جدار شارون وعنجهية إسرائيل

لن يغير رفض إسرائيل القرار الذي لم يصدر بعد من محكمة العدل الدولية حول الجدار العنصري الذي تبنيه في عمق أراضي الضفة الغربية من طبيعة الأمر، فإسرائيل كانت رفضت أصلا عرض هذا الموضوع بشأن شرعية الجدار على المحكمة وأيدتها في ذلك الولايات المتحدة.
وليس من المستغرب ألا تنصاع إسرائيل للقرارات الدولية، فهذا شأنها منذ اغتصابها أرض فلسطين قبل أكثر من خمسة عقود، وهي تظل هكذا تنتهك كل يوم المزيد من القوانين، ولا تلتزم بأي قرار دولي، ومع ذلك فهي تحظى بوضع الدولة المدللة من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم، الأمر الذي يسجل وقائع وأوضاعاً شاذة في عالم القرن الحادي والعشرين والذي من المفترض فيه أن يلتزم بقدر من المبادئ الدولية ولو في حدها الأدنى.
وتبني إسرائيل جدارها العنصري الذي يلتهم مساحات شاسعة من مساحة الضفة الغربية دون آبهة بالمعارضة الدولية بهذا الصدد لكنها تستمع لصوت واحد هو ذلك القادم من الولايات المتحدة الأمريكية، فالرئيس الامريكي قال صراحة انه لا يعترض ان كانت إسرائيل ستحتفظ بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة بعد انسحابها من غزة، غير أن إسرائيل من خلال بنائها الجدار العنصري تحتفظ بأكثر من مجرد تلك الكتل الاستيطانية بضم المزيد من أراضي الضفة اليها.
وتبدو آفاق التسوية إزاء هذه المعطيات اكثر قتامة، فمن الصعب الحديث عن وسيط امريكي بينما الولايات المتحدة غارقة حتى أذنيها في تأييد ودعم الانتهاكات الإسرائيلية ومنحازة بالكامل الى ما تقوله حكومة شارون.
وبينما ينتظر العالم من واشنطن السعي الى كبح جماح التصرفات الإسرائيلية الرعناء بما في ذلك الاعتداءات اليومية من قتل وتشريد وتدمير للمنازل، فان واشطن اختارت ببساطة ان تتجاهل كل ذلك لتزيد من تعقيد التسوية.
ان كل ما يتعلق بإسرائيل يشير الى خلل مريع في الوضع الدولي، واذا ظل المجتمع الدولي يتجاهل هذه الاخطار التي تدفع بها إسرائيل فمن الواضح أن تدهوراً مريعاً يمكن توقعه في العلاقات الدولية؛ لأن المقاييس والمعايير تتعرض للانتقاص والانتهاك حتى بمساعدة القوة العظمى التي يفترض انها تحافظ على قدر من الثبات ازاء موجهات السلوك بين الدول بدلا من ان تكون هي ذاتها عونا للذين يعملون على تدمير وانتهاك تلك المعايير.