Wednesday 10th March,200411486العددالاربعاء 19 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عيون نجران تَزْدَان عيون نجران تَزْدَان
ناهد بنت أنور التادفي /عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتِّصال

إن صدور الموافقة السامية الكريمة باعتماد مشاريع تنموية في منطقة نجران، المشتملة على مشروع جلب المياه من الربع الخالي ومشروعات صحية وتعليمية وطرق تجاوزت كلفتها أكثر من مليار ومائتي مليون ريال، ما هو إلا ترجمة حية لاهتمام ولاة الأمر -حفظهم الله- بالوطن والمواطن، والعمل على تطوير جميع مناطق المملكة، فالشكر موصول لولاة الأمر على ما يُولونه من اهتمام متواصل بمنطقة نجران؛ لتطويرها في جميع جوانب التنمية.
بهذه العبارات الصادقة بدأ صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة نجران حديثه غداة الموافقة السامية باعتماد مشروع جلب المياه من الربع الخالي لمنطقة نجران بتكلفة تُقدَّر بمائتي مليون ريال، ضمن ميزانية العام الحالي 1424 - 1425هـ؛ حيث عمَّت الفرحة العارمة أرجاء المنطقة، واستقبل المواطنون الخبر بالبشر والترحاب وألسنتهم تلهج بخالص الشكر والولاء وعظيم الثناء لحكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -حفظه الله- وبطانته المخلصين؛ فقد أَوْلَى المليك المُفدَّى هذه المنطقة أهميةً قصوى أُسوةً بجميع مناطق المملكة الغالية على قلوبنا جميعاً؛ لينعم المواطن بالخير والرفاه، وهل مثل وفرة المياه خير؟!
وتنبع الأهمية لهذا المشروع من كونها ترتبط بأهم عنصر حيوي وضروري ولا استغناء عنه لاستمرار الحياة البشرية والكائنات الحية وهو الماء الذي أنزل فيه ربُّ العزة والجلال قرآناً يُتلى، فقال عزَّ من قائل: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}؛ فالماء هو عنصر الحياة الذي لا غنى لمخلوق عنه، وهو الحياة.. ومن هنا اكتسبت عملية توفيره أهميةً بالغةً في وقت بدَأَتْ فيه مصادر المياه على كوكب الأرض تقلُّ بصورة نسبية؛ نظراً للمتغيرات المناخية، إضافةً للإسراف والتبذير اللامحدود، بل وأصبح هذا الخطر مُنذراً بحروب بشرية ماحقة. ثم إن منطقة نجران جغرافياً، والتاريخ يشهد على ذلك، كانت عبارة عن واحة خضراء تعجُّ بالحياة وتذخر بمصابِّ المياه، وهي واحدة من المناطق ذات الإنتاج الزراعي الوفير، ويعمل حوالي 60% من أهلها بالزراعة، ويعتمدون اعتماداً كلِّيًّا في ريِّ مزارعهم على مصادر المياه التي تنعم بها نجران. لكن بتوالي السنين، ونتيجةً للتوسع الزراعي الذي يستهلك كميات إضافية من المياه، وهذا أدَّى إلى شبه جفاف ونضوب مصادر المياه. وقد ازدادت أهمية الماء في وقت صارت المنطقة في أشد حاجة له في ظلِّ نموِّها المُطَّرد عمرانياً وسكَّانياً، والحاجة إلى تأمين مصادر الحياة الكريمة لكل مواطن مهما كلفت من جهود، وأدَّى ذلك التوسع إلى ظهور العجز الواضح، وبشكل متزايد يحول دون إمكانية توفير تلك الكميات الهائلة من المياه، وأضاف احتباس المطر، وهذا أمرٌ تعاني منه كل دول العالم تقريباً، مزيداً من انخفاض منسوب المياه الجوفية في المنطقة إلى حد يبعث على القلق.
وقد انعكس هذا الوضع المُتأزِّم سلباً على القطاع الزراعي، وهددت مزارع كثيرة اشتهرت بها منطقة نجران بالجفاف، وكان لا بدَّ من إجراء منقذٍ سريع قبل أن تقع الواقعة، فبرزت أضواء البصيرة وصدق الإدراك لدى صاحب الفكر النَّيِّر المستبصر الأمير مشعل بن سعود أمير منطقة نجران، القائم على مصالحها والمدير لشؤونها؛ حيث رأى بعينه الثاقبة إلى أين تتجه الثروة المائية بنجران منذ توليه مقاليد إمارتها، والخوف من تواصل نضوب وجفاف تدريجي بدأت آثاره تظهر على معظم الآبار الارتوازية في شتَّى الأراضي الزراعية بالمنطقة؛ لذلك قرَّر البحث مبكِّراً عن حلٍّ جذري.
وقد وجَّه سموُّه تعليماته إلى ذوي الاختصاص بإعداد دراسات عاجلة عن مشاكل المياه؛ الأسباب والحلول. وتبادر إلى سموِّه فكرتان لإيجاد الحل الأمثل، فكانت الأولى تُوصي بجلب الماء من صحراء الربع الخالي التي عُرف أنها غنيَّة جدًّا بالمياه الجوفية العميقة. أما الفكرة الثانية فكانت في توفير مياه الشرب عن طريق تحلية المياه في جازان. وقبل الشروع بخطوات بعيدة الأجل طلب سموُّ الأمير مشعل بن سعود استكشاف حل سريع عبر حفر آبار اختيارية في الربع الخالي للتأكُّد من جدوى تنفيذ هذا المشروع، وقد تم ذلك وثبت باليقين نجاح الفكرة وتوفُّر الماء. عندها تبلور تصوُّر شامل لتأمين مصدر آمن لمياه الشرب للمنطقة من الربع الخالي، وتأكَّد لسموِّه من خلال الاختبارات والدراسات من قِبَل المُختصِّين بأن هذا الموقع سيكون بإذن الله المصدر المطمئن الذي تستطيع منه مدينة نجران الحصول على كميات كافية في المياه، وإثبات جدوى استغلال ذلك المصدر لجلب المياه من بحر الرمال المُتحرِّكة في صحراء الربع الخالي إلى المدينة المحتاجة في نهضتها لمزيد من المياه. وقيام هذا المشروع الحيوي المهم سيُعيد إلى نجران التي توشَّحت بثوب الحضارة بهاءها ورونقها وخُضرتها الدائمة، وسيُعيد لها مكانتها الزراعية والاقتصادية المهمة التي تمتَّعت بها لسنوات طويلة، علاوة على تأمين مياه الشرب العذبة للمواطنين والمقيمين بهذه البقعة الطيِّبة من مملكتنا الحبيبة.ومعروف أن هذا المشروع العملاق سيعود على أهالي المنطقة بالخير والنفع العميم، وسيوفر مصدراً مائياً آمناً لمياه الشرب، وسوف يُصبح مشروع جلب مياه الشرب من الربع الخالي، أو الغالي كما أسماه سمو سيدي ولي العهد، حقيقةً ينعم بها المواطن، وبتكاليف أقل من جلب المياه المُحلاة من البحر، مما سيُتيح لأهالي منطقة نجران الاستمتاع بمياه الشرب العذبة بعد أن قلَّت المياه في باطن الأرض بواحة الجنوب التي هي بأمسِّ الحاجة إليه. ومشروع كبير كهذا حَرِيٌّ به أن ينال ما يستحقُّه من الثناء العطر، كيف لا وهو يمسُّ شُريان الحياة للمواطنين ولكافة مخلوقات الله، والماء أول أسباب الحياة، ولو غاب فمصير المخلوقات كلها إلى فناء، ولهذا وجب أن يُولى كلَّ هذا القدر من الاهتمام حتى تستمر وتتطور مشاريع التنمية، وتتلاحق المنجزات خيراً ورفاهيةً للشعب، فهو بحقٍّ عطاء يحمل بين طبقته عطاءً ما زال متواصلاً إلى أن يشاء الله من أجل الرقيِّ بالإنسان وتوفير كل احتياجاته الضرورية؛ ليواكب بلدان العالم المتحضرة. وهذا المشروع الحيوي المهم سيُعيد الحياة إلى شرايين نجران النابضة، ويرسم الخضرة على مُحيَّاها القسيم، بعد أن شحَّ منسوب المياه السطحية القريبة؛ نظراً لقلة الأمطار خلال السنوات الماضية. ولم يَبْقَ ذلك المشروع الطموح مُجرَّد فكرةٍ تدور في عالم محجوب، بل أبصر النور بفضل العزيمة الصادقة، والإصرار الصادق، والجهد الذي لا يهدأ. وهذا المشروع الباذخ في جوهره يدلُّ دلالةً واضحةً على اهتمام وُلاة أَمْرِنا بكل ما يخدم الوطن، وبذل كل ما في وسعهم لإسعاد المواطن، والسعي لتوفير الراحة والأمان له في كافة أرجاء بلادنا الحبيبة، والعمل باهتمام متواصل لتحقيق التنمية الشاملة.
نُبارك لنجران الغنيَّة بأهلها الذين لا يَنْسَوْنَ الجميل، والذين يعتبرون ما قدَّمته الحكومة من خدمات ومشاريع فاضت بالخير على أبنائها دينَ خيرٍ واجبَ السداد عن طريق مُواصلة النجاح، وصرف الجهود والتفاني في خدمة البلاد، وبذل الغالي والنفيس لثبات الدين والعقيدة على هذه الأرض المباركة. ونتقدَّم إلى الأمير مشعل وأبناء المنطقة بخالص التهاني لاعتماد هذا المشروع الكبير، خاصَّة ونجران منطقة تعتمد على الزراعة في أغلب نشاطاتها السكانية. والشكر للحكومة الرشيدة؛ لحرصها على دعم مسيرة التنمية التي انتهجتها لخدمة هذه المملكة الغالية وأهلها الكرام بأن جعلت في سُلَّم أولوياتها مصلحة كل فرد من أفراد هذا البلد المعطاء؛ لأنها تصبُّ جميعاً في مصلحة هذا الكيان الشامخ. وما هذا المشروع إلا إشارة واضحة على هذا الاهتمام الكبير. نسأل الله أن يحفظ وُلاة أمرنا من كل سوء، وأن يمدَّهم بنِعَمِه وآلائه؛ إنَّه على ذلك قدير.

الرياض - فاكس 14803452


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved