الجمعية السعودية للتوحُّد نناديكم.. نشدُّ على أياديكم
وسيلة محمود الحلبي/عضو جمعية هيئة الصحفيين السعوديين - كاتبة ومحررة صحفية

* الأطفال أحباب الله ، أمانة في أعناقنا ، وهم حلمنا الجميل وواقعنا الزاهر ومستقبلنا العظيم بإذن الله ، هم البراءة واللحن ، والسعادة والعطاء ، هم اللذة والبهجة والفرحة هم الغنوة والبسمة والانتظار..
هؤلاء الأطفال براعمنا الواعدة كم نحبهم ، وكم نحرص عليهم ، وكم نخاف على مستقبلهم ، وكم نود أن ندخلهم داخل بؤبؤ عيوننا ونخاف عليهم من حرِّ الصَّيف وبرد الشتاء ولفح الهواء والغبار ، هؤلاء الأطفال كم نبحر في عيونهم ، في أفكارهم ، في عقولهم في حركاتهم وتصرفاتهم البريئة.. البريئة...
هؤلاء هم أطفالنا أحبابنا مما أنعم الله علينا بهم.. بعضهم أصحاء وبعضهم مرضى ويبقون أولادنا رغم المرض فروحنا فداء لهم.. كيف لا وهم فلذة أكبادنا.. ومن تلك الأمراض المنتشرة حالياً في الأسر مرض (التوحُّد) أو الطفل التوحُّدي.. والله ما جلسنا جلسة نسائية إلا كان لدى احدانا مشكلة طفل أو طفلة معوّقة.. وهذا ليس عيباً فلله الحمد على ما أعطى ولكن علينا كأمهات وآباء أن لا نعزلهم عن المجتمع وأن نفتخر بهم ، ونخرج بهم إلى الأماكن العامة ونعطيهم حقهم في الحياة ..
والتوحُّد هو : إعاقة نمائية تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل ، وتسبب اضطراباً في النمو العصبي يؤثر على التطور في التواصل والمهارات الاجتماعية والتخيل وأسبابه لا تزال غير معروفة حتى الآن ، وإن كانت الأبحاث ترجح العوامل الجينية التي تأتي على بعض القدرات في المخ قبل أو خلال أو بعد الولادة.
أما صفات هؤلاء فلذات الأكباد التوحُّديين فهي تختلف من طفل إلى آخر ويمكن ملاحظة التفاعل مع الأصوات المحيطة أو النداء بما يوحي بالصمم.. قصور التواصل البعدي مع الوالدين أو الآخرين ، وقلة الاهتمام بالأشخاص المحيطين وضعف المشاركة في اللعب مع الأطفال ومقاومة الاحتضان من قبل الوالدين أو الآخرين ، ونشاط زائد ملحوظ أو خمول مبالغ فيه وتأخر أو فقدان التطور اللغوي ، ضحك أو بكاء عشوائي مع نوبات غضب شديدة في بعض الحالات ، وجود حركات متكررة وغير طبيعية مثل (هز الرأس ، الرفرفة باليدين) ، استجابات حسية ضعيفة غير طبيعية للام أو الحرارة أو الأصوات أو استجابات مبالغ فيها. اهتمامات بصرية غريبة مثل التحديق المتواصل إلى بعض الأشياء أو التركيز على جزء من شيء بدلا من الكل.
ويكون من السهل نسبياً تشخيص التوحُّد لدى الحالات من (ذوي الأداء المنخفض ويشكلون ما يقارب 25% من الحالات).
أي إذا صاحب التوحُّد تأخر ذهني شديد ، ذلك لأن سمات التوحُّد تكون أكثر وضوحاً لديهم وأما بقية الحالات التي لا تعاني من تأخر ذهني شديد فيصعب تشخيصهم إلاَّ من قبل المتخصصين ذوي الخبرة والكفاءة العالية.
ويلزم لتشخيص وتقييم الحالات وجود فريق متعدد التخصصات يضم طبيب اعصاب واخصائيا نفسيا وطبيب أطفال واخصائيا في علاج النطق واخصائي تربية خاصة وغيرهم من ذوي العلاقة برعاية فئة التوحُّد.
هذا وقد أثبتت التجارب إمكانية احداث تغير إيجابي لأنماط السلوك المصاحبة للتوحُّد متى ما تم التدخل المبكر ، وإخضاع الحالة لبرامج تربوية مكثفة وملائمة في سن مبكرة ، وبإشراف وجهود فريق من المتخصصين كمعلم التربية الخاصة واخصائي تعديل السلوك وأخصائي علاج النطق والكلام وغيرهم ، حيث يمكن علاج المشاكل التواصلية وتنمية المهارات الاجتماعية وعلاج الضعف الحسي وتعديل السلوك ، وفق برنامج تربوي فردي يعمم بمعايير تتناسب مع قدرات وحاجة كل حالة.
وقد قابلت أثناء تغطيتي لإحدى المناسبات في الرياض سمو الأميرة سميرة الفيصل آل سعود والدة طفل توحُّدي ، قابلتني بابتسامتها المعهودة وصبرها الطويل وحبها للأطفال ، حيث احتضنت الكثير من الأطفال وقبلتهم بحنان الأمومة المفعمة بالحب والعطاء.. إنها أم التوحُّديين في الرياض فمن لا يعرف الأميرة الانسانة سميرة الفيصل ؟.. لاشك ان كل طفل توحُّدي يعرفها وكل أم لديها طفل توحُّدي تعرفها.. ويعرف طباعها وما تقدمه من خدمات طيبة للأطفال التوحُّديين.. اجتهدت كثيراً في الحفل الذي حضرته ونادت بضرورة إيجاد مبالغ من المجمعات التجارية والأسواق الخيرية والمنتديات والأمسيات ، حيث يكون حضورها بسعر قليل يصب في جمعية التوحُّد لرعاية أطفال التوحُّد.. كان عملها وصوتها يصدح للأطفال المعاقين أطفال مهما كانت جنسياتهم ، هم فلذات أكباد علينا أن نطلقهم في المجتمع علينا أن نبعدهم عن العزلة المنزلية.
ونادت وناشدت جميع الأمهات اللواتي لديهن أطفال معاقين أن يعاملوهم معاملة حسنة دون حنان زائد.. وان يعطوهم حقهم في الحياة.. إنها صوت المعاقين إنها الأميرة الطيبة الحنونة سميرة الفيصل آل سعود.. ثم حدثتنا عن الجمعية وأهدافها وفرحنا بها كثيراً وحول أهداف الجمعية السعودية للتوحُّد عرفنا أنها : تهدف إلى تبني السياسات والبرامج التي تساهم في تطوير وتكثيف الخدمات الشاملة التي تحتاجها فئة التوحُّد وأسرهم ، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية والخيرية والأهلية التي تقدم الخدمات التأهيلية لهذه الفئة داخل المملكة, ويمكن اختصار الأهداف خلال المرحلة التأسيسية عبر إنشاء قاعدة معلومات حول حالات التوحُّد بكافة أنواعها والمراكز التشخيصية ، والمراكز التي تقدم أوجه الرعاية والتأهيل المختلفة لهذه الفئة في المملكة ، واعداد بروتوكول وطني موحد (طبي ، نفسي ، تربوي) للتشخيص يساهم في توحيد الإجراءات وسرعة اكتشاف الحالات واعتماده مع الجهات ذات العلاقة ، ليصبح ملزماً للجهات التي تقدم الخدمات التشخيصية والمساهمة في تنسيق الجهود المبذولة والأهلية ، والعمل على نشر الوعي في المجتمع حول إعاقة التوحُّد وأعراضها وأساليب ومراكز تشخيصها ، بما يساهم في إنجاح الجهود الهادفة لاكتشاف الحالات والتدخل المبكر وتشجيع ودعم الدراسات والأبحاث المتعلقة بمسببات التوحُّد وأساليب العلاج والرعاية والتأهيل والمساهمة في توفير البرامج التأهيلية المهنية المناسبة ، لاعداد هذه الفئة لسوق العمل وحث القطاعات الحكومية والأهلية على توفير الفرص الوظيفية المناسبة لهذه الفئة.
وتسعى الجمعية إلى المساهمة في تنسيق الجهود الخاصة برعاية حالات التوحُّد على مستوى المملكة من خلال إنشاء مركز معلومات يتضمن كافة الجهات التي تقدم الخدمات لهذه الفئة ، ويساهم في تحقيق التكامل بينها فيما يتعلق بهذه الخدمات.
كما تسعى الجمعية إلى تبني سياسة إعلامية تحقق الرفع من الوعي بقضية التوحُّد في المجتمع ، بما ينعكس إيجابا على المساهمة في التشخيص والتدخل المبكر للعلاج والتأهيل. كما تولي الجمعية الجوانب التدريبية للكوادر العاملة مع فئة التوحُّد جل الاهتمام ، حيث ستسعى لاقامة دورات تدريبية في مختلف مناطق المملكة للعاملين والمخلصين في هذا المجال ، بهدف الارتقاء بالخدمات المقدمة.
ومن الخطط المستقبلية إنشاء عدد من مراكز الرعاية والتأهيل لفئة التوحُّد في كل من الرياض وجدة والدمام ، لتقدم الخدمات المتخصصة والطبية والتربوية والتأهيلية بعد إتمام عمليات المسح والإحصائيات لعدد الحالات على مستوى المملكة وتحديد آليات الرعاية والتأهيل المناسبة بالتعاون مع كافة الجهات ذات العلاقة..
ومن هذا المنبر أدعو الجميع للدخول في عضوية الجمعيات الخيرية وجمعيات المعاقين والجمعية السعودية للتوحُّد.. للرفع من شأن أطفالنا.. أكبادنا التوحُّديين..
ويداً بيد نصفق للأميرة سميرة الفيصل صاحبة هذا الإنجاز الرائع.. ويداً بيد كلنا معها لخدمة الأطفال التوحُّديين.
* وبعد :
هؤلاء الأطفال كم نحبهم..
هؤلاء الأطفال كم نعشقهم..
هؤلاء الأطفال كم.. وكم علينا أن نعطيهم ونساعدهم فهم يستحقون منا الرعاية والحنان والعطاء.. ورودنا وزهورنا المتفتحة علينا أن لا تكون السبب في ذبولها..
* لحظة دفء :
قال قيس بن الملوح :