Saturday 10th July,200411608العددالسبت 22 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دفق قلم دفق قلم
نحن والأحداث
عبدالرحمن صالح العشماوي

قال لي صاحبي: ما بالك ابتعدت بدفق قلمك عن الأحداث الساخنة في فلسطين والعراق، وعن القضايا الملتهبة في أنحاء العالم، وانعطفت به على الجوانب النفسية والروحية والثقافية، مع أننا نعرفك في شعرك مواكباً للأحداث ترصدها بعين الوهج الشعري، وترسمها أمامنا لوحات مموّجة ملتهبة القوافي والكلمات؟!
قلت لصاحبي: عجباً لك، أو ما يكفيك - أيها العزيز - ما تنقل إليك وسائل الإعلام المختلفة من أحداث العالم الساخنة دقيقةً بدقيقة وساعةً بساعة؟، هل امتزجت الأحداث الصاخبة الساخنة بلحمك ودمك فما عدت قادراً على البعد عنها مرئيّة ومسموعة ومقروءة، هل أصبحت (مدمن أَحداث)؟! لا تستطيع أن تعيش بدونها، ولا ان تستردَّ أنفاسك بعيداً عن لهبها الحارق، ودخانها الخانق؟
لربما كان هذا إدماناً لا يستطيع صاحبه أن يتخلّص من قبضته السوداء الخانقة، فهذا التكرار المستمر للأحداث الدامية صوتاً وصورةً جدير بأن يختلط بعقولنا وأذهاننا ونفوسنا نحن المسلمين حتى يصبح جزءاً من تركيبة أجسادنا لا غنى عنها بالرغم مما فيه من الأسى القاتل، والعنف والجور والإرهاب الفظيع.
يا صاحبي، أما ترى مسرح الأحداث على حقيقته؟ أما تدرك ما يدور على خشبته الكبيرة من مناظر مسرحية مدروسةٍ بعناية وإثارة؟
أما ترى المخرجين المتمرّسين يحطمون كلَّ التوقعات التي يطرحها خبراء السياسة، ومحترفو الحوارات الفضائية الصاخبة بما يقدمونه من مفاجآت عجيبة هي جزء من حَبْكة الإخراج السياسي المسرحي؟
يفعلون ذلك وأمتنا تزداد إحساساً بالضعف والمهانة، وغفلةً عن أسباب هزيمتها وضعفها.
من جرائم شارون، إلى جرائم سجن (أبو غريب)، إلى الغارات القاتلة على الأحياء السكنية، والصواريخ المدمّرة للبيوت، والقنابل التي لا ترحم وليداً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأةً، ولا شعباً أعزل.
من سجناء غوانتانامو إلى المحاصرين في بيوتهم الواهنة في غزّة وغيرها من المدن الفلسطينية، إلى خيام المشردين في الشيشان وأفغانستان إلى العنف السياسي في واشنطن، إلى شطحات أصحاب الغلوّ والتطرّف داخل عالمنا الإسلامي، كل ذلك يؤكد يا صاحبي أن أمتنا ما تزال خارج صناعة القرار، وما تزال هي المقتولة، وهي المسلوبة، وهي المخدوعة المختولة، فماذا سنكتب عنها؟.
نعم نحن بأمسِّ الحاجة إلى أن تنبعث روح الإيمان في قلوبنا من جديد، وان ننتشل نفوسنا وعقولنا وقلوبنا من الهوى واللهو والغفلة إلى يقظة الضمير، وصحوة العقل، وسلامة التفكير، ذلك هو الذي يدفع بقلمي ودفقه هنا إلى ما ذكرت.
أرجو أن تكون معي فيما رأيت لهذا الدفق الكتابي في هذه المرحلة العصيبة، لا عدمتك متابعاً ناصحاً.
إشارة


إذا لم يحن أمر فسوف يحين
وكل قويّ للحياة يلينُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved