Tuesday 11th May,200411548العددالثلاثاء 22 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المليك أمام مجلس الشورى حول الأحداث الإرهابية: المليك أمام مجلس الشورى حول الأحداث الإرهابية:
شعبنا السعودي النبيل بثوابته الإسلامية وقيمه العربية يرفض الإرهاب بكافة صوره

وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - في افتتاح اعمال السنة الثالثة من الدورة الثالثة لمجلس الشورى الكلمة السامية الموسعة التالية:
****
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أيها الإخوة الأعزاء: اعضاء مجلس الشورى الموقر:
باسم الله افتتح هذه الدورة من اعمال مجلس الشورى متوجهاً إلى المولى جلت قدرته بالحمد والشكر على نعمه التي لا نحصيها ومستمداً منه سبحانه العون والتوفيق. أن شعبنا السعودي النبيل من منطلق إيمانه بثوابته الاسلامية وقيمه العربية يرفض الإرهاب بكافة صوره واشكاله ولن يسمح لفئة من الإرهابيين المنحرفين ان يمسوا الوطن وسلامة ابنائه والمقيمين فيه ولن يسمح - إن شاء الله - بوجود فكر ضال يشجع الإرهاب ويغذيه حتى عندما يحاول هذا الفكر الضال التظاهر بالتدين.. والدين الحنيف من الإرهاب وفكر الإرهاب براء وان هذه الأمة قد توحدت على ضرورة القضاء على كل مظاهر آفة الإرهاب وهي قادرة بحول الله وقدرته وتعاون مواطنيها على تحقيق ذلك.
واذا كنا ايها الاخوة نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة كانت وتحت أي ذريعة نحن حريصون كل الحرص ان تظل كل شؤوننا الداخلية عرضة للمراجعة الذاتية التي لا تستهدف سوى الاصلاح والاصلاح ضالة المؤمن لا ينبغي أن يثنيه عنه ما يردده المتصيدون في الماء العكر من أن محاولات الاصلاح هي استجابة لضغوط خارجية والحقيقة التي تعرفونها ويعرفها الشعب السعودي كله هي أن مسيرة الإصلاح لم تنقطع وسوف تستمر بإذن الله.
وقد لمستم أيها الاخوة ولمس الشعب السعودي ما تم على صعيد الإصلاح في ميادين حياتنا السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية وسوف اكتفي بأن استعرض معكم موجزاً لما تم الوصول إليه تاركاً التفاصيل التي لا يتسع لها المقام.
لقد كنتم أيها الاخوة أعضاء المجلس شركاء حقيقيين للحكومة في مجال التطوير السياسي والإداري واود أن اشير هنا إلى أن عدداً من المبادرات المتعلقة بإعادة الهيكلة الحكومية ولدت في مجلسكم ثم نوقشت ودرست باستضافة وجاء التشكيل الوزاري الجديد مجسداً بعض هذه المبادرات ولازال البعض الآخر في طور الدراسة ولا يفوتني أن انوه بأهمية الأنظمة المتعلقة بالتقاضي والإجراءات الجنائية وهي انظمة درسها مجلسكم الموقر بعمق وصدرت بحمد الله وتوفيقه مستهدفة تسهيل اجراءات التقاضي وايصال العدالة إلى المواطنين وحمايتهم من تجاوزات السلطة العامة وفي السياق نفسه صدرت الموافقة بقيام جمعية اهلية تعنى بحقوق الإنسان هذه الحقوق التي كان الإسلام أول من نادى بها وسيتبعها - بحول الله - انشاء مؤسسة حكومية تعنى بالحقوق نفسها حتى تتضافر جهود الدولة والمواطنين لحماية الكرامة التي ارادها الخالق - عز وجل - للبشر اجمعين والعزة التي ارادها جل شأنه لعباده المؤمنين.
واحب أن أؤكد لكم اننا سنستمر في طريق الإصلاح السياسي والإداري وسنعمل على مراجعة الأنظمة والتعليمات واحكام الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية وفتح آفاق اوسع لعمل المرأة في اطار تعاليم الشريعة الغراء وغني عن الذكر أن مجلسكم الموقر سوف يقوم بدوره الكامل في تحقيق الإصلاحات المنشودة.
وفي المجال الاقتصادي قامت الدولة بمبادرات عديدة تستهدف تحرير الاقتصاد من العوائق الروتينية وتشجيع المستثمرين من الداخل والخارج وتخصيص المرافق الاقتصادية وتمليكها للمواطنين والعناية بقطاع السياحة ومراجعة الأنظمة الضريبية ولا ادل على اهتمام الحكومة بالاقتصاد من انشاء المجلس الاقتصادي الأعلى وانشاء وزارة للاقتصاد والتخطيط.. أن الاصلاح الاقتصادي عملية مستمرة طيلة الوقت وهي عملية بالغة الاهمية يتوقف على نجاحها نجاح التنمية الاقتصادية وتحسن أوضاع المواطن المعيشية.
ولا يفوتني والحديث عن الاصلاح الاقتصادي ان اركز على مشكلتين رئيسيتين هما البطالة والفقر وانتم أيها الاخوة الاعزاء تعرفون تمام المعرفة جهود الدولة لتوطين العمالة ونشر السعودة كما تعرفون انه لابد للتغلب على مشكلة البطالة من جهود اضافية لتوفير المزيد من الفرص التعليمية والتدريبية لأبنائنا ولبناتنا ومن مراجعة التخصصات الاكاديمية بحيث تلبي حاجة المجتمع الى الفنيين والمهنيين. وفيما يتعلق بمشكلة الفقر قامت الدولة بمبادرة رائدة سلطت الأضواء على المشكلة وهناك الآن دراسات عميقة لظاهرة الفقر يقوم بها نخبة من الخبراء السعوديين نأمل أن تصل إلى توصيات فعالة يلمس المواطنون - بإذن الله - آثارها الايجابية في كل مكان إلا ان مسيرة الاصلاح لا يمكن ان تثمر الا في جو من الوئام الاجتماعي القائم على الوحدة الوطنية وهنا لا بد من التنبيه إلى أن الوحدة الوطنية تتعارض مع الطروحات المتطرفة وتتطلب اجواء صافية من الحوار الاخوي الهادىء واذا كان تبني الخطاب الوسطي المعتدل مسؤولية في عنق كل مواطن فهي مسؤولية تقع في الاساس على عاتق علمائنا الافاضل الذي نعول - بعد الله - عليهم في نشر التسامح الذي تمتاز به شريعتنا السمحة وفي انقاذ شبابنا من شر الافكار المدمرة التي تبث الغلو والكراهية ولا تنتج سوى الخراب والدمار.
أيها الاخوة الاعزاء: لقد علمتنا التجارب في شرق الأرض وغربها أن الاصلاح الحقيقي هو الإصلاح النابع من عقيدة الامة وتراثها.. الاصلاح الذي تقبل عليه الأمة طائعة لا مسوقة.. الاصلاح الذي يتم بتدرج وسلاسة متجنباً السرعة المهلكة والبطء القاتل وسوف يكون هذا المنهج الاصلاحي - بإذن الله - منهجاً نمضي فيه بثقة وايمان مرددين قوله عز وجل: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ}. ولئلا يجهل احد جدية الدولة في المضي في الاصلاح على النهج التطويري الذي ارتضيناه وبالمصداقية التي تقوم على الفعل لا القول فإنني اقول لكل مواطن ومواطنة ان لكل منا دوراً وعلى كل منا مسؤولية لم يعد هناك وقت للتواكل ولوم الآخرين والتشكيك في صدق ونزاهة من يريد الاصلاح واقول لكل مسؤول في الحكومة.. إن المسؤولية شرف وتقضي بواجبات ولا تمنح حقوقا واقول لكل رجل اعمال إن الوطن ليس رأس مال وربح فقط وإنما استثمار في أمنه وامانه واقول لكل مواطنة اختاً كانت ام اماً أم ابنة ام زوجة ان هذا الوطن للجميع وأن المواطنة الصالحة شريكة في صنع المستقبل كما هو المواطن الصالح واقول للمسؤولين عن التعليم بجميع مراحله انهم هم الحاضنون لأجيال المستقبل وأن المناهج الهادفة الخيرة هي التي تغرس الافكار والقناعات في الاذهان الغضة والنفوس البريئة لما فيه خير الأمة وصلاحها كما وأن الخلل في التعليم - لا سمح الله - سبب رئيسي لأي انحراف فكري او اخلاقي او عجز عن العمل والمشاركة واقول للإعلاميين والمثقفين ان الاعلام ليس ترويجاً وأن الثقافة ليست وجاهة وان الوحدة الوطنية والحضور على المستوى العالمي مرهون بإعلام مسؤول وحركة ثقافية مبادرة ومتنوعة واقول لكل المواطنين ان من اوجب الواجبات مواجهة ضيق الافق والاقليمية والفرقة الاجتماعية وهي من الأمور التي يتطلبها ديننا قبل أن تتطلبها وحدتنا الوطنية واقول لكم اعضاء مجلس الشورى ومثلكم اعضاء مجالس المناطق والمحافظات انكم مطالبون بتحسين ادواتكم واخذ مسؤولياتكم في السياق الذي يجب أن تؤخذ فيه سياق المشاركة ومراقبة اداء الأجهزة الإدارية واقول للجميع انه لم يعد بيننا مكان لمستفيد من موقع أو مستغل لنفوذ، أيها الاخوة: لاشك انكم تألمتم ما تألمنا للاحداث الدامية التي شهدها العراق الشقيق هذه الاحداث التي لم ندخر وسعا للحيلولة دون وقوعها ولن ندخر وسعاً الآن لمعالجة آثارها وتداعياتها آملين أن يخرج العراق من محنته ويعود وطناً عربياً مستقلاً مزدهراً يعيش بسلام مع جيرانه ويتمتع أبناؤه فيه بالسلام والرفاه.
ولا يفوتني في هذا الصدد أن اسجل للشعب السعودي الكريم وقفته الاصيلة المسؤولة فقد تابع التطورات بوعي وحكمة وكان حريصا على وحدة هذا الوطن الغالي بعيداً عن اسباب الفرقة ودواعيها وهو يقف الآن في صف اشقائه العراقيين ماداًَ يد العون والدعم مستعداً لتحمل نصيبه الكامل من الجهد والتضحية لاعادة إعمار العراق.
ايها الاخوة الاعزاء: ان التزام الممكة بالقضية المحورية العربية وهي القضية الفلسطينية وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا يزال يشكل قاعدة اساسية للسياسة الخارجية للمملكة.. وفي هذا الاطار فقد دعمت المملكة كافة المبادرات الرامية الى إحياء عملية السلام بما في ذلك (خارطة الطريق) ونجحت مع شقيقاتها الدول العربية في ان تكون المبادرة العربية التي تم اعتمادها في قمة بيروت العربية مرجعية لخارطة الطريق والتي نرى ضرورة ان يصدر بشأنها قرار من مجلس الامن لكي تكتسب المصداقية اللازمة على أنه لابد من التنويه في هذا الصدد إلى ضرورة وقف الاعتداءات المستمرة التي تقوم بها اسرائيل والممارسات العدوانية التي ترتكبها في الأراضي العربية المحتلة وحماية الفلسطينيين من هذه الاعتداءات ليتمكنوا من القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم واما اذا استمرت اسرائيل في عدوانها وفي فرض الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين وعدم اعلانها موافقتها على خارطة الطريق فمن الواجب على المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية بذل كل ما يمكن لثني اسرائيل عن تماديها في اتخاذ هذه المواقف المتصلبة.
أيها الاخوة الاعزاء: اننا نواجه عالما يقف على مفترق طرق حيث انقلبت مفاهيم وقامت مفاهيم وسقطت تحالفات ونشأت تحالفات وتراجعت مبادىء النظام الدولي وحلت صيغ جديدة لم تظهر تداعياتها حتى الآن كما ان ثورة المعلومات قد اثرت على كل مرتكزات العالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ودول العالم جميعها شمالها وجنوبها تتعامل مع كل هذه التغيرات تحاول فهمها وربطها بواقعها الثقافي والاجتماعي والسياسي وتسعى لتطويعها لإرثها التاريخي ولمنظومة قيمها ونحن ايها الاخوة جزء من هذا العالم لا نستطيع الانفصام عنه ولا يمكن لنا أن نسكن والعالم يتغير وليس لنا ان نرضى بمقاعد المتفرجين والكل يتسابق في تشكيل قسمات العالم الجديد وخاصة أن هذا البلد يقع في قلب الأمة الإسلامية وهو مهد العروبة فعلينا جميعا ان نكون اهلاً لهذا التحدي ولا يمكن أن نكون كذلك إلا اذا حافظنا على عقيدتنا السمحة وضمنا وحدتنا الوطنية ووحدنا رسالتنا في الداخل والخارج وتعاضدنا في حمل المسؤوليات واداء الواجبات.
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (25) سورة الأنفال. {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (26) سورة الأنفال.صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved