كان موضوع الحلقة السابقة عن بعض التطبيقات الاقتصادية لمفهوم الاخوة الإسلامية والتضامن والتآزر بين المسلمين ، وهي في نفس الوقت أحد أشكال التعبير عن الرأي التي يملكها الشخص والمجتمع تجاه القضايا التي تهمه. وإذا كان أحد هذه التطبيقات المقاطعة الاقتصادية لمن يشن الحرب على المسلمين، فإن دعم المسلمين الذين يعانون من هذه الحرب يأتي في الجهة المقابلة. وهو يشمل كافة أنواع الدعم والمؤازرة والمساعدة كل حسب استطاعته وقدرته. ومن ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - الدعم المالي والإعلامي والثقافي والسياسي والإغاثي، ولا يقتصر هذا الدعم على الأسر والعوائل والمدنيين فقط بل ينبغي أن يتوجه في المقام الأول للمجاهدين الذين يضحون بأرواحهم مقابل أن تعيش الأمة حرة والذين يقاتلون نيابة عنها لأنهم ليسوا هم المقصودين وحدهم بالحرب بل الأمة كلها بلا استثناء.
وإلى جانب كون الدعم واجبا دينيا وإنسانيا فهو أيضاً أسلوب من أساليب التعبير عن الرأي الذي تمارسه الشعوب في الدول الديمقراطية والذي تضمنه قوانينها. وهذا ما يفسر جانباً من وجود كم هائل من المنظمات والجمعيات والاتحادات على مختلف أنواعها واهتماماتها الداعمة لليهود بشكل عام وللموجودين منهم في فلسطين بشكل خاص. وكل ما على الشخص عمله لمعرفة هذه الحقيقة إلا استعمال أحد محركات البحث في الإنترنت وإدخال الكلمات المناسبة ويجد آلاف التنظيمات والمؤسسات الداعمة لليهود بشكل مباشر أما تلك التي تدعمها بشكل غير مباشر أو بشكل سري فمن الطبيعي أن تكون أكثر عدداً وفاعلية.
وتتنوع اهتمامات هذه المؤسسات وأشكال الدعم الذي تقدمه، فهناك مؤسسات تهتم بتقديم الدعم المادي للمهاجرين اليهود إلى فلسطين عن طريق جمع التبرعات، وهناك من يهتم بتقديم الدعم المادي للمتضررين من عدم استقرار الأوضاع، وهناك من يدعم إنشاء المستوطنات والبحث عن الآثار اليهودية في فلسطين. ولا يخفى على أحد الدعم الإعلامي الهائل الذي يجده اليهود سواء من قبل المؤسسات الإعلامية والفنية العامة أو من قبل تلك المتخصصة في دعم اليهود.
وتزخر كثير من الجامعات والهيئات العلمية الغربية بمنظمات علمية ومراكز بحثية أساس وجودها دعم اليهود وإجراء الأبحاث المتخصصة الداعمة لهم ولقضاياهم وإقناع الآخرين بها، هذا عدا الأبحاث التقنية والتطبيقية. وإلى جانب ذلك هناك التواصل العلمي الوثيق وتبادل الأساتذة الجامعيين والخبراء بين المؤسسات العلمية اليهودية والغربية وتكاد توجد في معظم الجامعات الغربية تنظيمات طلابية يهودية أو داعمة لليهود تتبنى قضاياهم داخل الجامعة والذين عادة ما يكونون من شتى دول العالم، وكذا دعم الطلاب اليهود مادياً ومعنوياً.
وتنتظم كل هذه الجمعيات والمؤسسات والبرامج تحت مظلة العقيدة اليهودية التي تجمع أتباعها وتربطهم برابط وثيق وتحتم عليهم مؤازرة بعضهم بعضاً مهما اختلفت جنسياتهم أو لغاتهم، مدعومة في عملها هذا بجو حرية التعبير عن الرأي بكافة صوره ومن الواضح أن المسلمين بحاجة إلى الثاني حتى تتحول العواطف الجياشة إلى أفعال وبيوت الشعر إلى بيوت للسكن.
وما يقال عن الدعم لليهود يقال أيضا عن الدعم الذي يجده المحاربون الأمريكيون في العراق من قبل الجمعيات والتنظيمات الشعبية والتي تدعمهم واسرهم دعماً مالياً ومعنويا ونفسيا. ولعل ما يشاهده المسلمون في فلسطين والعراق من تآزر وتضامن بين أعداء الأمة وتخاذل إخوانهم عن نصرتهم هو الذي جعلهم يتساءلون عن إخوانهم. ولعل أمريكا أدركت العلة فجاءت بالدواء والذي لابد وأن يكون مراً على أمل أن يعقبه إما الشفاء أو السقم. وللحديث بقية.
|