المهم في الشأن العراقي هذا الوضوح في التطور المستقبلي الذي يؤمل أن يتم تتويجه بحكم وطني كامل نهاية العام المقبل يسبقه زوال الاحتلال.
وتبرز في الساحة العراقية المضطربة مخاوف تعكس التركيبة المعقدة للمجتمع العراقي وتتركز المخاوف أساساً على أي مصاعب من شأنها تأجيل الاستحقاقات ذات الصلة بمراحل الانتقال إلى الحكم الوطني الكامل؛ فالإجماع الذي يكاد يكون كاملاً من قبل أعضاء مجلس الحكم عند التوقيع يعكس إلى حد ما قبول الفئات أو الجماعات الكبرى في المجتمع العراقي الانخراط في هذه العملية الدستورية بكل ما تنطوي عليه من مراحل وانتخابات ووضع للدستور في صيغته النهائية. وتعكس حالة شبه الإجماع التي تحققت في جلسة التوقيع تصميماً وعزماً على السير في الخطوات الدستورية إلى نهايتها.
وفي الوقت ذاته فإن التحفظات التي برزت على القانون المؤقت تشير إلى أن الخلافات يمكن احتواؤها وأن طريقة التعبير عن الرفض اتخذت شكلاً هادئاً رغم سخونة المسرح العراقي وقابليته للاشتعال في أي وقت, ويعكس هذا التناول الهادئ للخلافات إدراكاً لحساسية الأوضاع التي لا تحتمل إطلاق العنان للخلافات؛ حتى لا تصل إلى مراحل يستحيل معها استعادة أجواء النقاش المنضبط.
والمهم أن مثل هذا الانضباط سيجعل أطراف المعادلة العراقية أقرب إلى التوافق باتجاه الوصول إلى الأهداف المرجوة, وبصفة خاصة إلى الحكم الوطني, بعد إنجاز هدف التخلص من الاحتلال, وهذا الأمر الخاص بالاحتلال يتطلب حزماً في الوفاء بالجدول الزمني للانسحاب، كما يتطلب إزالة كل الأسباب التي يمكن أن يتذرع بها الاحتلال للبقاء فترة أطول.
|