ضربة قاصمة للإرهاب

تتحقق انتصارات متلاحقة في المعركة ضدّ الإرهاب؛ فسقوط الرؤوس الكبيرة لهذه الجماعات المارقة يعني أن زوال أخطارها أمر في حيز الإمكان، طالما تواصل الدفع الحالي والعزم على اجتياح الأوكار الإرهابية، على أن المعركة ضدّ الإرهاب تستطيع أن تحرز نتائج طيبة مع تضافر الجهود الدولية، من خلال تنسيق يفي بكامل متطلبات المعركة من النواحي الأمنية والسياسية والإعلامية، ومن خلال توافق يستجيب لقواعد السلوك الدولي، ويراعي ظروف كل دولة على حدة، من خلال الاستجابة والتفاعل مع تلك الظروف والعمل بمقتضاها.
لقد تعززت الثقة في قدرة هذه البلاد على كسب المعركة بعد الانتصارات الجديدة التي حققتها قوات الأمن في القضاء على رؤوس من هذه الجماعات، واعتقال أعداد كبيرة من المطلوبين؛ الأمر الذي شكل ضربة قاصمة للإرهاب، كما أن ذلك اعتبر إنجازاً أمنياً رفيعاً يعكس المهنية العالية لرجال الأمن ووطنيتهم الأصيلة التي تجعل مثل هذا الإنجاز أمراً حتمياً لا نكوص عنه. ولأن المعركة ضدّ الإرهاب لها وجهها الدولي، فمن المهم تجديد التأكيد على التزام مختلف الدول ببذل أقصى جهودها في هذه المعركة، كما أنه من المهم دائماً أن تتوافق الدول على أساسيات هذه الحرب، ومن أولها عدم الرضوخ للإرهاب ولشروطه، مع إظهار التماسك تجاهه؛ فالهروب من وجه الإرهاب يسفر فقط عن تصاعده، بينما الصمود يعني إمكانية المواجهة التي تسمح باختبار الجانب الأقوى، والقوة هنا مصدرها مدى ملازمة الحق ومدى التمسك بالمبادئ ومدى مراعاة الجوانب الإنسانية.
وقد ثبت المدى البعيد من العنف الذي يذهب إليه الإرهابيون، وهم يتعاطون مع بني البشر، ويذبحونهم دون رأفة ودون حق؛ الأمر الذي يعني افتقارهم إلى الرحمة وافتقارهم إلى العدل، وهذه كلها علامات ضعف، وهو ضعف يعكس أيضاً افتقاراً للتأييد، طالما انعدمت مسوغات مثل هذه الأعمال الشريرة.
إن الصمود في وجه الإرهاب يعني عدم مساعدته على تحقيق أهدافه؛ فالإرهاب في المملكة يسعى لتشويه صورة هذه البلاد كدولة مستقرة، وذلك من خلال تنفير الناس منها. وفي هذا الصدد فإنه ينظر إلى تصريح وزير الخارجية الأمريكية الذي حث فيه مواطنيه على عدم مغادرة المملكة على أنه موقف يتواءم وطبيعة المواجهة ضد الإرهاب، من خلال تجريد الإرهاب من المكاسب التي يمكن أن يحصل عليها بالخروج الجماعي للناس من هذه الدولة أو تلك حسب ما يشتهي الإرهابيون.
وتحتاج دول العالم في هذه المعركة إلى أن تستفيد من تجربة كل دولة. ومن جملة هذه التجارب، ومن جملة الوقائع الأمنية، والمواجهات في عدد من الدول، يمكن تغذية الأدبيات والاستراتيجيات الخاصة بمحاربة الإرهاب، وتعزيز إطار نظري مهم وضروري لرسم سياسات دولية عامة ضدّ هذا البلاء، ومن ثم الانكباب على رسم خطط عملية وبرامج عمل تصلح كموجهات في المعركة الدولية ضدّ الإرهاب.