قسوة متناهية وخدمة للأعداء

لن يعتاد الناس على القسوة مهما تكررت المشاهد الفظيعة بصورة يومية على شاشات التلفزة لرؤوس تهوي بدموية مقذعة ومفزعة من فوق الأكتاف في مشاهد نادرة في التاريخ الإنساني، وسيبقى الإنسان هو الإنسان تستفزه إلى درجة الذهول هذه الأفعال وتستثير فيه كل مشاعر الغضب خصوصاً أن هذا العقاب، المفتقر لأساس شرعي والمجرد من أي مسوغ قانوني، ينزل بأبرياء.. لقد ضاعت صيحات الكوري الجنوبي في فضاء العراق، ولم يتورع القتلة من سحله في ثالث حادث من نوعه في ذات يوم الثلاثاء المنصرم بعد أن ذبح القتلة أستاذة جامعية عراقية وزوجها.. وهاهم يهددون بذبح المزيد.. الإحساس القوي بالغضب يتضاعف مع هذه الصور التي من الصعب أن تبرح الذاكرة لشذوذها وقساوتها وتأثيراتها القوية التي ترسخ عميقاً في أذهان الآخرين الصورة النمطية السيئة عن العرب والمسلمين، مهما حاول الكثيرون تغيير هذه الصورة، لكن فعل الذبح يبقى طاغياً على كل ما عداه.. ويهم البعض في أنحاء العالم وفي منطقتنا أن تظل هذه الصورة القاتمة عن العرب والمسلمين وذلك لتبرير الفظائع التي يقومون بها من جانبهم ضد أبناء المنطقة، فليس من خدمة أفضل لإسرائيل من هذه المشاهد التي تصور العرب والمسلمين وهم يحومون بخناجرهم حول الضحية وكأنهم يؤدون رقصة الموت في أحد مجاهل العالم المتخلفة.. هذه الصور تحول العرب والمسلمين من ضحايا إلى جلادين بأفعالهم وبتدبير من قِبل البعض، فلطالما تجنى الكثيرون على أبناء المنطقة بالأكاذيب والادعاءات المغلوطة، وفي أفعال وممارسات إسرائيل اليومية ضد الشعب الفلسطيني ما يجمل كامل السلوك المتجني من قِبل القوى المهيمنة ضد العرب.. لكن هذه الفئة المحسوبة على المسلمين التي أدمنت سفك الدماء تقدم إلى أعداء الأمة وعلى طبق من ذهب المسوغات التي تشكل إدانة وقد تصلح لتبرير حملات جديدة على الأبرياء من العرب.. وسيكون من باب التجني على الإسلام القول إن هؤلاء الذين ينفذون مثل هذه الجرائم لهم صلة بالإسلام، لكن هذا ما يحاول إثباته بل وتضخيمه وتعميمه الذين يسعون إلى ضرب الإسلام والمسلمين..