Sunday 11th April,200411518العددالأحد 21 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

البيروقراطية المصطنعة البيروقراطية المصطنعة
محمد إبراهيم فايع /خميس مشيط

لا غنى لأحدنا من مراجعات الدوائر والهيئات الحكومية الخدمية منها التي لها علاقة مباشرة بمصالح المواطن، وأخص منها بالذكر (المرور، الجوازات، البلدية، المحكمة، الكهرباء، الهاتف) ولا يمكن لمواطن أن يستغني عن مراجعة أحدها ولو مرة في الشهر، وأنا أكتب عن موضوع يهم كل واحد منا، أتذكر تعميم سيدي ولي العهد بتاريخ 11-11-1421هـ يحث فيه الهيئات والدوائر إلى إنجاز مصالح المواطن في كل دائرة من تلك الدوائر تخضع لإدارة، وفي كل إدارة موظفون، وبدون شك سيلحظ المراجع لها بفروق في المعاملة والإنجاز والعطاء بين تلك الإدارات عن طريق منسوبيها، فهناك إدارة واعية بدورها، مؤمنة برسالتها، تعي إلى درجة كبيرة أن المنصب الذي تشغله هو منصب للعطاء والإنجاز ولأداء الواجب، وفي المقابل هناك إدارة لا تملك قناعة تامة بدورها ولا بسر وجودها فوق هذا الكرسي وخلف ذلك المكتب، فقط إحالة الكتب بأسوار شائكة تحيل دون عبور المواطن بيسر وسهولة إليه، وفوق هذا فالعبوس والقسوة وعدم رد التحية بمثلها أو بأحسن منها من لزمات المدير القاسي الناجح الحازم. طبعا حسب مفهوم تلك الإدارة، وهو مفهوم خاطئ، تصوره النفس المريضة لصاحبها.
هذه في الجانب الإداري، أما إذا ما تحدثت عن الموظفين فهناك دوائر فيها موظفون معطاءون يتحلون بالأخلاق الحسنة والنشاط والحماس من أجل إنجاز العمل لأي مواطن، ينظرون إلى مراجعي دائرتهم نظرة احترام، ويدركون أن واجبهم يملي عليهم الوفاء بالعمل، مدركين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه) لا يهمهم مراقبة المدير أو محاسبة أي إنسان سوى مراقبة الله وأداء الأمانة، وهناك موظفون لا تتعب أن ترصدهم في كل دائرة حكومية، فالكسل يكسوهم، وكلمة (راجعنا غدا) نغمة لا يملّون تكرارها، ولا يتعبون من ترديدها، وآخر ما يفكرون فيه خدمة المراجع، وكأن إنجاز مصالح المواطن يتعبهم ويسيئهم، بل بعضهم كأنه سيدفع ثمن مصالح المواطن من جيبه الخاص.
هؤلاء الموظفون لا يدركون معنى وجودهم في مكاتبهم، ولا يملكون إحساس محاسبة الضمير؛ لأنهم يدركون أنه لا عقاب ولا حساب ولا مساءلة فيما لو قصروا في تأدية واجباتهم الوظيفية.
وكم هو حريّ أن أذكر هذه الفئة من الموظفين بقول أحد البلغاء: كن أسهل ما تكون وجها، وأظهر ما تكون بشرا، وأقصر ما تكون أمدا، وأحسن ما تكون خلقا، وألين ما تكون كنفا، وأوسع ما تكون أخلاقا، فإن الأيام والأِشياء عقب ودول، نعم والله، فكل الأشياء تزول وتذهب، ولا يبقى سوى المحامد والمآثر من الأفعال والأقوال، وقد قيل: لو كانت لك لما ذهبت لغيرك.
إن أشد ما يلقى المواطن أثناء مراجعاته للدوائر ذات الخدمات هو صلف البعض من المديرين والموظفين في تنفيذ التعليمات وفهمهم الخاطئ في تطبيقها بقصد التعقيد والمماطلة، ليس هذا فحسب، ولكن اصطناع طلبات وإلقاء أوامر لتحقيق شيء من الرغبة في السيطرة للتنفيس عن عقد نفسية يشعرون بها، ويفترض من المسؤولين في كل وزارة مراقبة خدمات موظفيها ومنسوبيها، ومحاسبة كل مقصر وكل متخاذل وكل من يحاول إبطاء مصالح المواطن والتقاعس في أداء الواجب الوظيفي، ويشهد الله أن هناك من الأمور التي يجب الأخذ على يد المتلاعبين بمصالح المواطن الذي يترك عمله وشؤون أسرته لإنجاز أمور تهمه، فلا يجد سوى التأخير والإهمال وقفل أبواب المكاتب، وليس له إلا تجرع كأس الصبر.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved