشدة الحباب وذلك في يوم 16-8-1421هـ وقد هرب الجاني وبفضل من الله ثم من رجال الأمن تم القبض عليه بعد ثمانية أيام بمحافظة تثليث بمنطقة عسير، وبعد صدور الحكم بالقصاص شرعاً على الجاني قام شيخ قبيلة المراشدة من المساردة دمخان محمد دمخان بالبحث عن الصلح مع قبيلة المجني عليه ولكن دون جدوى رغم استناده لبعض من مشايخ وأعيان قبائل قحطان.
وبعد سنوات من المحاولات للصلح في هذه القضية فقد توصل إلى الشيخ ظافر محمد الحلاوي آل جميع الذي قام بالاستمرار في توجيهات المساعي الخيرة فيما أدى إلى استدعاء أصحاب الدم وشيخ قبيلة الجاني إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود أمامه شخصياً ويرافقهم شيخ شمل قبائل قحطان ووادعه الجنوب الشيخ فهد بن دليم، وذلك بمتابعة من فضيلة الشيخ سعد البريك، وقد اعلنوا العتق أمام سموه شخصياً، وذلك لوجه الله وبشرط الاقبال على اصحاب الدم في عقر دارهم مما لا يخالف الشريعة الاسلامية.
وقد تقرر موعد الاقبال يوم الخميس الموافق 13-1-1425هـ بقرية اصحاب الدم.
وبناءً على ذلك صدر توجيهات سمو أمير منطقة عسير الأمير خالد الفيصل وسمو نائبه فيصل بن خالد ووكيل امارة عسير ومحافظة تثليث ومركز العرين ومركز الامواه.
وقد تم الصلح بين القبيلتين في ذلك اليوم بحضور امني مكثف بحضور مدير شرطة تثليث ومدير شرطة العرين ومدير شرطة احد رفيدة ومدير شرطة الامواه ومدير شرطة الخنقة، وذلك بشروط اولها الحلف، وثانيها مليونا ريال ومائة ألف.
وللقبيل أيضاً عشرة آلاف ريال وسيارة جيب دفع رباعي قيمتها ما يقارب ثمانون ألف ريال، ومهمة القبيل تحمل توجيه مسؤولية ما يحدث بعد الصلح.
وقد اختتمت القضية في صباح يوم السبت الماضي برئاسة محاكم منطقة عسير بحضور شيخ قبيلة قحطان فهد بن ديلم والوكيل الشرعي عبدالوهاب بن عوض العايش واخويه كل من: حسين وعايش، وبعض من أقاربه، وبحضور الشيخ دمخان بن محمد بن دمخان الوكيل الشرعي للجاني، وقد استلم أشقاء المجني عليه مليونين ومائتي ألف ريال من حسابه الخاص بشيك.
وفي نهاية الصلح تحدث للجزيرة الشيخ دمخان محمد بن دمخان شيخ قبيلة المراشدة من المساردة (شيخ قبيلة الجاني) قائلاً:
تم الصلح بفضل من الله ثم فضل وجهود سمو سيدي الأمير عبدالعزيز بن فهد وتدخله في الوقت المناسب لهذه الصلح بين القبائل، وانه باسمي وباسم قبيلة المراشدة وقبائل المساردة اتقدم نيابة عنهم بجزيل الشكر والعرفان لصاحب الأيادي البيضاء في مساعي الخير الدائمة، ولا يستغرب من سموه هذه الأعمال الخيرة فهو ابن الفهد، ألبسه الله ثياب الصحة والعافية.كما نشكر مشايخ ونواب وأعيان قبائل قحطان، ونخص بالشكر كلاً من:
الشيخ ظافر بن محمد الخلاوي آل جميح على ما قام به من جهود في الصلح خلال الأعوام السابقة، وأيضا نشكر قبيلة آل عايش من الرشدة، ونقول: (بيض الله وجهيهم) ووجه من قام بنفس هذا العمل المبارك.
من جانبه قال: الشيخ عايض بن محمد بن دمخان من قبيلة الجاني أولاً: نحمد الله ونشكره على هذا الصلح، ثم نشكر سمو الأمير عبدالعزيز بن فهد على جهوده الكريمة على لمّ شمل القبائل والصلح بينها، نسأل الله ان يجعلها في موازين أعماله.
من جهة أخرى التقت الجزيرة مع الجاني مجدل فهيد مشعان المسردي بعد ان نقلت له خبر الاعفاء عن القصاص والصلح الذي تم مع أصحاب الدم، فانهار بالبكاء وقال: رحم الله الفقيد رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، شعوري الآن لا يوصف وأنا في غاية الاطمئنان، فالشكر لله ثم إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد، بعدها قام بالشكر للشيخ دمخان بن محمد بن دمخان والشيخ ظافر محمد الخلاوي والشيخ مبارك بن محمد المسردي رئيس مركز العرين، وأضاف: أنا نادم على ما عملت، وارجو من الله الغفران وقبول التوبة، وقال انه كان يعاني كثيرا من هذا الموقف، ووجه في ختام حديثه بنصيحة للشباب بضرورة ضبط النفس عند الغضب واجتناب المجتمع المنحرف والرجوع إلى طريق الصلاح والصواب، ثم انقطع عن الكلام وواصل البكاء.