هل تحتاج إسرائيل لجاسوس في أمريكا؟؟

الإجابة نعم..
وذلك على الرغم من أن مجمل السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط هي إسرائيلية الملامح، لكن إسرائيل تطمع إلى ما هو أكثر من ذلك إلى الدرجة التي تحقق التماثل الكامل بين الرؤى الأمريكية والإسرائيلية ولا يهم إذا كانت مصالح الولايات المتحدة ستضرر من ذلك.
فالتماثل بين ما هو إسرائيلي وما هو أمريكي تجاه المنطقة لا يمنع من أن لإسرائيل طموحاتها في تماثل أكثر يصل إلى درجة التطابق وهذا أمر يتضح أحياناً في كثير من جزئيات السياسة الأمريكية التي تتبنى بشكل كامل الأطروحات الإسرائيلية والمثال الأخير هو تصريحات الرئيس الأمريكي التي جاء فيها أنه يتفهم حاجة إسرائيل لتوسعة مستوطنات في الضفة الغربية بما يتفق وما يسمى (النمو الطبيعي) للمستوطنات؛ أي أنه لا مانع للولايات المتحدة في زيادة المساكن في المستوطنات ضمن المساحات الحالية.
وهذا يتناقض مع السياسة الأمريكية المعلنة ضد توسيع المستوطنات كما جاء في خطة خريطة الطريق التي تعتبر واشنطن أحد أبرز مهندسيها.. والأمثلة كثيرة على التماثل في السياسات إلى الدرجة التي يظهر فيها بعض الأمريكيين أحياناً وهم يتبرمون من هذا التدخل في شؤونهم من قبل إسرائيل.. لكن الأمر في كل مرة لا يتجاوز التبرم.. وفي العراق الآن تنشط المخابرات الإسرائيلية تحت الغطاء العسكري الأمريكي، حيث تقوم بأعمال ذات عائد سريع من جهة الحفاظ على وتائر عدم الاستقرار من خلال تدبير الهجمات والاغتيالات وبتركيز أكثر على اغتيال العلماء والأكاديميين بغرض حرمان العراق من ثروته البشرية المتميزة في المجال العلمي.
فإسرائيل تدرك أن عليها أن تخوض صراعاً حضارياً مع دول المنطقة وأنها لكي تضمن التفوق في هذا يتعين عليها تجفيف منابع التميز العربي الأكاديمي والعلمي.. وهي تدرك أن الفرصة التي توفرها الظروف الحالية التي توجد فيها القوات الأمريكية هي فرصة لا ينبغي تفويتها، وهي في ذات الوقت تعمل على إبقاء القوات الأمريكية لأطول فترة في العراق من أجل تحقيق أهدافها، وستسعي جاهدة من خلال المؤامرات التي تحيكها في العراق أو من خلال وجودها العلني والسري في دوائر القرار الأمريكية إلى ذات الهدف، بل إن أنباء الكشف عن الجاسوس الإسرائيلي الجديد في قلب وزارة الدفاع الأمريكية تشير إلى أن إسرائيل هي التي دفعت الولايات المتحدة إلى غزو العراقي وقدمت المبررات اللازمة لهذه المسألة.
وتاريخ إسرائيل مع العراق يدعم ذلك، فإسرائيل ترى في العراق عدواً استراتيجياً ذا إمكانات لا يستهان بها ولهذا فقد سارعت في أوائل الثمانينات إلى ضرب مفاعل تموز النووي العراقي.. لقد لدغت العقرب الإسرائيلية الأمريكيين من قبل في حادثة الجاسوس جوناثان بولارد قبل عشرين عاماً وها هي أمريكا تتلقى لدغة أخرى ربما أكثر إيلاماً.. وقد نرى أزمة عابرة وربما مجرد توبيخ، ففي تاريخ هذه العلاقة ليس هناك تحولات (دراماتيكية) كبرى، بل ثبات في درجات التقارب إلى مرحلة التلاحم العضوي.