صبّوا عليه مدامعَ العبّادِ
بل كفنوه بطيّب الأورادِ
وتحاملوه على كريم خصاله
ثم ادفنوه بمهجتي وفؤادي
لي فيه دمعٌ قد تحدّر مثلما
لي فيه ترجيعُ البشيرِ الهادي
لله إنا راجعون إليه لا
يبقى سواه بعزة الإفرادِ
لي منه ذكرى حلّقت في خاطري
عن ذلك الشيخ العطوف الغادي
فيه المبرّةُ والعبادةُ أثمرا
بالصالحاتِ فتًى وفيرَ الزادِ
غدواتُه القرآنُ يتلو آيةً
روحاتُه الإحسانُ للقصَّادِ
قلبٌ تعلّقَ بالمساجدِ يافعاً
وبها ختامُ مطافِهِ برشادِ
حازَ المحبةَ والوقارَ بوجهِهِ
فانظرْ ينلْك رحابة الإسعادِ
عركَ الحياةَ تجارباً فأنالها
رجلاً صبوراً راسخَ الأوتادِ
علَتِ السماحةُ والأناةُ فؤادَهُ
فخلا من الأدواءِ والأحقادِ
يمشي الهوينى مثلما أخلاقُهُ
تمشي بطبعٍ رائقٍ متهادِي
نضحتْ أبوَّتُه قبيلَ شبابِهِ
فأفاضها تسقي صدى الورَّادِ
وعلى أكفِّ البرِّ يغرفُ باذلاً
برّاً بوالدِهِ إلى الأولادِ
فمضى من الدنيا بزادٍ مفعمٍ
الله يسبغُه على العبّادِ
تتحشرجُ الكلماتُ حينَ تذكُّري
إياه لكنِّي الجريحُ الشادي
تتدافعُ الأحزانُ موجاً هادراً
وأخوضُهُ بسفينةِ استرشادِ
فاللهُ حسبي في الشدائدِ دائماً
وهو العليمُ بحرقتي وسهادي
وهو الوليّ بأمرنا من قبلِ أنْ
ندري ويبقى مالكَ الأشهادِ
وهو الكريمُ إذا أناخ ببابِهِ
عبدٌ فقيرٌ طامعٌ برشادِ
لَهُمَّ فاقبلْ في عبيدِكَ (ناصراً)
وامْنُنْ عليه برحمةٍ وسدادِ
وسِّعْ مداخلَهُ وأكرِمْ نزْلَهُ
واغسلْهُ يلْقَكَ طيّبَ الإيرادِ
أسكنْهُ جناتِ الخلودِ تفضّلاً
واجمعْ هناك شتاتَنا يا هادِي