Saturday 27th March,200411503العددالسبت 6 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وعلامات وعلامات
شهاب الحرب (8)
عبدالفتاح أبومدين

وإذا لم يكن ذلك خدعة من أحد دهاة العرب المشهورين، فما هي الخدعة يا أستاذ هزاع!؟.. وبذلك خرج الخوارج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين غلب في التحكيم..!! أليس هذا امتداداً لموقف الحسين بن علي رضي الله عنه حتى قتل، وكذلك الحال في ابن الزبير..!
وكنت أنتظر من الكاتب شرح خطبة الحجاج هذه، ليدرك القارئ معانيها، وعلى الأقل الكلمات التي يعسر على القارئ العادي فهمها، ولعل ذلك مهمة الناقل -المؤلف الكاتب-!! غير ان صاحبنا لم يشأ أن يكلّف نفسه شيئاً من ذلك!!
ورأيت من خطاب الحجاج، أنه جاء إلى أهل الكوفة، كحال تأبط شراً، مهدداً متوعّداً، وإلا كيف يريد منهم أن يردوا على كلمات نسبها إلى عبدالملك بن مروان على قرطاس، تتبعها وعود بأُعطيات أشبه بالرشاوى..!! وهل يليق بحاكم أن يخاطب القوم بهذه الألفاظ التي لا أدب فيها ولا قيم، مثل قوله: يا أهل العراق، ويا أهل الشقاق والنفاق وسيئ الأخلاق، وعبيد العصا وأولاد الإماء) إلخ..
وكاتبنا مهمته سهلة، فهو ينقل عن العقد الفريد وأمثاله، ثم -لا يقدر فعل الناس فيها وإضافة بعض الكلمات المقذعة-، وكذلك التشكيك في الراوي -الهيثم بن عدي-.. وهكذا نخوض مع الخائضين في هذه الروايات، على وجوهها المضطربة العائمة، إذ لا دقة ولا أمانة في هذه النصوص، التي تعج بها كتب ما نُسمّيه تُراثاً أو تراباً ورماداً..
وينقل الكاتب عن العقد الفريد، فقال صاحب العقد: وما رأيت الله عزَّ وجلَّ رضي الخلود لأحدٍ من خلقه إلا لأهونهم عليه إبليس، ولقد رأيت العبدَ الصالحَ سأل ربه فقال: (رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب) ففعل ثم اضمحلّ كأن لم يكن.. وهذا الذي نقله الكاتب ليس بذي موضوع هنا، وهو نقل بلا تأمل! ولم يقل صاحب العقد ولا الكاتب الناقل، مَن هو هذا العبد الصالح!! ونحن ندرك أنه النبي الملك سليمان بن داود عليهما السلام.. وليس بقاء إبليس طوال الحياة الدنيا خلوداً، بالمعنى المفهوم للخلود..!! فأين تعقب الكاتب على هذه الأمور..؟!
وأقرأ تناقضاً في النقل أو الواقع، ففي ص(73)، نقرأ لوم الخليفة عبدالملك بن مروان للحجاج، على إسرافه في الدماء في قتل أسرى (دير الجماجم)، وتبذيره في الأموال.. ونجد نص خطاب الحجاج على انه حسب نص جوابه: (ولعمري ما بلغت في عقوبة أهل المعصية ما هم أهله) إلخ.. وفي ص(74) نقرأ قول هزاع: (وكانت مسؤولية قتل أسرى دير الجماجم مسؤولية عبدالملك وحده): ونجد في آخر هذا التعقّب، أن عبدالملك يأمره بضرب أعناقهم، ولكن ليس في هذه السطور ذكر لجماعة دير الجماجم، وقال في آخر الرسالة أو بآخرة: (لم أبعثك مشفعاً وإنما بعثتك منفذاً مناجزاً لأهل الخلاف)!! وأسأل: من يحل معضلة هذا التناقض أو هذا التداخل..!!
وقتل الحجاج شاعر ابن الأشعث -أعشى همدان-، (الذي حاول جاهداً أن يعفو عنه الحجاج)، ولكن الحجاج أبى، رغم أن الشاعر مدحه بقصيدة من عيون الشعر، فقال:


أبى الله إلا أن يتممّ نورَهُ
ويطفئ نور الفاسقين فيخمدا
ويظهر أهلَ الحق في كل موطنٍ
ويُعدل رفعَ السيف من كان أصيدا

إلى أن يقول:


فما لبث الحجاج أن سلّ سيفَهُ
علينا فولى جمعنا وتبدّدا
وما زاحف الحجاج حتى رأيته
معانا ملقى للفتوح معودا
جنود أمير المؤمنين وخيله
وسلطانه أمسى عزيزاً مؤيَّدا
وجدنا بني مروان خير أئمة
وأفضل هذي الناس حلماً وسؤددا
سيغلب قوم غالبوا الله جهرة
وإن كايدوه كان أقوى وأكيدا
كذاك يضل الله من كان قلبه
مريضاً ومن والى النفاق وألحدا


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved