Sunday 20th June,200411588العددالأحد 2 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

إلى جنان الخلد أبا ناصر إلى جنان الخلد أبا ناصر
عبد العزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء

في صباح يوم الجمعة 9-4-1425هـ توقفت نبضات قلب ابن العم الشيخ عبد العزيز بن ناصر الخريف مُعلنةً رحيله إلى دار المقام، وأن نصيبه من أيام الدنيا قد انتهى تماماً، وقد صُلي عليه بعد صلاة العصر في جامع الملك خالد بالرياض الذي غصَّ بالمصلين رجالاً ونساءً، دعوا الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويحسن وفادته، ثم تبعه خلق كثير إلى محافظة حريملاء حيث وارته الترب بإحدى المقابر المجاورة لمزرعته ومرتع صباه..، وقد باكره اليُتم بفقد والديه وهو صغير، فعاش في الحياة وحيداً وانتقل إلى الدار الباقية وحيداً، ولم يُرزق ذرية هو وأرملته طيلة عمرهما المديد معاً، وبقيت الآن بعد رحيله وحيدة تُكابد وحشة الفراق والغربة في الحياة ومرارة العيش بفقد إلفها وبُعد حليلها عنها - كان الله في عونها - وكأن لسان حال المعزيات لها يحاولن تسليتها وتخفيف ثقل المصيبة على قلبها متمثلات بهذا البيت:
فلا تبكين في أثر شيء ندامة
إذا نزعته من يديك النوازع!
ومما خفف عليه وطأة اليتم والحرمان في صغره احتضان شقيقه عبد الرحمن له، وأخذه معه في مزاولة بعض الأعمال التي تساعد على كسب الرزق ولقمة العيش حتى كبر واشتد ساعده على تحمل أعباء الحياة ومُعتركها، فأخذ - رحمه الله - يسير في مناكب الأرض يعمل هنا وهناك، ثم قضى شطراً من عمره موظفاً في القطاع الحكومي بمدينة الرياض.. بعد ذلك شده الحنين إلى مسقط رأسه ومدارج صباه مع لداته في حريملاء فعاد إليها:


المرء يسرح في الآفاق مضطرباً
ونفسه أبداً تتوق إلى الوطن!

وفتح له محلاً للبيع والشراء مدة من الزمن..، وبعد ما تقدَّم به العمر رحل إلى الرياض ليكون على مقربة من شقيقه عبد الرحمن، وأبنائه البررة الذين لم يألوا جهداً في العطف عليه وإكرامه ورعايته رعاية تامة حتى أنزلوه في جدثه آسفين على فراقه والحزن بادٍ عليهم وعلى جميع أسرته والمشيعين له معاً..
وكان - رحمه الله - رغم قلة ذات اليد مُحباً للبذل في أوجه البر والإحسان إلى الأيتام, وإدخال السرور على الأطفال يمنحهم بعض الهدايا والأشياء المحببة إليهم، كما سعد ببناء مسجد من خالص ماله بحريملاء، طمعاً في مضاعفة حسناته يوم يلقى وجه ربه وقد لقيه..، وعندما تم بناؤه صلى به وحمد الله أن منَّ عليه ويسَّر له ذلك ورجى من المولى أن يوضع أجره في ميزان حسناته وحسنات والديه. ولقد اتصف بالتواضع ولين العريكة، والاستقامة وحسن التعامل مع الغير، ومما عُرف عن زهده أنه في عام من الأعوام السابقة قد أمر جلالة الملك سعود - رحمه الله - بتأمين عدد كبير من السيارات الكبيرة لكثير من مناطق المملكة لنقل العديد من ذوي الحاجات والعجزة إلى تلك الرحاب الطاهرة لأداء فريضة حجهم ذهاباً وإياباً كل ذلك على نفقة الدولة - أعزها الله - واقترح عليه - رحمه الله - بعض الأقارب بأن يصحب تلك الحملة ولكن أبى رغم عدم توفر النفقة لديه في تلك الحقب، واضطر لبيع جزء من مزرعته مؤثراً أن تكون نفقة حجه وحج زوجته من حرِّ ماله، تغمده الله بواسع رحمته وأجزل له الأجر والقبول. ومما زاد حزني وتأثري ما سمعته عنه في آخر لقائه مع شريكة حياته حينما أحس بدنو أجله قوله: بعد ما أطال النظر في محيَّاها! وكأنه يستجمع شيئاً ما في ذاكرته..! لا تحزني على بُعدي ورحيلي المؤكَّد عنك، فهذه سنَّة الله في خلقه، والأقدار لا ترد..! ثم أغمض عينيه وبداخله ما به من تحسر وتفجع، ولك أن تتصور حاليهما في تلك اللحظة الحاسمة وما حوته جوانحهما من لوعات الفراق، ولقد أجاد الأستاذ عبد الله بن محمد بن خميس في تصوير مثل هذا الموقف المشحون بالأسى حيث يقول:
حناناً لكم فيما طويتم جوانحاً
عليه، وعطفي يا (وحيد) ورحمتي
غفر الله لك أبا ناصر وأسكنك عالي جناته، وألهم ذويك وأسرتك وأرملتك الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved