Saturday 27th March,200411503العددالسبت 6 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الديون الأمريكية تهدد النمو الاقتصادي العالمي الديون الأمريكية تهدد النمو الاقتصادي العالمي

* نيويورك-طارق عبدالغفار- أش أ:
أثارت التحذيرات التي أطلقها صندوق النقد الدولي بشأن التداعيات الخطيرة لمشكلة الديون الأمريكية المتنامية (التي تقدر بأكثر من 4 تريليونات دولار) المخاوف من تراجع معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال الأعوام القليلة القادمة .
وأوضحت مصادر صندوق النقد الدولي أن زيادة المديونية الخارجية بالتزامن مع ارتفاع العجز في الموازنة بالولايات المتحدة يهدد الاستقرار المالي العالمي. ويرى خبراء بصندوق النقد الدولي أن زيادة الطلب الامريكي على الاقتراض من الخارج والعجز المتزايد في ميزان المدفوعات وتراجع الدولار سوف يؤدي إلى تداعيات سلبية داخل الولايات المتحدة وخارجها منها ارتفاع الفائدة وزيادة الركود والبطالة وتقويض الثقة في بيئة الاستثمار الامريكية والدولية.
وقال تشارلز كولنز كبير الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي إن الميزانية الفيدرالية الامريكية (التي حققت فائضاً بلغ 2.5 بالمائة عام 2000) منيت بعجز قياسي بلغت نسبته 5 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي بما يوازي 470 مليار دولار العام الماضي.
وأشار إلى أن زيادة معدلات الطلب وارتفاع العجز في الموازنة والديون الامريكية سوف يدعم الاقتصاد العالمي على المدى القصير فقط بينما سيعاني الاقتصاد الدولي من التداعيات السلبية على المدى المتوسط والطويل.
ويتوقع محللون اقتصاديون أمريكيون ارتفاع الفائدة حال استمرار الزيادة في العجز بالموازنة وانخفاض معدل الادخار بالولايات المتحدة. وقال بول فينشتاين المحلل الاقتصادي الأمريكي إن ارتفاع حجم المديونية والعجز في الموازنة يضعان الاقتصاد الأمريكي والعالمي في مفترق طرق حيث سيزداد معدل نزيف الوظائف وتتراجع معدلات الانفاق الاستهلاكي. وأكد بن برنانك عضو لجنة السياسات ببنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن السيطرة على التضخم سوف تسهم في تثبيت معدل الفائدة خلال الأشهر القليلة القادمة. وأضاف أن حماس المستثمرين ولاسيما الآسيويين لشراء سندات الخزانة الامريكية شهد فتوراً ملحوظاً خلال الأشهر القليلة الماضية نتيجة ارتفاع حجم الديون الأمريكية وتزايد العجز في الموازنة إلى حوالي نصف تريليون دولار العام الماضي (حوالي 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي).
ويخشى المحلل الاقتصادي باري ماكينا من التداعيات السلبية لمعدل الفائدة المتدني على المدى الطويل بالولايات المتحدة مشيراً إلى أن التضخم (الذي وصل حالياً إلى أدنى معدل له) سوف يبدأ في الارتفاع حال إحجام الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الفائدة على المدى الطويل.
وتوقع عدم إقدام الاحتياطي الفيدرالي على التدخل لمناقشة معدل الفائدة قبل الخريف المقبل.
وقال المحلل الاقتصادي الأمريكي هيرب شتين إن المشكلات الاقتصادية الأمريكية التي تنعكس سلباً على النمو في العالم تنبع من ثلاثة أسباب لاعلاقة لها بالعجز في الموازنة أو قيمة الدولار.
أولا: قيادة الولايات المتحدة للعالم مما دفع الزعماء الامريكيين إلى التركيز على الجوانب السياسية كالحروب والسلام وتبعية القضايا الاقتصادية للسياسة .. وأشار إلى أن إدارة الرئيس جورج بوش تعتبر من أكثر الإدارات اهتماماً بالسياسة حيث تعطي الاولوية على سبيل المثال للحصول على تأييد الصين لموقفها من كوريا الشمالية في حين تغفل قضية اقتصادية مهمة كتعويم اليوان الصيني والعجز التجاري مع بكين والذي يقدر بنحو 120 مليار دولار.
ثانياً: تغفل الولايات المتحدة (بوصفها راعية لنظام التجارة الحرة) وضع صادراتها في اتفاقيات التجارة الحرة التي تبرمها مع الدول المختلفة. وتعطي واشنطن أولوية للعديد من الصناعات والجوانب الاقتصادية الأخرى التي لها بعد سياسي في اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الاخرى مثل الملكية الفكرية لحماية إنتاجها السينمائي والصلب لضمان أصوات العاملين بها في الانتخابات. ونتيجة لذلك يطالب المرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكية جون كيري بإعادة النظر في كافة اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمتها الولايات المتحدة من العديد من الدول لحماية المصالح التجارية الأمريكية والحد من هروب الوظائف الأمريكية للخارج للاستفادة من العمالة الرخيصة ولاسيما بالدول الآسيوية.
ثالثاً: العجز المتزايد في الميزان التجاري الأمريكي الذي يتزايد بصفة مستمرة.
وأوضح المحلل الاقتصادي روبرت كتنر ان العجز التجاري الامريكي استمر في الارتفاع رغم انخفاض العجز في الموازنة خلال التسعينيات من القرن الماضي. وأشار إلى أن العجز التجاري ارتفع رغم الركود الذي عانى منه الاقتصاد الامريكي في العامين الماضيين والذي ادى إلى تراجع معدلات الانفاق الاستهلاكي. ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون ان ارتفاع العجز في الميزان التجاري وانخفاض معدل الادخار سوف يدفع الإدارة الامريكية إلى زيادة معدلات الاستدانة من الخارج.
وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن إجمالي الديون الأمريكية تبلغ 4 تريليونات دولار حوالي 40 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي الامريكي الذي يبلغ 10 تريليونات دولار. وتوقع المحلل الاقتصادي الامريكي روبرت كتنر ارتفاع حجم الديون الامريكية مع استمرار ارتفاع مخصصات خدمة الديون الامريكية مشيراً إلى ان زيادة الديون والعجز في الموازنة سوف يضر بالنمو الاقتصادي الامريكي والعالمي على المدى القصير. وأضاف أن العديد من المؤسسات الاقتصادية الأمريكية حذرت الإدارات الامريكية طيلة العقدين الماضيين من تجاهل قضيتي الديون والعجز في الموازنة. ورغم تزايد وتيرة المساعي الامريكية لتحرير التجارة العالمية وتدعيم عملية العولمة حذر خبراء اقتصاديون أمريكيون من أن الاقتصاد الامريكي سوف يتأثر سلباً بالعولمة التي سوف تؤدي إلى تزايد معدلات الطلب داخل السوق الامريكية وبالتالي تفاقم مشكلة العجز في الميزان التجاري الامريكي مع العديد من الشركاء التجاريين كالصين والاتحاد الاوروبي واليابان حتى في حالة تراجع قيمة الدولار.
وفي السياق نفسه قال جيمس كوبر المحلل الاقتصادي الامريكي ان العولمة توفر فرصاً مواتية لتدعيم نمو الاقتصاد الامريكي إلا أنها في الوقت نفسه تمثل تحدياً قوياً للشركات الأمريكية 0 وأشار إلى أن العولمة سوف تزيد من المنافسة الشرسة بين الشركات الامريكية والعالمية وتدفع تلك الشركات إلى تخفيض الأسعار بهدف زيادة المبيعات خلال السنوات القليلة القادمة وهو ماسوف يشكل ضغطاً على الشركات الأمريكية لإعادة النظر في استراتيجياتها الإنتاجية والتسويقية وقوانين العمل.
وأشارت المحللة الاقتصادية الأمريكية كاثلين ماديجان إلى أن العولمة سوف تدفع الشركات الامريكية والعالمية إلى تحسين كفاءتها الإنتاجية والتسويقية وخفض تكاليف الانتاج.
وأوضحت أن تزايد معدلات الطلب داخل الولايات المتحدة سوف يتسبب في تزايد العجز في الميزان التجاري ولاسيما في ضوء العجز التجاري الحالي مع العديد من الشركاء التجاريين والذي ينعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved