Wednesday 28th April,200411535العددالاربعاء 9 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحراك الثقافي والاجتماعي للمجتمع (1-3) الحراك الثقافي والاجتماعي للمجتمع (1-3)
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

مقدمة:
من أمثال العامة: في الحركة بركة.. وهم ينطلقون في ذلك من منطلقات غريزية، فالحركة.. علامة النمو والصحة والسعي والكسب والتقدم والاكتشاف.. وغيره.
وعكس الحركة الجمود الذي يقود إلى الركود والخمول والتخلف والاندثار.
والحركة إما ان تكون عضلية أو فكرية.. وهي في كلا الحالين مطلوبة.. وهي دائماً متكاملة.. فالحركة العضلية بدون فكر يقودها هدر وتشتيت وإنهاك.. والفكر بدون فعل وعمل هو كلام في الهواء (لا يودي ولا يجيب) - كما يقول العامة أيضاً.
ثقافة المجتمع هي وليدة التراكم المعرفي لأفراد المجتمع.. والتراكم المعرفي يمكن ان يوجه ويفعل وينشط فيكون ايجابياً في فعله ونتائجه.. ويمكن ان يترك دون توجيه فيكون تراكماً مشوهاً غير منظم وسلبياً في فعله ونتائجه.. فالقراءات الخاطئة أو التحليلات المبنية على مؤثرات شخصية أنانية.. أو تفاسير تم لي ذراع الحقيقة فيها لتتناسب مع أهواء وآراء ورغبات بعيدة عن الواقع والحقيقة تكون نتائجها مدمرة.. ويكفي النظر إلى كثير من دول المنطقة لنرى كيف تم اختطاف تلك الدول بشعوبها وتم تحويلها إلى دول وشعوب فقدت كل معرفتها وحضارتها التي كانت لها بسبب قيادات وجهتها الوجهة الخاطئة.
وبقدر ما ان ثقافة المجتمع هي امتداد للمعرفة التراكمية.. فهي بدورها يمكن ان تكون انعكاساً تقليديا يخلو من الابداع والتجديد والابتكار.. ويمكن ان تكون ردة فعل ذات عمق سطحي لا يتجاوز تأثيرها قشرة المجتمع.. ويمكن ان تكون استمراراً لفكر تقليدي مهيمن.. وهنا مكمن الخطر؛ حيث ان الحراك الثقافي للمجتمع سوف يتجه الاتجاه نفسه دون تفاعل أو تكامل مع فكر المجتمعات الأخرى خصوصاً المتقدمة منها.
من هنا لابد من قيادة الحراك الثقافي للمجتمع وتوجيهه بالشكل الذي يضمن عدم اختطافه أو لي ذراعه أو تخويفه وقمعه.
لابد من قيادة الحراك الثقافي للمجتمع وفق نظام وآلية مبنية على أهداف وغايات ضمن خطة متكاملة ليتماشى مع الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.. لا أن يقوم على اجتهادات وآراء ووجهات نظر ضيقة غير شمولية تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ.
في مقالة للاستاذ محمد المحمود عن المؤسسات الثقافية - جامعة القصيم نموذجاً - طالب بأن تكون هناك قيادة ذات طابع تغييري تثير الأسئلة حول السائد وتستنطق المسكوت عنه ولا تحميه بأجوبة اليقين التي تكرسها فئات فهمها للحراك الثقافي فهم ماضوي استرجاعي.. فالفعل الثقافي مع هذا الفهم لا يعدو ان يكون اعادة انتاج لما هو منتج سلفاً.. ثم ينتهي كاتب المقالة إلى ان التقليدي يريد للمؤسسة الثقافية التي تنشأ في محيطه ان تكون انعكاسا لثقافة هذا المحيط.. بمعنى ان تكون هذه المؤسسة حائطاً وسداً منيعاً ضد التغيير.. عوضاً عن ان تكون فعلاً في التغيير والتحوّل.
الحراك الثقافي كما يفهم من المصطلح يجب ان يكون حراكاً في كل الاتجاهات، حيث تصدر هذه الاتجاهات وتستورد.. ترسل وتتلقى.. تهذب وتحسن وتطور وتبني.. فالعدو الأول لأي حراك ثقافي هو التقوقع والانكفاء على كل ما هو موروث والذي صار في حسبان العامة ذا قدسية وأجوبته يقينية قطعية نهائية.
يفترض في المؤسسات الثقافية ان تكون اضافة تقدمية للمجتمع.. بما تملكه من كوادر ومقومات مادية ومعنوية.. كما يفترض ان يكون المثقفون والمؤسسات الثقافية قناة للتبادل الثقافي مع العالم.. قناة تستطيع ان تقود الحراك الثقافي لتحقيق تقدم المجتمع إلى الأفضل.. لا ان تكون حصناً مغلقاً لمنع التغيير تحت ذريعة محاربة الغزو الثقافي.. فلا يغزى في عقر داره إلا الضعيف.. وهل ثقافة مرتكزها الرئيس هو الاسلام ثقافة ضعيفة تغزى في عقر دارها؟.. هذا السؤال أرجو ان نحاول الإجابة عنه بموضوعية لا بانفعالية عاطفية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved