Wednesday 4th August,200411633العددالاربعاء 18 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الريـاضيـة"

كبد الحقيقة كبد الحقيقة
وترجّل عميد الأسرة النصراوية
خالد الدوس

بحزن بليغ وأسى شديد فُجع الوسط الرياضي قبل أيام قلائل بنبأ رحيل الأمير عبدالرحمن بن سعود - رحمه الله - أحد رواد ورموز الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى الذين ساهموا وبصورة أكثر فعالية في دعم وإثراء العملية التأسيسية للمسيرة الصفراء بعد انضمامه للخارطة النصراوية في النصف الثاني من عقد السبعينيات الهجرية حيث شكل دخوله - رحمه الله - للرياضة.. نقطة تحول في تاريخ هذا النادي العريق.. وإضافة نوعية نقلت النصر من عالم الحبو والبداية إلى عالم المجد والريادة حتى وصل للعالمية كأول فريق عربي وآسيوي ينال هذا الشرف التاريخي.. ولا غرو في ذلك فأبو خالد عشق النصر حتى النخاع وركض خلف النصر حتى أوصل النصر إلى ما وصل إليه من مكانة عالية ومنزلة رفيعة.. جعلته في طليعة الاندية السعودية.
* وعبدالرحمن بن سعود - الذي كان لوفاته وقع كبير وفُجع لموته الكثير - سيظل رغم وفاته حاضرا في الأذهان والوجدان فمثل هذا الرجل العملاق بتاريخه يبقى اسمه بالتأكيد محفوراً في الذاكرة وتتجلى شخصيته مع كل مناسبة تتعلق بمسيرة هذا النادي العملاق الذي نهض على أكتافه وصنع أمجاده وبطولاته.. فقد تكبد التعب والمشقة وسكبت منه قطرات العرق حتى جعل من فارس نجد ناديا عملاقا اشتهر على تقديم الأسماء اللامعة والمواهب الفذة حيث شكلت هذه الأجيال وعلى مدى العقود الأربعة الماضية رافداً قوياً لكافة المنتخبات الوطنية نظراً لحنكته الإدارية وخبرته الرياضية في اكتشاف المواهب ورعايتها وحمايتها.
* 40 عاماً أو تزيد مكث أبو خالد على كرسي الرئاسة الأصفر وفي كل يوم يقدم لنا الامثلة والدروس من مدرسته التي نهل من معينها الكثير من الرياضيين.. هكذا تعلم الكثير من سموه فن الإدارة وفن النقد الموضوعي والصريح وفن التواضع وفن التعامل الرفيع.. هذه سمات الرجل العصامي عبدالرحمن بن سعود - رحمه الله - المتجسدة في شخصيته الرياضية المثيرة للجدل.
* عرفته - رحمه الله - قبل خمسة أعوام وأتذكر في شهر شعبان من عام 1420هـ هاتفته طالبا إجراء لقاء عن تاريخ نادي النصر - الذي اختلف عليه الكثير من أبنائه السابقين (لاعبين وإداريين).. فلم أجد الأنسب والأكثر صراحة في ايضاح الحقيقة الصفراء الدامغة إلا عميد الأسرة النصراوية بحكم انه معاصر تلك الحقبة وكعادته فتح قلبه قبل أن يفتح بابه لضيوفه وزواره وهي عادة لمسها كل من كان قريبا منه حيث رحب بي كثيرا وتم الاتفاق على إجراء هذا الحديث.
وأتذكر عندما نشرت الحلقة الأولى عن تاريخ النصر هاتفني معاتبا عتب محب حيث طلب مني نشر الحلقة الثانية والثالثة بأسلوبه الخاص الذي اشتهر به - رحمه الله - وأخبرته انها سياسة الجريدة لها أسلوب وطريقة معينة فقال يا اخ خالد ارجو ان تبلغ مسؤول القسم الرياضي بأن ينشر أسلوبي المعروف.
وبدوري نقلت رسالته للزميل الأستاذ محمد العبدي الذي منحني الموافقة لتحقيق رغبته - رحمه الله - هكذا أبو خالد أحبه الكثير واختلف معه الكثير اختلافا أشبه بالاختلاف العابر سرعان ما يزول ويصفى القلب من تبعات ذلك فمبدأ هذا الرجل المثير دائما ان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
* ومن الأشياء التي تدل على الوفاء المتأصل في أعماق ووجدان أبي خالد أتذكر عندما سألته لماذا لا يُكرّم الأمير عبدالرحمن بن سعود الذي بنى النصر وصنع أمجاده؟ فأجاب: يا عزيزي قبل أن يُكرّم عبدالرحمن بن سعود هناك رجال ضحوا بمالهم وجهدهم ووقتهم وأسسوا هذا الكيان وهم الثلاثي ناصر بن عبدالمحسن النفيسة وزيد بن مطلق الجبعاء وشقيقه حسين بن مطلق الجبعاء. وهؤلاء الأجدر بالتكريم اللائق تقديراً لدورهم الريادي في تأسيس هذا النادي العريق.. إنها صورة تدل على وفاء وشهامة الراحل تغمده الله بواسع رحمته.
* ثمة امر آخر يدل على تواضع عميد الأسرة النصراوية.. اتذكر في نهاية حديثه معي في الحلقة الثالثة والأخيرة حرص على أن أنشر كلمته التي قال فيها:
* (أنتم في الجزيرة تلطفتم مشكورين في الحلقة الأولى وقلتم عبدالرحمن بن سعود يكتب عن تاريخ نادي النصر. ففي الواقع هذا أول لقاء أجاوب فيه على هذه الأسئلة التاريخية الموجهة لي غير ان تاريخ نادي النصر كبير جدا جدا اكبر من 200 حلقة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنا (والكلام على لسان أبي خالد) لست مؤهلا لكتابة تاريخ النصر.. نعم لست مؤهلا اطلاقا لأنني داخل هذا التاريخ بل ان المؤهل هو من يعايش الحدث ويراقبه وهناك رجال عاصروا نشأة وبداية نادينا هم الأقدر على سرد تاريخه).. انتهى كلام الفقيد.
* وفي كل الأحوال يبقى الأمير الراحل والإنسان المتواضع صاحب القلب الكبير (عبدالرحمن بن سعود) علامة بارزة في سماء الرياضة السعودية وأحد رجالها المخلصين الذين ضحوا بمالهم وجهدهم ووقتهم خدمة للشباب والرياضة على مدى عقود من الزمن كانت حبلى بالمواقف البطولية والخدمات الجليلة. تغمده الله بواسع رحمته.
* رحل طيب القلب (أبو خالد) عن هذه الدنيا الفانية بسيرة نيّرة وسمعة عطرة.. رحل وقد ترك لنا اسماً ورمزاً خالداً في صفحات تاريخ (فارس نجد) الرياضي.. رحل باني الأمجاد النصراوية الذي أعطى للرياضة جل وقته وأخذت منه صحته وماله.
* فاللهم ارحم فقيدنا عبدالرحمن بن سعود وأسكنه فسيح جناتك إنك سميع مجيب الدعاء، وأخيراً لا نقول إزاء هذا المصاب الجلل إلا... {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved