Saturday 10th July,200411608العددالسبت 22 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

نموذج نادر!! نموذج نادر!!
سلوى أبو مدين

عندما كانت تتحدث إليّ شحذت كل حواسي، وأنا أستمع إليها، فهي كأي فتاة تبلغ العشرين أو يزيد بعام أو عامين، وعلى ما يبدو فقد كبرت أكثر مما ينبغي؛ وتبدلت سحنتها إلى ملامح سيدة راشدة، فمرارة التجربة أفادتها كثيراً. وربما رسمت قسوتها على ملامحها (السمراء).
ودون تحديد تجرعت مرارة لا يصفها قلم كاتب؛ اضطرتها الظروف لأن تبتعد عن والدتها، وتحملت المسؤولية كاملة على عاتقها لأخواتها ثم مناضلتها في إنهاء تعليمها الثانوي لتثبت لنفسها أن الفرد مهما وقفت التحديات ضده.. فلا يستطيع أن يذلل كل الصعاب ؛ لأن الإرادة الصلبة قوية الاحتمال!!
نست في لحظة أن عجلة الزمن تلهث بلا توقف، وهي تنظر حولها لمن يمد إليها يد المساعدة، كانت تبحث عن شاطئ الأمان الذي حاولت جاهدة الإبحار إليه!. فالحياة بحاجة إلى وسائل تتكئ عليها..!
ترى ماذا يفعل قليل الحيلة في مجابهة أصعب ظروفها وهو بلا شيء يسنده، (أعني المال). فبدونه يقف مكتوف الأيدي، غير أن عزيمة هذه الفتاة كانت من فولاذ بل أقوى من ذلك. فقد تحدت التيار، وسبحت طويلاً حتى استطاعت أن تصل إلى الشاطئ الآمن الذي انتظرته طويلاً. لكن بعد أن كادت أن تخور قواها.. وهي لا تملك شيئاً سوى عزيمة صلبة قلما نسمعها أو نراها في عصر توفرت فيه كل سبل الراحة..
عادت هذه الفتاة تحمل آمالاً عريضة وهي تحمل شهادة الثانوية العامة بعد ألم ممض خاضته وحيدة مع أخوتها،كانت بمثابة الأم والأب..ولا معين معها سوى الله..وصلت إلى ما أرادت بعد جهد وعناء!!
ولا زالت تبحث عن آفاق علمية جديدة لتواكب عجلة الزمن، وتعمل لتعين إخوتها ووالدتها التي انتظرتها طويلاًَ..!! لا أجد كلمات تعبر عما أريد أن أفصح به سوى أن هذا النموذج النادر من الفتيات اللاتي نحلم بأن يكون مثيلاتها كثيرات.
إنني أكبر هذه الفتاة ذات السحنة السمراء، فهي قدوة لكل فتاة، ولازالت تخطو إلى الامام رغم صعوبة كل الظروف أمامها.!
تحية مفعمة بزهر الأوركيدا للفتاة الصغيرة في سنها، الكبيرة في خبرتها وتجربتها وصمودها وتحملها أكثر مما احتملت.
ومزيداً من التقدم والعزيمة لها ولكل من ثابرت واجتهدت وسارت على منوالها ..هنيئاً لها، بما تحمله من إصرار وإرادة فذة، قلما نجدها في فتياتنا في هذا العصر.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved