Thursday 24th June,200411592العددالخميس 6 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "فـن"

عبدالرحمن بن مساعد شاعر الوطن.. في ملحمة «كتاب مجد بلادنا» عبدالرحمن بن مساعد شاعر الوطن.. في ملحمة «كتاب مجد بلادنا»
حي البلاد اللي على كل قمة.. تربعت بالمجد والخير مكتوب

  *رؤية: إبراهيم المعطش:
كتبت ذات مرة وقلتها أكثر من مرة أنه (يدهشني).. بل إنني من دهشتي أقف مكتوف الأيدي.
الأمير عبدالرحمن بن مساعد تجربة شعرية جديدة قديمة.. لها أبعادها وعمقها وخصائصها.. اكتسبها جميعاً من ثقافته التي يعلمها جيدا المقربون منه، وحين كتب عبدالرحمن بن مساعد أوبريت أو ملحمة أو قصة أو رواية (مجد بلادنا) سمها ما شئت فقد كان أمام اختيار قوي ومنحنى جديد غير به مفهوم القصيدة الوطنية لتصبح شيئا متفردا يعجز اللسان عن وصفه بل إنه تميز بالسرد الجميل الذي أعادنا للوراء عشرات السنين إبان توحيد المملكة على يد موحدها عبدالعزيز..
في هذا الأوبريت الملحمة اختزل عبدالرحمن بن سعود مسيرة أجيال من تجمع الأربعين رجلا.. حتى التفاف الملايين حول قادتهم.. كان السرد جميلا.. سلساً.. وهو يتنقل بين مرحلة وأخرى.. زاد من جمالها ثقافة الشاعر الواسعة تاريخيا وقبلها دينياً.
****
يبدأ منادياً..
عبدالعزيز.. عبدالعزيز
وحول أربعين.. يوم الفطر.. أدى الزكاة.. وصحى الفجر ويسرد ما قاله عبدالعزيز لإخوانه وأعوانه إما شهادة أو نصرا.
لينتهي قائلا..
واستجاب ربي لدعاهم.. استجاب
وجهوها وافتحوا فيها الكتاب
كتاب مجد بلادنا
الصفحة الأولى
الملك لله ثم لعبدالعزيز.. الملك لله ثم لعبدالعزيز
من هنا يبدأ التاريخ أولى صفحاته بمداد من ذهب..
ويندفع عبدالرحمن بن مساعد نحو الوطن وعبدالعزيز الموحد..
يقول..


وارتكز صقر الجزيرة بالرياض
واندحر كيد العدو وما يفيض
ما حسب للعمر أو للافتراض

وهنا ما زال عبدالعزيز يواصل فتوحاته بأرض الجزيرة صقرا لها وموحدا لأطرافها..


ما لخو نوره معزي اعتراض
من تصدا له هوى تحت الحضيض
زاده الله وبالعز استعاض

من جمع مثله نقيض مع نقيض..
وماذا بعد؟!
لماذا وحد.. وما كان يبغي من توحيده؟ وماذا فعل لهذا الكيان؟
أسئلة دارت في ذهن الشاعر مجيباً عنها:
شاد للإسلام دوله.. تحكم بشرع الإله والرسالة الأحمدية..
مواصلا..


أمن الحجاج للبيت العتيق
يقبلون أفواج ما شي يعيق

لا ألم.. لا خوف.. لا قاطع طريق..
وفي اللوحة استعار الشاعر إحدى قصص عبدالعزيز الموحد الشهيرة..
وفي ليلة من ذيك الليالي.. من ليالي الأولين.. كان الإمام بن الإمام.. والخلايق هاجعين.. يتفقد أحوال الرعية.. من غير أصحاب ومعية.. ساهر وغيره ينام.. متخفي بالظلام صورة بدأت رائعة.. تعالوا يكمل لنا الشاعر روعتها.. بأن له صنو يقيد.. صوت يبكي من بعيد
راح يمه.. لين هاذيك العجوز.. وطفل تضمه
سمعها تشتكي لله الهم اللي طال.. الفقر والجوع ودموع العيال..
وهنا يظهر عبدالعزيز (المتخفي) في ذاك الزمان وأعني هنا زمن الفقر الذي كان يتجول في البلاد
سمعها تشتكي لله الهم اللي طال.. الفقر والجوع ودموع العيال وأكرم الله به ضناها.. وزال عنها ما عناها
وارفعت يديها فوق.. ودمعها ما هي تعوق
وقالت الدعوة العظيمة
دعوة الأم الكليمة
أدعي الله الكريم
وشكرا لنعم له فرض
يفتحلك المعطي الرحيم.
خزانية في الأرض
ويبدأ الشاعر في وصف الموقف بشعره الذي ألهب المشاعر وأدخلنا في تلك السنين وكأننا في تلك الفترة من الزمن بل إن صقر الجزيرة حاضر بيننا الآن..


ما قطع ربي عمل عبدالعزيز
الدروس اللي عطاها علمت

وأصبحت للعارفين.
العلوم الشافية
ما قطع ربي عمل عبدالعزيز
الدروس اللي سقاها أثمرت
ويعلم الله صالحين..
والنوايا صافية..
الآن يبدأ الشاعر في وصف (ثمرة) عبدالعزيز التي لا زالت حتى يومنا هذا تعطي وتورث الدروس لثمارها القادمة وتصبح أرض الجزيرة واحة متناسقة الثمار..


نحمد المتعالي المنان الله
نحمد المولى عظيم الشان الله
تألفت كل القلوب
وللرخا سارت دروب
وبلادنا بين الشعوب
هي بلاد المعجزات
الأمن سايد مستقر
والضيم ولى والفقر
بأفعالنا كل يقر
حنا أهل المكرمات

وفي هذه اللوحة كان رد الشاعر عبر ملحمته وكتابه على قاصري النظرة كان رده قوياً.. شافياً.. معبرا عن كل لسان سعودي..


إذا هبت رياح الحقد
وكثر في الحكي مغبون
حمدنا ربنا المعطي
وعذنا به من الشيطان
وإذا زاد الغثى والهرج
زدنا لمن حسدنا عيون
تشوف الخير في بلادي وتملا قلوبهم أحزان

(أعتقد أن ما سبق لا يحتاج إلى تعليق فهي قد وصلت للجميع دون بلاغة مني فالبلاغة والجزالة لا تحتاج لمثلها للتفسير).
.. ويواصل:


يقولون البدو والنفط
أنا من نفطنا ممنون
سبقنا به سنين العمر
وعدينا به الحرمان
وإذا قالوا بدوحنا بدو
بالمعنى والمضمون
ولا نركع لغير الله
ولا نرخص ثرى الأوطان

وبعد أن أشهر الشاعر صوته في وجه هؤلاء التفت فجأة للأرض والرمل والجبل والشجر والناس وكان لابد له أن يتغزل فيمن يستحق الغزل:


لك الله كم نحبك يا بلدنا
فداك الحال والمال وولدنا
تعلمنا نحبك قبل نخلق
وقبل أعمارنا ويوم أنولدنا
غلاك في ثوان العمر ساكن
والى متنانشيله في لحدنا

ويختمها:


وذكر به بعض حب ما جمعنا
بحثنا عنه لكن ما وجدنا
بني كل المحبة تكون لأجلك
عسانا نكون وفينا وعدنا
سلمتي يا بلادي دام عزك
عرفتي كم نحبك يا بلدنا

من نحن في ذهن الشاعر حقيقة لا ينكرها سوى مخالف للحقيقة.. من نحن أمام الناكرين والجاحدين..؟؟


نادها واصرخ بأعلى صوت
حنا حماة الدين.. خدام للكعبة
وحنا الوفا للجار
والصدق للصحبة
وحنا سيوف الحق
والعز والرهبة

وفي كل بيت وكل جزئية من هذه الملحمة تشتم رائحة التنشئة الدينية للشاعر الأبرز.. خذ مثلا:
يا الراحم الرحمن.


يا لخالق الديان
يا معلم الإنسان اقرأ
عن بلاد الدين أدري
كل كيد الحاقدين
كل زيف الحاسدين

بعد كل هذا الرجف في كل مكان.. بعد كل هذه الأصوات التي تهرف بما لا تعرف.. بعد كل هذه الأصوات التي تنعق يتساءل الشاعر متعجبا:


من مثله اللي ينصر الإسلام ويضحي في سبيله
من مثله اللي حل صعب الأمر وارضخ مستحيله
من غيره اللي رد مر الوقت واخرج سلسبيله

من غيره اللي قام للبيتين بالخدمة الجليلة..
جملة من التساؤلات تراود الشاعر كفا بها ووفى يختمها قائلا:


من مثله اللي يقصي المحتاج عن نفس ذليله
من مثله اللي لو يجيه البحر يرعاه ويعيله
من غيره اللي لو عطاك الشمس يلقاها قليلة
من غيره اللي صار صبح الجود ممساه ومقيله
ياللي خلقت بجبالها.. احفظ عظيم رجالها

الشاعر الآن اشفى (غليلة) في سرد تاريخي ملحمي أطرب الآذان وحرك الأنفس باتجاه الوطن:


حي البلاد اللي على كل قمة
تربعت بالمجد والخير مكتوب
المسلمة المؤمنة المؤلمة
بأصالة اللي فات والعلم مطلوب
ولباكر اللي جاي سارت بهمه
تدري ثمين الوقت والعمر محسوب

عبدالرحمن بن مساعد.. شاعر يروي ظمأ القصيدة ويعطر القلوب المرهفة ويهذب النفوس المتذوقة بألحان جميلة تتراقص طربا.. فهذه الروح المبدعة لا تتكون ولم تتكون بمعزل عن الواقع.. بل إنه من صنع قوة التأثير على المتلقي والمستمع بمفرداته التي انتقاها بعناية.. عبدالرحمن بن مساعد اختزل التاريخ في هذه الملحمة الرائعة التي كانت (عبقا) جميلا للماضي والحاضر ليختمها:


يا رب ياللي نعمتك دوم جمه
يالغافر المنان يا قابل التوب
ارزقنا بالإيمان والخير تمه
واغفر لنا ما كان
من نقص وذنوب
واحفظ ديار في ثراها الأئمة
واحميها لين الشمس
تشرق من غروب


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved