Sunday 11th July,200411609العددالأحد 23 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

قطرات شاردة تبحث عن زجاجتها قطرات شاردة تبحث عن زجاجتها
سعود سعد الصعب / الرياض

وحيداً في غرفتي .. ابحث عن مخرج من بعض الأفكار المتواجهة والتي تكاد تعصف بي إلى بر الغموض المحير والتشاؤم الموحش.. تجولت في الغرفة.. كعاشق أجبره الحب على أن يكون أسيراً لدقات قلبه المتواصلة.. اتجول في غرفتي بلا هوية.. أبحث عن ما يسد فراغي.. اتجهت إلى مكتبتي.. تصفحت إحدى الروايات كُتب على غلافها.. - الوسادة الخالية - وضعت اقدامي في السطر الأول.. تجولت في السطر الثاني.. أبحرت في السطر الثالث.. لم اكمل نصف السطر الرابع حتى ألقيت بالرواية بعيداً.. فما بداخلي يصعب صرفه بمجرد رواية.
أخذت مفاتيح سيارتي.. ادرت المحرك.. وانطلقت من دون وجهة.. انحرفت إلى أحد الشوارع الرئيسية.. تبا.. هناك اصلاحات.. يجدر بي أن أبحث عن مخرج.. انتهى بي المطاف إلى أحد الأحياء السكنية الهادئة..
الساعة تشير إلى ال 1 صباحاً.. أسير في سيارتي ببطء شديد.. أصداء الموسيقى الهادئة اثارت الهدوء في تفكيري وحتى حركتي.؟. هدوء كامل في ذلك الحي باستثناء بعض القطط التي لا تزال في عراكها المتواصل.. فتحت النافذة لأستشعر الجو وما هو عليه من هيئة.. وجدته نسيما عليلا رائعا... واصلت السير البطيء.. استأنفت تفكيري المتواصل.. ابحث عن هوية في يوم من أيام الأسبوع الممل..
أوقف تفكيري صوت طفلة تجهش بالبكاء.. بحثت عن مصدر الصوت فإذا هو ليس ببعيد.. فالطفلة تجلس على شرفة الباب في ساعة متأخرة من منتصف الليل.. تبكي وقد امتلأت عيناها بدموع ألم بريء.. دموع في أمسّ الحاجة إلى الحنان المفقود.. اتجهت إليها.. وأوقفت السيارة وسألتها بكل عطف عن ما يجعلها بهذه الحالة..
أجابت وعبراتها تتسابق مع آهاتها أنها بحاجة إلى أمها.. وتفتقد وجود ابويها.. فأمها خرجت لإحدى المناسبات.. ووالدها ذهب إلى أحد اصدقائه.. وهي وحيدة مع الخادمة.. والتي غرقت في نوم عميق بعدما اطمأنت أن - الأم والأب خارج المنزل- دون ان تعطي اهتماما لهذا القلب البريء... دون أن تطمئن على تلك الطفلة.. دون أن تعيرها أي اهتمام .. دون أن تحرك احساسها تلك الطفلة الوحيدة في بيت قد خلا من حنان الأبوين وامتلأ بجدية التصرفات وظروف العمل واعذار المشاغل.
الأم مشغولة.. فضلت اداء المجاملة في احدى المناسبات على اهتمامها بابنتها متجاهلة دورها الأساسي في تربية ورعاية طفلتها.. فرمتها بين أيدٍ لا تعرف في الأمانة حتى اسمها..
الأب بالتأكيد مشغول.. يفضل قضاء وقت فراغ انتظار زوجته بصحبة أصدقائه وروتين الصداقة المتواصل على البقاء في المنزل والاهتمام بابنته .. متجاهلاً دوره أيضا في التربية والرعاية.
إلى متى وأطفالنا يعيشون في دوامة الخادمات.. إلى متى والخادمات يشغلن حيزا ليس باليسير من تربية الأطفال.. الى متى وتربية أطفالنا ورعايتهم وحتى تعليمهم هي بين أيدي الخادمات.. إلى متى وأطفالنا بين أيدي غامضة.. بين نفوس مجهولة.. ين ضمائر خالية من معنى العطف والإحساس.
الأبوان.. كل منهما يضع الملامة على الآخر... مع العلم أنهما المستفيدان الأولان من ذلك.. لما تحدثه الخادمات من راحة بدنية في العمل والحركة..
متى يعتبران..؟؟ لا نعلم.. ربما إذا حدثت كارثة أو مصيبة.. تجعل من الموقف درساً لا ينسى.. فنحن للأسف نعتبر بالدروس القاسية والمصائب الكبيرة دون أن نعطي لمصطلح الوقاية أي اهتمام..
قد يقول البعض بأنه شر لا بد منه..
قد يقول الآخر أنه يستحيل الخلاص منه..
لماذا نصدر الأقاويل دون تفكير منطقي مطول..
لماذا نطلق العبارات دون التجربة..
نعم.. وجود الخادمات في هذا الزمان أمر ضروري لترتيب أعمال المنزل.. ولكن لماذا نقحمها في أعمال التربية ورعاية الطفل..
والأدهى من ذلك عندما يكون الطفل في أحضان خادمته ووالدته مكتوفة الايدي في فراغ متواصل تبحث عن ما يضيع وقتها.. من تسلية أو زيارة أو تنزه أو أو أو..
أنا أعلم أن هذه القضية قد تم طرحها كثيراً... وسنظل نطرحها إلى أن نجد حلاً واضحاً لهذه المشكلة..
فتعدد الطرح للقضية.. وتعدد مناقشتها.. ما هو إلا بيان لأهميتها وضرورة إيجاد حل لها..
ويا ترى؟؟ كم طفل في هذه اللحظة في أحضان خادمته؟؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved